أزمة جديدة تضاف إلي العديد من الأزمات التي يمر بها الاقتصاد في المرحلة الحالية,ففي الوقت الذي تقوم فيه الحكومة,ببذل جهود عديدة وعلي رأسها الحملات التنشيطية التي بدأتها وزارة السياحة إلي أوربا مؤخرا وترأسها وزير السياحة زهير جرانة لتلافي ما أحدثته الأزمة المالية العالمية علي قطاعي الصناعة والسياحة,جاءت تفجيرات الحسين لتضيف عبئا آخر علي المصريين.
الخبراء أكدوا أن التأثير سيكون سلبيا علي القطاع السياحي بشكل كبير وعلي الصناعات التي تشتهر بها منطقة الحسين,مؤكدين أن البورصة المصرية سيطالها جانب من هذا التأثير السلبي خلال الأيام المقبلة,علما بأن القطاع السياحي خسر حوالي200 مليون دولار في الحادث المماثل الذي كان في منطقة الحسين في 7أبريل 2005,حسب تقديرات قالتها وزارة السياحة في ذلك الوقت.
حادث الحسين أعاد إلي الأذهان حوادث التفجير المتكررة التي تعرضت مصر لها منذ أكثر من خمس سنوات فلا يمكن أن تمحي من ذاكراتنا الضربات الموجهة للسياحة في سيناء في أكتوبر2004 والتي طالت فندق طابا وأسفرت عن مقتل 34شخصا,وبعد أقل من تسعة أشهر في يوليو2005 هزت مدينة شرم الشيخ انفجارات شديدة أسفرت عن مقتل العشرات,ثم جاء حادث الأزهر الشهير الذي تلاه حادث ميدان التحرير,وتوالت التفجيرات بهذه المناطق.
وطني في منطقة الحسين
لم يكن هناك زبائن في محل العادياتالذي يملكه نبيل غيثفي السوق الذي يعود إلي القرن الرابع عشر حين جلس يفكر في المستقبل الصعب فبدلا من الحافلات التي تنقل سائحين إلي سوق خان الخليلي امتلأت الساحة خارج محل غيث برجال الشرطة بعد يوم من الهجوم بقنبلة في المنطقة وأسفر عن مقتل شابة فرنسية وإصابة24 آخرين.
وقال غيث:طبيعي أن يؤثر هذا علينا في هذا الوقت من النهار كانت الحافلات تأتي محملة بالسائحين إلي هنا,لكن اليوم الأوضاع هي كما ترين.
أشار محللون وعاملون في صناعة السياحة إلي أن عائدات الفنادق ونسب الإشغال انخفضت,مما أجبر بعض المنشآت علي الاستغناء عن عاملين أو إغلاق أبوابها.
ويثير احتمال زيادة البطالة مخاوف الحكومة التي تعتمد علي السياحة في توفير وظائف مباشرة وغير مباشرة لنسبة 12.3% من قوة العمل والإسهام بنسبة7% من الناتج المحلي الإجمالي.
نوه محللون إلي أن البطالة يمكن أن تغذي نفس النوع من القلاقل الاجتماعية والاحتجاجات والإضرابات العمالية التي شهدتها مصر في السنوات الثلاث المنقضية حين تسبب النمو الاقتصادي السريع في دفع معدل التضخم إلي24% وهي نسبة لم تحدث منذ16عاما.
وقالت دانية درويش نائب رئيس أبحاث الأسهم في البنك الاستثماري المجموعة المالية هيرميس والتي تتنبأ بأن السائحين سينخفض عام2009 بنسبة 18% إلي 10.5 مليون سائحبإمكاننا أن نري الكثير من الفنادق وهي تستغني عن عاملين فيها,وأضافت أن معدلات الإشغال يمكن أن تنخفض إلي أقل من50%.
في خان الخليلي حيث تعج الشوارع الضيقة بالمحال التي تبيع كل شئ من المجرهرات إلي المنتجات الجلدية قال التجار,إن حركة البيع بطيئة هذا العام.وقال إبراهيم علي الذي لم يكن هناك زبائن في محله مثل نبيل غيث في اليوم التالي للهجومنحن متعودون علي الفصال لكن الناس تعودوا علي أن يشتروا في نهاية الأمر,الآن هم يساومون لكن الكثير منهم ينصرفون دون أن يشتروا أي شئ.
قال باسيلي تواضروس الذي يدير متجرا قرب المتحف المصري في وسط المدينة,إن تجارته انخفضت بنسبة حوالي40% منذ بداية الأزمة المالية هي أوربا.
أضاف باسيلي بقوله:كل عملنا مع السائحين.هذه الحوادث تحدث وفي سيئة جدا لتجارتنا ولمصر.
وقال محللون إن الهجوم-وهو أول هجوم إرهابي ضد السياح في مصر منذ عام2006- بدائي ولا يرجح أن يكون إشارة إلي عودة ظهور للتشدد الإسلامي علي نطاق واسع.
كانت الهجمات المتقطعة بالبنادق والقنابل في القاهرة عبر السنوات مرتبطة بالمتشددين,لكن أكبر جماعتين متشددين في مصر أوقفتا الهجمات بعد أن تسبب قتل عشرات السائحين الأجانب في معبد فرعوني في هجوم بالأقصر عام1997 في حالة غضب شعبية.
قال بنك سي آي كابيتال في تقرير لها,إن ذلك الهجوم تسبب في خفض عدد السائخين بنسبة13% وقال البنك,إن صناعة السياحة انتعشت بسرعة وتسببت هجمات متشددين في دول أخري في جعل أثر عدم الاستقرار في مصريقل ويكون قصير المدة.
قال مديريون في صناعة السياحة,إن البطء الاقتصادي ضرب منتجعات البحر الأحمر مثل شرم الشيخ والغردقة ومرسي علم وأن ذلك يرجع لانخفاض قيمة اليورو والروبل الروسي والجنيه الإسترليني مقابل الجنيه المصري.
أضاف رئيس مجموعة شركات سياحية في مصر,أن وكالة روسية اعتادت إحضار20ألف سائح أسبوعيا إلي البلاد تم تخفيض العدد الآن إلي ألف في الأسبوع,وحين انخفض عدد السائحين الروس حدث ذعر بين مديري الفنادق.
وفي مرسي علم حيث الاعتماد علي السائحين الروس والبريطانيين والإيطاليين أغلقت ثلاثة فنادق أبوابها,لأنها لم تستطع تغطية نفقاتها حسب ما قاله أحمد بلبع رئيس جمعية مرسي علم التي تمثل فنادق جنوب سيناء,وقال إن عائدات الفنادق انخفضت أيضا بسبب انخفاض قيمة العملات الأوربية.
تتوقع المجموعة المالية هيرميس انخفاض العائدات من السياحة بنسبة 15% إلي9.2% مليار دولار في السنة المالية التي تنتهي في يونيو المقبل وبنسبة 15% في السنة التالية.
ومع ذلك قال بعض السائحين, إن مصر التي فيها كنوز أثرية مثل قناع الذهب لتوت عنخ آمون تظل مقصدا سياحيا جاذبا برغم الأزمة المالية والتهديدات الأمنية.
من جانبه أعرب الدكتور صلاح حجاب الخبير الاقتصادي,عن دهشه مما يحدث في البلاد,مؤكدا أن الاقتصاد لن يتحمل هزه أخري أو كارثة جديدة بعد الأزمة العالمية,مشيرا إلي أن هناك تأثيرا سلبيا سيحدث بالفعل علي المستوي الاقتصادي للبلاد,خاصة قطاع السياحة الذي أصيب في مقتل بعد هذه التفجيرات,نظرا لأهمية القطاع واعتماد منطقة الحسين علي انتعاش السياحة بصورة كبيرة في ترويج منتجاتها.
أضاف حجاب أن مدي التأثير السلبي مرهون بمدي نجاح الحكومة في احتواء الأزمة,حتي لا يؤثر ذلك علي المشاريع السياحية الموجودة والاستثمارات التي تقدر بالمليارات,موضحا أن حجم الخسائر ومدي تأثر الاقتصاد بهذه الحادثة سيظهر خلال الأيام القليلة القادمة,خاصة التأثير علي الصناعات الأخري التي ترتبط ارتباطا وثيقا بمنطقة الحسين كأحد أهم الموارد السياحية في القاهرة الكبري.
ولكن ماذا يقول الخبراء المعنيون بالسياحة المصرية؟!
أكد هشام زعزوع مساعد وزير السياحة أن وزير السياحة زهير جرانة قام بوضع خطة عمل لمواجهة آثار الحادث الإرهابي عقب وقوعه مباشرة.وأن غرفة العمليات تتابع لحظة بلحظة عبر السفارات ومكاتبها الخارجية لتنشيط السياحة تداعيات الحادث المؤسف الذي وقع بمنطقة الحسين في قلب القاهرة القديمة الإسلامية.
ووفقا لتكليف وزير السياحة,فإن الغرفة تقوم بجس نبض الأسواق الخارجية المصدرة للحركة إلي مصر لمعرفة الآثار المبدئية للحادث ومخاطبة كبار صناع الحركة السياحية في أسواقهم لتوضيح الصورة الحقيقية للحادث كونه عملا فرديا لا يهدد من قريب أو بعيد أمن المقصد السياحي المصري وأمانه. ورفض المجتمع لمثل هذه الأعمال غير المسئولة.
آثار سلبية
من جانبه أكد محمد القطان رئيس غرفة السلع والعاديات السياحية,أن الحادث سوف يؤثر سلبيا علي حركة البيع والشراء بالبازارات الكائنة بمنطقة خان الخليلي القريبة من المشهد الحسيني,خاصة بعد انخفاض الحركة السياحية بالمنطقة والتي تشكو من انخفاضها,إثر تداعيات الأزمة المالية العالمية بالأساس!.
أشار القطان إلي أن الغرفة أخطرت البازارات السياحية والمرخصة 6بازارات فقط من إجمالي 300بازار يعمل بخان الخليلي عن استقبالها لأية شكاوي,مضيفا أن الخسائر لهذا الحادث معنوية مقارنة بنفس الحادث المماثل الذي وقع بالمنطقة في أبريل2005 والذي نتج عنه تدمير بعض المحال وقامت الغرفة بصرف تعويضات تصل إلي10آلاف جنيه في حينه.
أثر مضاعف علي الحركة
أكد عمرو صدقي الخبير السياحي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين للسياحة أن الحادث سوف تظهر تأثيراته علي القطاع السياحي ومردوده علي الحركة السياحية الوافدة إلي مصر بعد انتهاء وزارة الداخلية من تحقيقات أسباب الحادث.
أشار صدقي إلي أن الحادث سوف يؤثر علي نتائج الإجراءات التي يقوم القطاع السياحي العام والخاص لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية والتي أثرت علي الحركة السياحية العالمية ومنها مصر,إلي جانب أن العنصر التي كانت تتمتع به مصر لجذب الحركة إليها هو الاستقرار السياسي والأمني.
الأمل في بورصة برلين
أوضح إلهامي الزيات الرئيس السابق لاتحاد الغرف السياحية,أن تأثير الحادث لن تظهر آثاره السلبية إلا خلال الشهر المقبل والذي سيقام فيه بورصة برلين السياحية,والتي سيظهر فيها رد فعل الأسواق الخارجية علي السياحة في مصر,فضلا عن أن الحركة السياحية متأثرة بالأزمة المالية العالمية.
طالب الزيات تكاتف القطاعين العام والخاص لمواجهة تداعيات الحادث الإرهابي وتكثيف المقابلات التي تتم بينهما وبين منظمي الرحلات الأجنبية وحكوماتهم لطمأنتهم,والتأكيد علي أن الحادث عمل فردي, خاصة أن الأجهزة الإعلامية المختلفة التي نقلت الحادث بأن خسائره محدودة,علي الرغم من وجود حالة وفاة واحدة.