خطة لزيادة الإنتاج باستثمارات تبلغ 120 مليار جنيه
تعرضت مصر خلال الشهور القليلة الماضية إلي موجات حارة متعاقبة, وتجاوزت درجات الحرارة في بعض الأحيان الـ 45 درجة مئوية بالنهار, وهو ما شكل تهديدا لمعظم محطات توليد الكهرباء في مصر نتيجة الضغوط المتزايدة عليها في ظل تقارير يؤكد فيها العديد من الخبراء المعنيين بأن درجات الحرارة في مصر سوف تقترب من الخمسين درجة خلال السنوات المقبلة, والسؤال المهم المطروح في هذا الصدد: هل لدينا بالفعل خطط مستقبلية لمواجهة الضغوط المتزايدة علي الشبكات والمحطات الكهربائية في ضوء الزيادة الرهيبة في معدلات الاستهلاك الكهربائي خاصة أن مصر بها حاليا أكثر من 3.5 مليون جهاز تكييف.
واعترفت وزارة الكهرباء والطاقة بأنها لجأت بالفعل خلال أزمة الكهرباء إلي قطع التيار الكهربائي عن بعض المناطق لفترات تراوحت ما بين نصف الساعة والساعة, وذلك لمنع انهيار الشبكة الكهربائية, كما قامت الوزارة بمناشدة المواطنين للمساهمة في حل أزمةالكهرباء خلال أوقات الذروة مع ضرورة ترشيد الاستهلاك خاصة في استخدام أجهزة التكييف.
وأعلنت الوزارة أن هذه النسبة في الزيارة تعادل قدرات توليد لعدد من محطات الكهرباء تبلغ استثماراتها 20 مليار جنيه, علما بأن تلك الزيارة لتغطية ساعات الذروة فقط, وأنه نتيجة لهذا الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة خرجت بعض الكابلات والوحدات من الخدمة.
انتقد بعض الخبراء أداء وزارة الكهرباء مؤكدين علي أنها لجأت إلي حلول وقتية لن تكون ذا فائدة خلال السنوات المقبلة. حيث تؤكد معظم التقارير المناخية بأن السنوات المقبلة سترتفع فيها درجات الحرارة في مصر لتقارب درجات الحرارة في دول الخليج.
يوضح د. طارق سعيد أستاذ القوي الكهربائية بجامعة عين شمس أن مصر غير مؤهلة للتعامل مع ارتفاعات درجات الحرارة مثل دول الخليج. فهناك نجد أن كل الأماكن سواء المعيشية أو الأسواق أو السيارات بل وحتي أكشاك الحراسة مزودة بأجهزة تكييف, بالإضافة إلي أن التكنولوجيا والمواد التي تم استخدامها في إنشاء محطات توليد الكهرباء في الخليج مجهزة للتعامل مع أقصي درجات الحرارة وهذا ما لا تتمتع به المحطات المصرية التي لم تأخذ في حسباتها عند إنشائها التغيرات المناخية التي قد تتسبب في وقوع مصر ضمن تيارات موجات الجو الحارة.
ويضيف د. متولي الشرقاوي الخبير في مجال الطاقة لكهربائية أن مراكز التحكم سجلت أن 21 يونية الماضي كان يوما عصيبا علي الطاقة الكهربائية. حيث سجلت أحمالا وصلت إلي 222700 ميجاوات, وهي تعد الأعلي التي يتم تسجيلها بسبب الموجة الحارة التي سادت البلاد, مما أدي إلي قفزة في الاستهلاك تم تقديرها بنسبة 13.5% من الاستهلاك, ومن هنا فأن الضرورة تحتم ترشيد استخدام أجهزة مكيفات الهواء في مصر بعد أن أكدت الإحصائيات المعنية بأن كمية الأحمال التي تستهلكها أجهزة التبريد وصلت إلي 12% من الحمل الأقصي.
وعن مشروعات الربط الكهربائي سواء بين مصر والعالم العربي أو بين مصر وأوربا… يقول د. الشرقاوي إن مشروعات الربط ستأتي بالسلب علي مصر التي تقوم ببيع الطاقة والتي لو قدر الله وحدثت لها أزمة كما حدث في شهور الصيف الفائتة فلن نجد الإمكانات التي يمكن أن توفر لنا الطاقة من أية دولة.
وتري د. أماني العزام أمينة مشروع الربط الكهربائي أن هناك ضرورة لفرض رسوم عبور للطاقة بين الدول وتقدير الفاقد من الكهرباء نتيجة مرور هذه الطاقة في الشبكات الوسيطة, ومن ثم فأن مصر تبحث حاليا إقامة خط ربط كهربائي مباشر لتنظيم تصدير الكهرباء مع الاتحاد الأوربي وذلك من خلال انضمام مصر لمرصد حوض البحر المتوسط ولجنة شبكات الربط الأوربية والتي تعني بدراسات الربط الكهربائي للدول العربية الواقعة جنوب وشرق البحر المتوسط تمهيدا لإندماجها مع الشبكة الأوربية.
سألنا د. أكثم أبو العلا وكيل وزارة الكهرباء عن التخطيط لمستقبل الطاقة الكهربائية أوضح أن وزارة الكهرباء بصدد إنشاء عدد من محطات توليد الكهرباء لمواجهة مشروعات التنمية في مختلف المجالات ومواجهة الزيادة المضطرة في الطلب علي الطاقة, حيث رصدت خطة لزيادة الإنتاج بنحو 17 ألف ميجاوات باستثمارات تقدر بنحو 120 مليار جنيه مصري لمواجهة الطب المتزايد, وتستهدف الوزارة تنفيذ مشروعات جديدة خلال الخطة الخمسية 2012- 2017, حيث يقدر التمويل الذاتي من جملة الاستثمارات الجديدة بنسبة 40%, والباقي من جهات التمويل العالمية, وأضاف أن مصر تسعي جاهدة إلي تنويع مصادرها من الطاقة خاصة ما يسمي بالطاقة الجديدة والمتجددة سواء من الرياح أو الشمس أو ما يسمي بالكتلة الحيوية إلي جانب الطاقة النووية, ولعل مشروع الضبعة هو الخطوة الأولي في هذا المضمار, ومن شأن مثل هذه المشروعات أن توفر لمصر طاقة نظيفة وقادرة علي سد احتياجات الاستهلاك المحلي خاصة الصناعي والتجاري إلي جانب الاستهلاك المنزلي والذي يتعاظم بدرجة كبيرة. حيث تشير أحدث الإحصائيات إلي أن معدل الاستهلاك المنزلي خلال 2009- 2010 بلغ 39% بينما معدل الاستهلاك الصناعي خلال الفترة ذاتها لم يتجاوز 32% وأكد د. أكثم علي أن قطاع الكهرباء بحاجة مستمرة لاستثمارات ضخمة للحفاظ علي مقدراتها الحالية مع تحديثها وتطويرها إلي جانب إنشاء محطات جديدة تعتمد علي مصادر متنوعة وليس مصدر بعينه.