واشنطن, 19 مارس, 2008 _ أقدم مجلس الاحتياط الفدرالي, أي البنك المركزي الأمريكي, علي اتخاذ تدبير شديد وغير مسبوق لضخ السيولة وإشاعة الاستقرار في الأسواق المالية العالمية التي تترنح بسبب أزمة الرهونات العقارية الأمريكية.
ففي 15 و16 من الشهر الجاري عمل البنك المركزي علي تسهيل الاستحواذ علي شركة استثمارات متداعية تتخذ من شارع وول ستريت الشهير مقرا لها وخفض معدل الفائدة المستوفاة علي القروض المباشرة إلي المصارف وعرض ائتمانات جديدة علي العاملين بالأوراق المالية.
وأبلغ رئيس مجلس الإحتياط بين بيرنانكي المراسلين يوم 16 أن مؤسسته تعمل علي الترويج لأسواق مال تتمتع بسيولة وتؤدي عملها علي وجه جيد. وأضاف: أن من شأن هذه الخطوات أن توفر للمؤسسات المالية ضمانات أقوي للوصول الي الأموال.
وقد وافق مجلس الاحتياط علي ائتمانات بقيمة 30 بليون دولار لتسهيل ضم شركة جي بي مورجن تشيس العملاقة لشركة عملاقة أخري هي ”بير ستيرنز” التي تختص بالاستثمارات والتي ابتليت بأزمة الرهونات العقارية.
وقبل عدة أيام, قدم البنك المركزي قروضا مستعجلة لبير ستيرنز وهو أول إجراء من هذا القبيل حيال مؤسسة استثمارات منذ عقد الستينيات. إلا أن هذا لم يثن المستثمرين عن القيام ببيع هائل لأسهم بير ستيرنز. فقد خشي هؤلاء من أن الشركة كانت تنحو منحي الإفلاس.
وفي خطوة متصلة خلال الأيام القليلة الماضية, خفض البنك المركزي معدل فائدة الحسم مرتين. واتخذ البنك هذا الإجراء في ضوء الحالة الطارئة للوضع. ومعدل الحسم هو معدل الفائدة الذي يستوفيه البنك المركزي من المصارف الخاصة حينما تنقص هذه الأموال بصورة مؤقتة. وكانت الغاية من تدبير البنك المركزي ضمان أن يكون في متناول البنوك الخاصة ما يكفي من الأموال.
وفي ثالث إجراءاته الحاسمة خول البنك المركزي ولأول مرة شركات الاستثمار الكبري التي تتعامل بصورة رئيسية بالأوراق المالية التي تصدرها الخزانة الأمريكية أن تقترض مباشرة من البنك المركزي بمعدل الحسم المقرر. وبموجب هذه الخطة الجديدة سيكون بمقدور مؤسسات الاستثمار أن تستخدم كضمانات إضافية طائفة عريضة من الأواق المالية من فئة الاستثمار بما فيها أصول مدعومة بالرهونات العقارية. وبقبول مثل هذه الأصول التي تراجعت قيمتها الي جانب انخفاض مبيعات البيوت وأسعارها, اصبح مجلس الاحتياط الفدرالي يدعم أهلية الائتمان لهذه الأصول حسب رأي اقتصاديي القطاع الخاص.
ولا توجد حدود علي كمية القروض في هذا البرنامج الجديد.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي أعلن البنك المركزي أنه سيقدم قروضا بمبلغ 200 بليون دولار لدور استثمار كبري في وول ستريت وقرر توسعة برنامجه الخاص بالقروض القصيرة الأمد إلي كبريات المصارف التجارية.
ورغم أن الحكومة الأمريكية تفتقر للصلاحية والأدوات للتدخل مباشرة بالأسواق المالية عكف وزير المالية هنري بولسون علي المشاركة في مباحثات مع مسئولي مجلس الاحتياط والعاملين في الأسواق بخصوص السبل الفضلي لمعالجة الأزمة. وقد شارك في مفاوضات الاستحواذ علي شركة بير ستيرنز كما استشير بخصوص تدابير البنك المركزي.
وقد شدد بولسون يوم 16 الجاري أثناء ظهوره علي شاشات التليفزيون علي أن الحكومة الأمريكية مستعدة لعمل ما يلزم للمحافظة علي استقرار نظامنا المالي. وأضاف أن الرئيس بوش عازم علي الحفاظ علي استقرار الأسواق وقد ظل مطلعا علي مستجدات الأمور والتطورات.
وإذ أثني الرئيس بوش علي مجلس الاحتياط والوزير بولسون قال: ”لقد أظهرتما للعالم والبلاد أن الولايات المتحدة مسيطرة علي الوضع”.
يو. إس. جورنال