يحتفل هذا العام متحف باردو الذي يعد من المتاحف الشهيرة في العالم,والواقع في ضواحي العاصمة التونسية بالذكري الحادية والعشرين بعد المائة علي إنشائه…وقد أعلن أحد مسئولي المتحف أنه يشهد عملية تجديد شاملة لجعله معلما متطورا علي خريطة السياحة الثقافية.
يخضع المتحف إلي عملية تهيئة ضخمة يقوم بها فريق تونسي فرنسي,ستسغرق قرابة السنتين وستشمل كل أجزائه طبقا للمقاييس المعتمدة عالميا ليكون في مستوي قيمته التاريخية ومكانته ضمن أعرق المتاحف العالمية.
وتأمل تونس من خلال هذا التطوير أن يتحول المتحف إلي فضاء ثقافي متكامل يرتفع عدد زواره من700 ألف زائر حاليا إلي مليون ومائتي ألف زائر في السنة لاسيما التونسيين منهم الذين لايتجاوز عددهم 5% بالمئة من نسبة الوافدين علي المتحف.
وعن التكلفة الإجمالية لأعمال التطوير فقد قدرت بـ 18 مليون دينار تونسي أي ما يعدل 13 مليون دولار,ساهم فيها البنك الدولي فضلا عن هبة يابانية عززت إمكانات المتحف بتجهيزات سمعية بصرية متطورة.
وتشمل خطة تطوير المتحف توسعته ليمتد علي مساحة20ألف متر مربع بإضافة أجنحة جديدة تبرز عمق تاريخ تونس وتشمل اكتشافات تعود لما قبل التاريخ وإلي العهد البوني والنوميدي والروماني والإسلامي,كما ستعرض 3000 قطعة أثرية ووثائق تاريخية لم يتسن التعريف بها سابقا لضيق المكان.
كما ستقام مسالك مؤمنة ومحددة ومهيأة حسب معايير دولية وبهو استقبال قادر علي استيعاب نحو2800 زائر في الآن نفسه وتركيب مصعد كهربائي لتسهيل زيارة الطوابق العلوية للمتحف.
بالإضافة إلي توفير مقاه ومطاعم وإقامة أول معرض حول الوندال إحدي القبائل الجرمانية الشرقية الذين أسسوا في القرن الخامس الميلادي دولة في شمال أفريقيا مركزها مدينة قرطاج,وقد عرفوا بأعمالهم التخريبية التي طالت الآثار الفنية والأدبية,كما سينظم معرض حولموروثنا الحضاري في المنفي في محاولة لرصد الآثار التونسية التي توجد خارج البلاد ومن المتوقع أن تتنوع نشاطات المتحف إثر انتهاء الأشغال.
وكانت وزارة الثقافة التونسية والبنك الدولي وقعا نهاية2007 مذكرة تفاهم لإحياء التراث الثقافي وتحديث المتاحف لتتلاءم مع المقاييس العالمية للجودة وتبلغ قيمة المشروع 26مليون دولار.
ويعد متحف باردو الذي أقيم جزء منه داخل قصر باي تونسإبان الحكم العثمانيالعام1888 أكبر متحف في تونس وأشهرها في العالم,وقد أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونسكوضمن قائمة التراث العالمي لما ينفرد به من كنوز أثرية لاسيما التماثيل ولوحات فسيفساء التي يتجاوز عددها4آلاف تعكس تعاقب الحضارات علي تونس.
كما أنه أقدم وأهم المتاحف التونسية أقيم منذ أكثر من قرن داخل قصر من قصور البايات,شيد الجزء الأكبر منه في منتصف القرن التاسع عشر ومازال إلي اليوم يتسم بأبهة القصور الملكية.ولقد أدخلت عليه جزئيا عدة ترميمات وتحسينات لمواكبة تضخم مجموعاته وتزايد زائريه.وتعاد حاليا هيكلته لتيسير الاطلاع علي كنوزه والتنقل في أجنحته.
يحتوي هذا المتحف علي آلاف القطع المستخرجة من حفريات أجريت في البلاد خلال القرنين التاسع عشر والعشرين,وهي مجمعة ضمن أقسام وموزعة علي حوالي خمسين قاعة ورواقا لتعطي صورة عن مختلف المراحل التي قطعتها تونس,من عصر ما قبل التاريخ إلي أواسط القرن الماضي,نذكر منها حسب الترتيب الزمني:ما قبل التاريخ,العهد البوني-اللوبي,العهود الرومانية والمسيحية القديمة مع الفترتين الوندالية البيزنطية,وأخيرا العهد الإسلامي الذي يمتد إلي عصرنا الحاضر.ولقد اكتسب المتحف الوطني بباردو شهرة عالمية بفضل مجموعة الفسيفساء التي يمتلكها والتي تعد الأثري والأكثر تنوعا وتفننا ولعل أحسن ما يمثلها اللوحات التي رسم فيها الشاعر فرجيل تحيط به ربات الفن,والتبليط الذي يمثل ديونيزوس وهو يهدي الكرم إلي إيكاريوس,أو ذلك الذي يشيد بانتصار نبتون.وما هذه إلا بعض الطرف الرائعة لكنها ليست ثروة المتحف الوحيدة.فمن بين قطع باردو المتميزة نذكر معلمهارمايونالذي يعود إلي العهد الموستيري 40ألف سنة قبل الميلاد والذي يعتبر من أول أشكال التعبير الروحاني للبشرية وهو عبارة عن كيس مخروطي الشكل يبلغ طوله 75 سم وعرضه 1.5سم ويتألف مما يزيد علي4000 قطعة من الصوان والعظام والأكر الكلسية.
وبالنسبة إلي العهد البوني تجدر الإشارة إلي درع من الذهب المصمت لمحارب من كمبانيا وأصناف من الحلي ولوحة تصور كاهنا يحمل طفلا للقربان وغير ذلك من لقي الأثاث الجنائزي المتأتية من عدة بلدان متوسطية والتي تتكون منها المجموعات اليونانية والمصرية في المتحف.
أما المجموعة اليونانية فقد شاء الحظ أن تثري بلقي اكتشفت في الأربعينيات قبالة شاطئ المهدية في حطام سفينة أغرقتها العاصفة حوالي القرن الأول للميلاد,وكانت تحمل قطع أثاث وعناصر معمارية لمنزل من منازل الأشراف في العهد الهلينستي.ومن بين التحف البديعة المنتشلة من قاع البحر تمثال برونزي يبلغ طوله1.20م.
وبالنسبة إلي العهد الروماني فإن أغلبية مجموعات المتحف تنتمي إليه:اللوحات الفسيفسائية بالطبع والتماثيل وأواني الفخار والحلي والنقود ولوازم العبادة والأشياء المألوفة الاستعمال.
ويحتوي القسم الإسلامي في إطار عربي إسلامي علي تحف تعود إلي مختلف العهود من مخطوطات وحلي ومنحوتات حجرية وخشبية وأشياء مألوفة الاستعمال محليا…كما تحتوي غرفتان صغيرتان حول صحن أنيق علي عدة أمتعة كانت تمتلكها الأسرة الحاكمة في حين تحتوي غرفة ثالثة علي مجموعة من مستلزمات الشعائر اليهودية.