أكمل الله عمله في الخلق في ستة أيام. وأمر الإنسان قائلا:
ستة أيام تعمل, وتصنع جميع عملك, وأما اليوم السابع, ففيه سبت للرب إلهك. لا تصنع عملا ما: أنت وابنك وابنتك, وعبدك وأمتك, وبهيمتك, ونزيلك الذي داخل أبوابك. لأن في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها. واستراح في اليوم السابع (خر20:9-11). وقال أيضا: وأما اليوم السابع ففيه تستريح. لكي يستريح ثورك وحمارك ويتنفس ابن أمتك والغريب (خر23:12).
وبهذا أصبح الرقم 6 يرمز إلي كمال العمل.
سواء بالنسبة إلي الله, أو الإنسان, أو الحيوان.
ولأن العمل علي الأرض ينتهي, بعكس الراحة الأبدية التي لا تنتهي, لذلك ذكر الأصحاح الأول من سفر التكوين أن الأيام الستة قد انتهت بعبارة كان مساء وكان صباح…
أما اليوم السابع رمز الراحة الكبري, فلم يذكر أنه انتهي, ولم يقل: كان مساء وكان صباح يوما سابعا!.
وكمال عمل الفداء, يرتبط أيضا بالرقم 6.
وهكذا نصلي في الساعة السادسة قائلين:
يا من في اليوم السادس وفي الساعة السادسة سمرت علي الصليب من أجل الخطية التي تجرأ عليها أبونا آدم في الفردوس…
ونصوم يوم الجمعة من كل أسبوع لهذه المناسبة.
وإذا تتبعنا كلمات السيد المسيح علي الصليب, نجد أن الكلمة السادسة هي قد أكمل.
حتي الأرض -فحسب الشريعة- كانت تكمل عملها في ستة أعوام.
ويعطيها الإنسان راحة في العام السابع, وفي هذا قال الكتاب:
ست سنين تزرع أرضك وتجمع غلتها وأما في السابعة فتريحها وتتركها. ليأكل فقراء شعبك. وفضلتهم تأكلها وحوش البرية, كذلك تعمل بكرمك وزيتونك (خر23:10, 11).
ولهذا كانت تمام البركة في الغلات, تمثلها بركة العام السادس:
وفي هذا قال الرب: وإذا قلتم ماذا نأكل في السنة السابعة, إن لم نزرع ولم نجمع غلتنا؟ فإني آمر ببركتي لكم في السنة السادسة, فتعمل غلة لثلاث سنين, فتزرعون السنة الثامنة, وتأكلون من الغلة العتيقة إلي السنة التاسعة.. (لا25:20-22).
لذلك نحن في البركة نقول: يا من بارك في غلة العام السادس…
والوضع نفسه كان في مباركة المن في اليوم السادس.
وهكذا قال الرب عن المن (طعام الشعب في البرية): ستة أيام تلتقطونه. وأما اليوم السابع ففيه سبت, لا يوجد فيه, إن الرب أعطاكم السبت لذلك هو يعطيكم في اليوم السادس خبز يومين (خر16:26-29).
والعبد أيضا كان يكمل عبوديته في ست سنوات, يطلق بعدها.
وفي ذلك يقول الكتاب: إذا اشتريت عبدا عبرانيا, فست سنين يخدم, وفي السابعة يخرج حرا مجانا.. وإن كان بعل امرأة تخرج امرأته معه (خر21:2, 3). إن سني عبوديته تكمل في ست سنوات.
وكمال عمل الله في أمن الإنسان, يظهر في مدن الملجأ.
وفي هذا قال الرب: والمدن التي تعطون للاويين تكون ست منها مدنا للملجأ, تعطونها لكي يهرب إليها القاتل, فتعينون لأنفسكم مدنا تكون مدن ملجأ لكم, ليهرب إليها القاتل الذي قتل نفسا سهوا, مدن ملجأ تكون لبني إسرائيل وللغريب وللمستوطنين في وسطهم (عد35:6, 11, 15).
إن رقم 6 هو كمال عدد المدن التي تكون للملجأ.
رقم 6 نجده أيضا في معجزة عرس قانا الجليل.
أقصي ما وصل إليه البشر في الإعداد للمعجزة, أنهم ملأوا ستة أجران بالماء. ثم دخل العمل الإلهي في تحويل الماء إلي خمر (يو2:6).
نلاحظ أن شفاعة أبينا إبراهيم في سادوم كملت في 6 طلبات.
بعدها لم يستمر في الطلب, بل كان الموعد الإلهي (تك18:9).
نري رقم 6 واضحا أيضا في تجميل إستير كملكة.
هكذا حدث لها كما للنساء في تعطرهن, قبل دخولهن إلي الملك: هكذا كانت تكمل أيام تعطرهن: ستة أشهر بزيت المر, وستة أشهر بالأطياب وأدهان تعطر النساء (إس2:12).
كان هذا كمال ما يعمله البشر في التجميل, أما الجمال الطبيعي فهو من الله.
مضاعفات الرقم 6:
نذكر في كمال العمل البشري أرقام 12, 30, 60 وغيرها.
الرقم 12:
+ كمال العمل البشري في العهد القديم تمثل في اثني عشر سبطا هم أبناء أبينا يعقوب, هم شعب الله القديم.
+ وكمال العمل البشري في العهد الجديد تمثل في كرازة وخدمة اثني عشر رسولا من تلاميذ المسيح (مت10).
إن مضاعفات رقم 6 في الأسباط وفي التلاميذ إنما ترمز إلي كل العاملين في كرم الرب رجالا ونساء.
+ ويمثل عمل التسبيح بين السمائيين: الأربعة والعشرون كاهنا (شيخا) كما ورد في سفر الرؤيا (رؤ5:4, 10, 11), (رؤ5:8, 9).
* ويرمز الرقم نفسه (12) إلي المختومين الـ144 ألفا (12ألفا من كل سبط).
وهنا الرقم رمزي, والأسباط عبارة عن رمز أيضا.
الرقمان 30, 60:
هذان الرقمان واضحان في مثل الزارع عن الزرع الجيد.
إذ قيل عن البذار وسقط آخر علي الأرض الجيدة, فأعطي ثمرا: البعض مائة, وآخر ستين, وآخر ثلاثين (مت13:8).
فإلي ماذا ترمز عبارة 30, وعبارة 60؟
إن كلمة (ثلاثين) ترمز إلي كمال عمل البشر, فهي عبارة عن 5*6 الرقم 5 يرمز إلي البشر كما شرحنا من قبل, والرقم 6 يرمز إلي كمال العمل, فيكون 5*6 عبارة عن كمال عمل البشر.
أما رقم 60 فيرمز إلي كمال العمل البشري مضاعفا بعمل النعمة فيه مع البشر.
أما المائة فهي عمل الله, حتي دون تدخل بشري.
فهي 10*10 أي كمال في كمال..
رقم 60 ورد في الحديث عن عرش سليمان في سفر النشيد:
+ إذ قيل إن تخت سليمان حوله ستون جبارا كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب.. (نش3:7, 8). وسليمان يرمز إلي المسيح والجبابرة الستون يرمزون إلي المؤمنين الذين يجاهدون في الحرب الروحية ويغلبون وهم يطيعون وصايا الله.
فرقم 6 هنا يرمز إلي العمل البشري, ورقم 10 يرمز إلي الوصايا و6*10 أي كمال العمل بالوصايا, فالذين أكملوا العمل بوصايا الله هم الجبابرة الذين يحيطون بالعرش.
+ وعبارة ستون ملكة (نش6:8), ترمز إلي النفوس الطائعة التي تملك مع الرب.
ولما كان رقم (30) يرمز إلي كمال العمل البشري, فهو يرمز أيضا إلي النضوج, لإمكان توصيل العمل إلي كماله.
+ لذلك نجد أن الله قد أمر موسي النبي من جهة كل الذين يخدمون في خيمة الاجتماع أن يكونوا من ابن ثلاثين سنة فصاعدا (عد4:3, 23, 30, 35, 39, 43, 47).
+ وأيضا داود النبي لما رتب خدمة اللاويين عددهم من ابن ثلاثين سنة فما فوق (1أي23:3).
+ وداود نفسه الذي مسح ملكا منذ طفولته, لم يستلم الملك وقتذاك. إنما قيل عنه: وكان داود ابن ثلاثين سنة حين ملك (2صم5:4).
+ وبدأ يوحنا المعمدان خدمته وهو في سن الثلاثين.
+ بل قيل أيضا عن الرب يسوع -من جهة خدمته حسب الناموس- ولما ابتدأ يسوع, كان له نحو ثلاثين سنة (لو3:23).
ورقم (30) كما يرمز إلي للنضوج في كمال العمل البشري, يرمز أيضا إلي القوة.
+ حين أمر الملك بإخراج إرميا النبي من الجب, قيل إنه أرسل ثلاثين رجلا ليخرجوه (إر38:10).
+ ولما حدث أن صموئيل النبي دعا شاول إلي الوليمة مقدمة لمسحه ملكا, جعله علي رأس المدعوين وهم ثلاثون (1صم9:22).
+ وما أعجب ما قيل عن يائير الجلعادي أحد البارزين في سفر القضاة, أنه كان له ثلاثون ولدا, يركبون علي ثلاثين جحشا, ولهم ثلاثون مدينة (قض10:4). هذا كمال ما يصل إليه البشر من العظمة.
+ وبالمثل ما قيل عن (إبصان) وكان له ثلاثون ابنا وثلاثون ابنة, وأتي من الخارج بثلاثين ابنة (زوجة) لبنيه (قض12:9).
+ لماذا هذه الأرقام بالذات في تاريخ هؤلاء.
+ ومثلها الأرقام نفسها في أحجية شمشون أحضروا له ثلاثين من الأصحاب, فقال لهم: إن حللتم أحجبتي, أعطيكم ثلاثين قميصا, وثلاثين حلة ثياب (قض14:11, 12), وإلا فيعطونه العدد نفسه من القمصان والحلل..
ولما كان كمال العمل البشري مرتبطا بالزمن, لذلك رأينا مضاعفات الرقم 6 مرتبطة بالزمن أيضا:
فكمال اليوم عبارة عن 24 ساعة (6*4).
وكما الساعة 60 دقيقة (6*10), وكذلك كمال الدقيقة 60 ثانية, وكمال الشهر 30 (6*5), وكمال السنة 12 شهرا (6*2), كلها من مضاعفات الرقم 6.
مضاعفات أخري:
+ يعقوب أبو الآباء: آخر ما وصل إليه جهده البشري في إنجاب الأبناء (من الزوجات والجواري) هو 66 من صلبه دخلوا إلي أرض مصر (تك46:26). إنه الرقم 6 نفسه ومضاعفاته.
وأخيرا فإن كمال العمل في الشر رمز إليه الرقم 6.
كما ظهر في عدد الوحش -رقم 666 (رؤ13:18) وقال السفر إنه عدد إنسان.