منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير وحتي يومنا هذا وكل خبراء المال والاقتصاد ومعهم رجال الأعمال والمستثمرون يضعون الخطط والقواعد المتينة لإنهاض الاقتصاد المصري من عثرته الكبيرة في ظل أرقام وبيانات وتحليلات تؤكد بما لا يدعو للشك أن الاقتصاد المصري يقترب من الانهيار لكنه لم يسقط بعد وذلك في ظل تدن شديد وملحوظ في معدلات نمو كافة القطاعات الاقتصادية وخاصة القطاع الصناعي والذي أشارت كافة التقارير الاقتصادية لانخفاض صادراته في الآونة الأخيرة بنسبة 40%, وسط هذه الأجواء القائمة خرج علينا وزير الصناعة والتجارة د. سمير الصياد بتصريحات بثتها وكالات الأنباء العربية والدولية ونشرتها معظم الصحف تؤكد أن الناتج الصناعي المصري لم يتدهور في ظل الأحداث السياسية التي شهدتها مصر بل زاد إلي 48 مليار جنيه مصري في الربع الثالث من السنة المالية 2010-2011 مقارنة بـ 46.2 مليار جنيه في الربع الثالث من السنة المالية السابقة. الوزير أكد أيضا في سياق تصريحاته أن صادرات مصر الصناعية خلال الربع الثالث من السنة المالية الحالية 2010-2011 لم تنخفض كما تشير بعض التقارير وإنما زادت بنسبة 17%, ومن ثم فإن الواقع- كما أكد د. سمير الصياد- يقدم مؤشرات مختلفة تماما ويؤكد أن الاقتصاد الوطني لا يزال يحتفظ بقوته وأن عجلة النمو الصناعي في البلاد لم تتأثر بأحداث الثورة. أسباب د. الصياد في تصريحاته المتفائلة تعود إلي سببين رئيسيين ذكرهما الوزير بنفسه في سياق تصريحاته وهما: حجم الصادرات السلعية التي استطاعت أن تصمد ولم تتراجع, والعودة التدريجية للطاقة الإنتاجية في العديد من المصانع إلي مستويات جيدة حيث تتراوح حاليا ما بين 60% و 70% بعد أن كانت قد بلغت 20% إلي 50% خلال شهري فبراير ومارس الماضيين.
بعيدا عن صحة أو عدم صحة الأرقام الصادرة عن الوزارة, فإن تصريحات الوزير د. سمير الصياد أثارت ردود فعل متباينة في الأوساط الاقتصادية وقد رصدتها وطنيعبر حواراتها مع العديد من الخباء الذين تحدثوا بشفافية عن قطاع الصناعة في مصر بما له وما عليه, هادفين من وراء هذه الحوارات والرؤي المتعددة النهوض بالفعل بقطاع الصناعة الذي هو بكل المقاييس قاطرة النمو الحقيقي لأي اقتصاد.
يري د. محمود حسين الخبير الاقتصادي أن تصريحات وزير الصناعة والتجارة هي تصريحات وردية تتناقص مع الوضع الراهن للاقتصاد المصري, والسؤال الذي يجب أن نطرحه هو: لماذا نلجأ إلي المعونات والمساعدات طالما أن معدل النمو الصناعي في ازدياد طبقا لتصريحات الوزير!!. علما أ معدل النمو الاقتصادي انخفض بدرجة ملحوظة منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير ويتراوح حاليا ما بين 1% إلي2%.
د. حسين يطالب بدلا من التصريحات الوردية يوضع خطط وبرامج محددة للخروج من عنق الزجاجة عن طريق زيادة دعم الصادرات المصرية بدلا من خفضها, ووضع حلول عملية لمشاكل المستثمرين في مجال الصناعة, علما بأن القطاع الصناعي هو الركيزة الحقيقية لزيادة نمو الاقتصاد الوطني.
ويتفق محمد حنفي مدير غرفة الصناعات المعدنية في الرأي مع ما ذكره د. محمود حسين بل ويؤكد أن الوضع الاقتصادي حاليا غير مطمئن نتيجة توقف العديد من المصانع وبالتالي انخفاض ملحوظ في صادراتنا للخارج, مشيرا في هذا الصدد إلي أن صادراتنا خلال 2010 بلغت وحدها من قطاع الصناعة 110 مليارات جنيه مصري, إن الوضع الراهن يتطلب بالفعل التحرك المكثف من قبل الحكومة ممثلة في وزارة الصناعة والتجارة للتيسير علي الصناع وتدليل كافة العقبات التي كانت موجودة أساسا ثم زادت عقب الأحداث السياسية الأخيرة.
وبلغة ساخرة يري د. رشاد عبده الخبير الاقتصادي المعروف أن الحكومة بها فريقان: أحدهما تشاؤمي والثاني تفاؤلي. الفريق التفاؤلي يمثله بجدارة وزير الصناعة والتجارة د. سمير الصياد ولعل تصريحاته الأخيرة بشأن قطاع الصناعة تؤكد ذلك, بينما الفريق الآخر- ولا أريد أن أقول بأنه تشاؤمي بقدر ما أريد أن أقول بأنه واقعي- يؤكد أن الأوضاع الاقتصادية سيئة بالفعل وتحتاج إلي دعم مكثف من قبل كافة الأطراف وخاصة الحكومة. المطلوب بإيجاز شديد وضع خطط طموحة لزيادة الطاقة الإنتاجية لاستيعاب المزيد من فرص العمل, خاصة أن لدينا طاقات بشرية قادرة بالفعل علي العطاء ولا تحتاج إلا للقليل من التدريب والتأهيل. إن دعم القطاع الصناعي يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح لأن هذا القطاع بملايين العالمين فيه قادر علي النهوض مرة أخري وبصورة أقوي مما كان عليه.