احتفلنا في الأحد الماضي بعيد القيامة, فالمسيح قام…بالحقيقة قام!وقيامته انتصار لنا علي ماضينا وفي حاضرنا وفي مستقبلنا.وتأملنا بهذه المناسبة الآيات الست الأولي من مزمور68.واليوم نتابع تأملنا فيه ,فنري أن الله ينصر شعبه عبر العصور:(آيات7-18).وذكر المرنم ثلاثة أمثلة من تاريخ بني إسرائيل عن نصرة الله لشعبه:
(أ)النصرة الأولي-نصرة الخروج:(آيات7-10).
عنما أخرج الرب شعبه ارتعدت الأرض,وقطرت السماء.كان الرب يسير أمامهم نهارا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق,وليلا في عمود نار ليضئ لهم,لكي يمشوا نهارا وليلا.أنت يارب قد ظهرت لهم عينا لعين,وسحابتك واقفة عليهم,وأنت سائر أمامهم بعمود سحاب نهارا وبعمود نار ليلا(خر13:21 وعد14:14).وعندما أعطاهم الشريعة تجلي علي جبل سيناء فصارت رعود وبروق وسحاب ثقيل علي الجبل وصوت بوق شديد(خر19:16).وترنمت دبورة وباراق بعد نصرهما قائلين:يارب,بخروجك…الأرض ارتعدت.السماوات أيضا قطرت(قض4:5) فقد صاحب المطر الغزير البرق والرعد.يسير الرب معك في كل درب تسير فيه فإذا تعبت يحملك كما يحمل الأب ابنه!
ميراثك وهو معي أنت أصلحته(آية9) فلما كان الشعب في قمة الإعياء,أمطر عليهم المن وأعطاهم السلوي (خر16:4) فأشبعهم من السماء بعد جوع,ورواهم من الصخرة بعد عطش,وقادهم بعمود السحاب والنار في طريق لم يسبق لهم أن جازوا فيها(تث8:2).
ويختتم هذا الجزء بالقول:هيأت بجودك للمساكين يا الله(آية10) فمنحهم من فرط جوده وإحسانه كل ما احتاجوا إليه,وهم المستضعفون في الأرض,الذين سامهم فرعون سوء العذاب.
(ب)النصرة الثانية-امتلاك أرض كنعان:(آيات11-14).
بعد أن عبر بنو إسرائيل صحراء سيناء,ووصلوا مشارف أرض الموعد,قال الرب كلمةحملت كل سلطانه,فجاءت النصرة في الحال لشعب قليل يحارب أمما كبيرة العدد عظيمة العتاد الحربي,فنصرهم وهم أذلة.ولما جاءهم النصر خرج جيش من السيدات يبشرن بالنصر مرنمات,كما سبق أن رنمت مريم النبية أخت هارون وموسي ترنيمةالفرس وراكبه(خر15)وكما رنمت دبورة قاضية إسرائيل بعد ذلك نشيدهاأنا أنا,للرب أترنم(قض5:3) وكما رنمت ابنة يفتاح الجلعادي بالدفوف والرقص(قض11:34)وكما رنمت نساء بني إسرائيل بعد موت جليات قائلات:ضرب شاول ألوفه وداود ربواته(1صم18:7).والنساء عادة يفرحن بالنصر,لأن رجالهن انتصرن في الحرب,ولأنهن صرن في أمان من خطورة الأعداء,ولأنهن سيقتسمن الغنائم التي عاد بها رجالهن.
ويقول المرنم:إذا اضطجعتم بين الحظائر فأجنحة حمامة مغشاة بفضة,وريشها بصفرة الذهب(آية13)وبهذا يشبه المرنم شعب الله المنتصر بالحمامة الوديعة وقد تحلت وتزينت بما ربحته من غنائم فضية وذهبية فاستلقت استلقاء المنتصر المطمئن.وسطعت أشعة شمس الصباح علي الغنيمة الثمينة فلمعت علي بشرة المبشرات بالنصر,فكان لون بشرتهن كريش الحمامة.
ثم يقول:عندما شتت القدير ملوكا فيها,أثلجت في صلمون(آية14).وربما يشير المرنم بهذا إلي موقعة حربية لا نعرف قصتها,شتت الله فيها الأعداء بعاصفة ثلجية غطت جبل صلمون,وهو جبل بالقرب من شكيم(نابلس)كانت تغطيه الغابات الكثيفة.ومعني كلمةصلمونمظلم,.ولعله استمد اسمه من كثرة أشجار غاباته وتشابكها,فصار غابة سوداء.ولكن في يوم المعركة تحول الجبل إلي بياض الثلج!.
ولعل المرنم يشير بالثلج الذي نزل علي صلمون إلي قوة الله ونقاء أفعاله,فالثلج يشير للبياض والنقاء.وقد شتت الله الملوك بقداسته وقوته ومهابته.
وقد يشير إلي تغيير قلوب بني إسرائيل بعد أن غير ظلمة متاعبهم إلي نور,وجعل القلوب الخاطئة الخائفة السوداء تبيض كالثلج(أش1:18).
وقد يشير الثلج إلي عظام جنود الأعداء البيضاء الذين سقطوا قتلي في المعركة,فتغطت بهم قمة صلمون.فيخافون من المغرب اسم الرب,ومن مشرق الشمس مجده.عندما يأتي العدو كنهر فنفخة الرب تدفعه(إش59:19).
(ج)النصرة الثالثة-اختيار جبل صهيون:(آيات15-18).
يتحدث المرنم عن نصرة داود في الحصول علي جبل صهيون من اليبوسيين,ثم إقامة سليمان الهيكل عليه.لقد كانت في الأرض المقدسة جبال شامخة يمكن أن يقام الهيكل عليها.كان هناكجبل باشانالذي يدعوه المرنم هناجبل إلوهيم(ومن معاني إلوهيم:شامخ).وكان هناك جبل حورانبقممه العالية وصخوره البركانية السوداء.وكان هناكجبل سيناءالذي كان يحتل مكانة خاصة في تاريخ بني إسرائيل لأن موسي تلقي عليه الشريعة,ولكنه كان مسكنا مؤقتا لله,غطاه السحابستة أيام(خر24:16).ولكن الله في نعمته اختار جبل صهيونبصخوره الطباشيرية,فأخذت الجبال القوية الجرانيتيةترصدالجبل الطباشيري بحسد,لأن هيكل الرب بني عليه ولم يبن عليها,وفي الهيكل حل مجد الرب.وهذا درس لنا في اختيار النعمة,فقد اختار الله ضعفاء العالم وأدنياءه ليخزي من يظنون أنفسهم أغنياء عظماء حكماء(1كو1:27-30) وهذا من عمل نعمته(أف4:8).