##النظام الإيراني محصن نسبيا من الأزمة الحالية, لذا يجب علي واشنطن أن تحرص علي عدم الاعتماد علي العقوبات وحدها لحل الأزمة النووية.##
##النظام الإيراني محصن نسبيا من الأزمة الحالية, لذا يجب علي واشنطن أن تحرص علي عدم الاعتماد علي العقوبات وحدها لحل الأزمة النووية.##
حملت كل من إدارة أوباما والرئيس الإيراني أحمدي نجاد مسئولية الهبوط الكبير الذي حصل مؤخرا في قيمة العملة الإيرانية علي العقوبات الدولية. وهذا التفسير مناسب لكليهما – فبالنسبة للبيت الأبيض يشير ذلك إلي أن استراتيجية الولايات المتحدة تجاه إيران تثبت فاعليتها; وبالنسبة لأحمدي نجاد فإن العقوبات تصرف النظر عن مسئولية قراراته السياسية وتدفعه إلي إلقائها علي كبش فداء خارجي.
ولكن كما يوضح زميلي باتريك كلاوسون إن العقوبات مسئولة جزئيا فقط عن متاعب إيران الاقتصادية. فأزمة العملات وما يرتبط بها من شبح التضخم تمتد جذورهما في سوء إدارة مبادرة الإصلاح الخاصة بالإعانة المالية التي قامت بها حكومة أحمدي نجاد. وفي الواقع أدت هذه المشكلة إلي مفاقمة العقوبات, سواء من خلال رفع تكلفة تعامل الشركات الأجنبية مع إيران أو تقليص عائدات النظام من النقد الأجنبي. كما أن التهديد المتزايد لاندلاع حرب قد لعب دورا في هذه المحنة وعمق من مخاوف الإيرانيين بشأن الاستقرار الاقتصادي وزاد من توقعاتهم التضخمية, وبالتالي دفعهم إلي التخلص من الريال والبحث عن ملاذ آمن من خلال اللجوء إلي الدولار ,الأمريكي] وعملات صعبة أخري لحماية مدخراتهم.
ومع ذلك فإن استجابة النظام الداخلية الخرقاء للعقوبات (علي سبيل المثال قراره بإنشاء ##مراكز النقد الأجنبي## التي حرضت التدافع الحالي الكبير نحو الدولار) وسياساته النقدية والمالية غير المترابطة قد جعلت الأمور أسوأ بكثير. ويمكن القول بأن هذه التطورات هي إرث سنوات عديدة من سوء الإدارة الاقتصادية في إيران, وخاصة تحت رئاسة أحمدي نجاد الذي قوض القليل من الاستقلال الذي كان يتمتع به ##المصرف المركزي## الإيراني سابقا واستنزفه من الخبرات الاقتصادية.
ومع ذلك فمن المفارقات أن النظام الإيراني محصن نسبيا من الأزمة الحالية. فعلي الرغم من أن العقوبات قد خفضت من صادراته النفطية إلا أنها لا تزال مرتفعة وتتراوح بين 1.2 الي 1.5مليون برميل يوميا, ويعني ذلك أن دخل النظام من النقد الأجنبي كبيرا حتي لو تضاءل. وأكثر من هذا إن لديه التزامات خارجية محدودة. وعلي أي حال فإن دخله من النفط مقوم بالدولار مما يحميه من مخاطر أسعار الصرف. وهذا يعني أنه كلما انحدر الريال تصبح مدفوعات النظام الثابتة المقومة بالريال أكثر رخصا من الناحية الفعلية. وفي الوقت نفسه من المرجح أن يؤدي الفساد المستشري في إيران إلي حصانة النخب وأسرها من أسوأ مشاكل البلاد الاقتصادية كالبطالة وازدياد شح الموارد.
ونتيجة لذلك فإن أزمة إيران الاقتصادية من غير المرجح أن تسبب مباشرة إلي قيام النظام بتغيير حساباته النووية. وبدلا من ذلك تعتمد العقوبات ضمنا علي الاحتجاجات الإيرانية المحلية – أو مخاوف النظام من الاضطرابات – من أجل تؤدي إلي قيام النظام بتغيير سياسته نحو التحول الاستراتيجي المنشود. ومع ذلك فبالرغم من وضع الاقتصاد الإيراني المتدهور, هناك علامات قليلة تشير إلي وقوع اضطرابات كبيرة وعدد أقل من العلامات التي تدل علي استجابة النظام لقلق الشعب الإيراني (علي الرغم من أن ذلك سوف يقلل بصورة أكبر من مكانة أحمدي نجاد ونفوذه). وعلي كل حال إن هذا النظام هو نفسه الذي لم يظهر أي ندم علي قيامه بقمع الاحتجاجات بصورة وحشية عام .2009
ويعني ذلك ضمنا أن علي الولايات المتحدة وحلفائها الحرص علي عدم الاعتماد علي العقوبات الحالية لتسوية الأزمة النووية وحدهم. ولا ينبغي علي واشنطن التخلي عن تركيزها علي العقوبات المستهدفة لصالح العودة إلي عقوبات أوسع نطاقا, التي نادرا ما تنجح في إحداث تغييرات في سياسات الأنظمة الاستبدادية. وبدلا من أن تأمل الولايات المتحدة بأنه من خلال منح ##الوقت## ,الكافي] للعقوبات الحالية ##لكي تثبت فعاليتها## وتجبر إيران علي العودة إلي طاولة المفاوضات, ينبغي علي واشنطن وحلفائها ممارسة المزيد من الضغط علي النظام والنخب التي تشكل هيكله, بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية مستهدفة إضافية, وعزلة دبلوماسية, وتعزيز مصداقية التهديد العسكري الأمريكي للنظام, ودعم المعارضة الإيرانية.
ومن غير المرجح أن تثبت العقوبات فعاليتها. وعوضا عن ذلك ولكي تنجح الولايات المتحدة في أهدافها, يجب أن تكون العقوبات جزءا واحدا فقط من خطة واسعة منسقة ومنضبطة تجلب جميع أدوات السياسة للتأثير علي هدف منع إيران من امتلاك أسلحة نووية.
فورين بوليسي