قبل سبعة عقود, وفي وقت بدأت فيه قواتنا تغير مجري الحرب العالمية الثانية, سافر رئيس الوزراء البريطاني و##ينستون تشرشل## إلي واشنطن من أجل تنسيق جهودنا المشتركة. وقال خلال تلك الزيارة إن الانتصارات التي حققناها علي ساحة المعركة تثبت ##ما يمكن تحقيقه عبر تعاون البريطانيين والأمريكيين وعملهم يدا بيد## , مضيفا ##والحقيقة أن المرء قد يشعر أنه إذا واصلوا تعاونهم, فليس ثمة شيء تقريبا لن يستطيعوا القيام به, سواء في ساحة الحرب أو في مشاكل السلام التي ليست أقل تعقيدا##.
ومواصلة تعاوننا هو ما فعلناه ? ليس في ما يخص الفوز في تلك الحرب من أجل بقائنا واستمرارنا, وإنما أيضا في ما يخص بناء المؤسسات التي تدعم وتعزز السلام والأمن الدوليين. ذلك أن التحالف بين الولايات المتحدة وبريطانيا العظمي هو شراكة عاطفية, فرضها التاريخ والتقاليد والقيم التي نتقاسمها, غير أن ما يجعل علاقتنا خاصة ومتميزة ? وهي ميزة فريدة وأساسية – هو أننا نتعاون ونتعاضد في كثير من المساعي. بعبارة بسيطة: إننا نعتمد علي بعضنا البعض والعالم يعتمد علي تحالفنا.
وباعتبارنا اثنين من أقوي الاقتصادات في العالم, نقوم بالتنسيق عن كثب مع شركائنا في ##مجموعة الثماني## و##مجموعة العشرين## من أجل إعادة الناس إلي وظائفهم, ودعم جهود استعادة الاقتصاد العالمي لعافيته, والوقوف إلي جانب أصدقائنا الأوربيين في سعيهم إلي حل أزمة الديون, وكبح الممارسات المالية المتهورة التي كلفت دافعي الضرائب في بلداننا غاليا. كما أننا ملتزمون بتوسيع التجارة والاستثمارات التي تدعم ملايين الوظائف في بلدينا.
وباعتبارنا أكبر مساهمين في المهمة الدولية في أفغانستان, فإننا فخورون بالتقدم الذي حققه جنودنا في ما يخص تفكيك تنظيم ##القاعدة##, وكسر شوكة ##طالبان##, وتدريب القوات الأفغانية. ولكن ومثلما تظهر الأحداث الأخيرة, فإن ذلك يظل مهمة صعبة. ولكننا إذ نقدر التضحيات الجسام التي قدمتها وتقدمها قواتنا, فإننا مصممون علي متابعة المهمة باسمها.
وفي هذا الإطار, فإننا سنتشاور خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن الاستعدادات لقمة ##الناتو##, التي ستعقد في شيكاجو, حيث سيقرر تحالفنا المرحلة المقبلة من العملية الانتقالية التي اتفقنا عليها في لشبونة. ويشمل ذلك الانتقال إلي دور الدعم والمساندة في أفق تسلم الأفغان للمسئولية الكاملة عن الأمن في 2014, وضمان أن يحافظ ##الناتو## علي التزام دائم حتي لا تتحول أفغانستان مرة أخري إلي ملاذ لـ##القاعدة## تشن منه هجمات علي مواطنينا.
وكعضوين في المجتمع الدولي, فإننا متحدون في فرض عقوبات صارمة علي النظام الإيراني بسبب عدم احترامه للالتزامات الدولية, ونعتقد أن ثمة وقتا ومجالا للاستمرار في السعي وراء حل دبلوماسي. كما نقوم بتنسيق مقاربتنا الدبلوماسية مع الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا, شركائنا في مجموعة (5 + 1). وبينما تفرض الولايات المتحدة أشد عقوباتها حتي الآن ويستعد الاتحاد الأوربي لفرض حظر علي النفط الإيراني, فإن الاختيار بالنسبة لطهران سيصبح أكثر حدة ووضوحا: احترموا التزاماتكم الدولية أو تحملوا العواقب.
وكبلدين يدعمان حقوق الإنسان وكرامة كل الناس, فإننا سنواصل الوقوف إلي جانب أولئك المواطنين الشجعان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذين يطالبون بحقوقهم الكونية. وبعد مشاركتنا في مهمة حماية الشعب الليبي العام الماضي, فإننا ندعم الجهود الليبية لإنشاء مؤسسات ديموقراطية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة هذا العام. كما نندد بأعمال العنف المروعة التي يرتكبها النظام السوري في حق المدنيين الأبرياء, ونركز علي المهمة الإنسانية المستعجلة المتمثلة في إيصال الطعام والأدوية إلي من يحتاجونها. وبمعية شركائنا الدوليين, فإننا سنواصل تشديد الخناق علي بشار الأسد وجماعته, وسنعمل مع المعارضة ومبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان من أجل التخطيط لعملية انتقالية تعقب رحيل الأسد عن السلطة.
وكاثنين من أغني دول العالم, فإننا نتحمل مسئوليتنا كزعيمين في التنمية التي تمكن الناس من العيش في كرامة وصحة ورخاء. ذلك أنه حتي في الوقت الذي نضاعف فيه جهودنا من أجل إنقاذ الأرواح في الصومال, نستثمر في الزراعة بهدف تشجيع ودعم الأمن الغذائي عبر العالم النامي. كما نعمل علي تحسين صحة الأمهات وإنهاء وفيات الأطفال التي يمكن تجنبها. وبالتزام متجدد تجاه عمل ##الصندوق العالمي للإيدز والسل والملاريا## المنقذ لحياة الكثيرين, فإننا بدأنا نري بداية نهاية تفشي الإيدز. ومن خلال ##شراكة الحكومة المفتوحة##, فإننا نسعي إلي جعل الحكومات أكثر شفافية وقابلية للمحاسبة.
وأخيرا, وكشعبين يعيشان الحرية بفضل تضحيات جنودنا وجندياتنا, فإننا نعمل معا وأكثر من أي وقت مضي من أجل الاهتمام والاعتناء بهم عندما يعودون إلي الوطن. ومن خلال تعاون طويل المدي لمساعدة مقاتلينا الجرحي وتسهيل عودة المحاربين القدامي إلي الحياة المدنية ودعم العائلات العسكرية, فإننا نعترف بأن واجباتنا تجاه الجنود والمحاربين القدامي تظل قائمة حتي بعد وقت طويل علي نهاية معارك اليوم.
والواقع أنه لطالما أظهر جنودنا ومواطنونا ما يمكن تحقيقه عندما يتعاون البريطانيون والأمريكيون ويعملون معا يدا بيد, ومازال ذلك يمثل علاقة خاصة ومتميزة ? بالنسبة لبلدينا والعالم. ولذلك, وعلي غرار الأجيال التي سبقتنا, فإننا سنواصل تعاوننا, لأنه بفضل الإيمان بقضيتنا وإيماننا ببعضنا البعض, فإننا مازلنا نعتقد أنه ليس ثمة شيء تقريبا لا نستطيع القيام به.
واشنطن بوست