بدأ الجيش الأمريكي يوم الخميس الماضي حملة عسكرية واسعة النطاق في جنوب أفغانستان للحد من النفوذ المتزايد لحركة طالبان هناك, وتساند هذه الحملة القوات الباكستانية التي بدأت بنشر بعض قواتها علي الحدود في منطقة مقابلة لإقليم هلمند الأفغاني لمنع تسلل أي من مسلحي طالبان خلال محاولتهم الفرار من الهجوم الذي تشنه القوات الأمريكية هناك.
ويشارك في الحملة الأمريكية نحو أربعة آلاف جندي مارينز أمريكي إلي جانب 650 جنديا أفغانيا وجهاز الشرطة المحلي في ولاية هلمند, وهي تعد أوسع عملية عسكرية منذ أن وصلت التعزيزات الأمريكية هذا العام, عقب تولي الجنرال ستانلي ماكريستال مهامه كقائد لجيوش التحالف في أفغانستان.
وذكرت الأنباء أن الهجوم الأمريكي أسفر عن قتل وإصابة عدد غير محدود من مقاتلي طالبان, وأن الحملة الأمريكية لم تلق سوي مقاومة ضعيفة أثناء توجهها جنوبا, وجاء ذلك بالتوازي مع غارة باكستانية مماثلة في وادي سوات شمال غربي العاصمة إسلام أباد وفي منطقة وزيرستان الجنوبية وهي معقل للمتشددين في الجهة المقابلة لشرق أفغانستان, وذلك في إطار الهجوم الموسع الذي تشنه القوات الباكستانية علي مقاتلي طالبان _ جناح باكستان – منذ أربعة أسابيع, مستهدفة منطقة يسيطر عليها زعيم حركة طالبان باكستان بيت الله محسود, والذي يعتقد أنه وأنصاره يتحصنون في إقليم وزيرستان الجنوبي الواقع بالقرب من الحدود الأفغانية, وبدأ الهجوم في وادي سوات قبل أن ينتقل إلي مناطق أخري في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي للقضاء علي الفلول الهاربة من الضربة الأمريكية, وكذلك بعد توارد معلومات حول تهريب طالبان للجندي الأمريكي الأسير لديها إلي الحدود الباكستانية.
وأشارت جريدة نيويورك تايمز الأمريكية إلي أن حملة ##المارينز## تعد جزءا من عملية أكبر لنشر القوات الإضافية التي أمر بها القائد الأمريكي الجديد في أفغانستان, وأن التركيز في هذه الحملة لن يكون فقط علي استهداف مقاتلي طالبان لكن حماية السكان المحليين هناك, خاصة أن طالبان تسيطر علي بعض المناطق الريفية الأفغانية علي نطاق واسع للغاية مثل مقاطعتي قندهار وهلمند واستعادة هذه المناطق لن يتم إلا من خلال القتال الضاري, وأضافت الجريدة أن نفوذ طالبان قوي للغاية في المناطق الريفية للدرجة التي جعلت الكثير من السكان المحليين يقبلون حكمهم ويراقبون القوات الأمريكية في خوف.
اتفاق أمريكي-روسي
يأتي هذا في الوقت الذي أعلن فيه الكرملين أول أمس الجمعة أن الرئيسين الروسي ديمتري مدفيديف والأمريكي باراك أوباما سيوقعان خلال قمتهما المرتقبة في موسكو – والتي تبدأ غدا الاثنين وتستمر ثلاثة أيام – اتفاقا لنقل العتاد العسكري الأمريكي إلي أفغانستان عبر روسيا. وقال المستشار الدبلوماسي للكرملين سيرجي بريخودكو إن عمليات النقل ستتم جوا ولكن قسما منها سيتم برا. وأضاف بريخودكو قائلا: ##نحن (الأمريكيون والروس) نحرز تقدما جديا بشأن أفغانستان##, مؤكدا أن الرئيسين سيصدران إعلانا مشتركا أيضا حول الوضع في هذا البلد.
يذكر أن هناك اتفاقية أبرمت بين روسيا والناتو حول نقل الشحنات غير العسكرية عبر الأراضي الروسية إلي أفغانستان, ودخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2008, وفيما يتعلق بنقل الشحنات العسكرية إلي أفغانستان عبر أراضي روسيا فيجري علي أساس اتفاقات ثنائية مع الدول التي تشارك في التحالف الدولي المناهض للإرهاب في أفغانستان. وقد وقعت روسيا مثل هذه الاتفاقيات مع ألمانيا وفرنسا وإسبانيا, ويجري التحضير لتوقيع اتفاقية مماثلة مع إيطاليا. وتخشي روسيا انتقال عدوي التطرف الأفغاني المسلح إلي أراضيها مما دفعها إلي إبداء استعدادها لمزيد من التعاون في مكافحة هذا الخطر.