نتأمل اليوم المزمور الثاني والستين الذي يتحدث عن أن ثقتنا المطمئنة بالحقيقة هي بالله وحده.وكانت ترنمه جوقة الترنيم بقيادة إمام المغنين يدوثون اللاويعلي يدوثونأي علي اللحن الذي وضعه يدوثون.مثله مثلب مزمور39, 77.وكان أولاد يدوثون بوابين للهيكل الذي هو مسكن الرب(أي16:42) ولكنهم كانوا أفضل المرنمين,لأن الذي يحسن عمله يحسن تسبيحه وشكره لله.والمرنمون حسنا لا يخجلون من القيام بأية خدمة للرب,وشعارهم اخترت الوقوف علي العتبة في بيت إلهي علي السكن في خيام الأشرار(مز84:10).
يتميز هذا المزمور بورود كلمةإنماست مرات,أربع منها عن الله,هي:إنما لله انتظرت نفسي(آية1).إنما هو صخرتي(آية2).إنما لله انتظري يا نفسي(آية5).إنما هو صخرتي(آية6).ومرتان عن أعداء المرنم:إنما يتآمرون(آية4).إنما باطل بنو آدم(آية9).وتحتمل كلمة إنمامعنيين:بالتأكيد أو بالحقيقةكما تعني وحدهفدواد يقول إنه بالتأكيد سيجوز الأزمات ويفوز بعون الله وحده,ولذلك يضع ثقته في الله وحده.
عندما كان شاول يطارد داود ليقتله جاءه صديقه يوناثان بن شاولوشدد يده بالله(1صم23:16).وعندما غضب وثار أصحاب داود عليه وأرادوا أن يرجموهتشدد بالرب إلهه(1صم30:6).والمزمور تعبير شعري عن الثقة الجميلة المطمئنة بالرب خصوصا في أوقات اليأس.وما أشد حاجتنا هذه الأيام للثقة الصادقة المطمئنة بالرب.
1-الثقة الصادقة هي التي تنتظر الله:إنما لله انتظرت نفسي.من قبله خلاصي(آية1).ينتظر المرنم الله الذي يحقق وعوده.كما قال عنه موسي:فاعلم أن الرب إلهك هو الله الإله الأمين,الحافظ العهد والإحسان للذين يحبونه ويحفظون وصاياه إلي ألف جيل(تث7:9).وقال عنه يشوع:لم تسقط كلمة من جميع الكلام الصالح الذي كلم به الرب بيت إسرائيل,بل الكل صار(يش21:45, 23:14).وقال عنه سليمان:مبارك الرب الذي أعطي راحة لشعبه حسب ما تكلم به عن يد موسي عبده(1مل8:56)وقال عنه بولس:أمين هو الله الذي به دعيتم إلي شركة ابنه,يسوع المسيح ربنا(1كو1:9).وتتحدث رسالة العبرانيين عن وعد الله لشعبه وقسمه لهم,ثم يقول:حتي بأمرين عديمي التغير(هما الوعد والقسم)لا يمكن أن الله يكذب فيهما,تكون لنا تعزية قوية,نحن الذين التجأنا لنمسك بالرجاء الموضوع أمامنا(عب6:18).
وفي انتظار المرنم للرب يعلن ثقته أن الخلاص آت لا شك فيه,وفي الانتظار أيضا تأمل بهدوء وخشوع,إذ يتذكر المرنم معاملات الله السابقة معه,وفيه أيضا راحة,لأن القلق يفارق الإنسان الذي يسكب قلبه أمام الله.لقد أعد الله لنا الخلاص,ويجهزنا ويحفظنا للخلاص المستعد أن يعلن في الزمان الأخير(1بط1:5).
والمرنم ابن ينتظر أباه باطمئنان الواثق وتوقعه,مرددا مع المسيح:يا أبتاه,إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس.ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك(لو22:42).وهو ينتظر كتلميذ يتعلم من أستاذه,جالسا عند قدميه يصغي لكلمات النعمة الخارجة من فمه,كما كان التلاميذ يتبعون المسيح,يتعلمون من كلماته,وإجاباته,وأفعاله,وردود أفعاله.وهو ينتظر كإناء في يد الفخاري الأعظم يشكله ويجمله(إر18:4).وهو ينتظر كعبد لله تتجه عيناه نحو يد سيدهكما أن عيون العبيد نحو أيدي سادتهم.كما أن عيني الجارية نحو يد سيدتها,هكذا عيوننا نحو الرب إلهنا حتي يتراءف علينا(مز123:2).فالعيون تشخص إليه عالمة أنهالقادر أن يفعل فوق كل شئ أكثر جدا مما نطلب أو نفتكر,بحسب القوة التي تعمل فينا(أف3:20).
2-الثقة الصادقة هي التي تطمئن بالله:إنما هو صخرتي وخلاصي,ملجئي.لا أتزعزع كثيرا(آية2).تشجع داود وانتظر الرب مطمئنا لأنه يثق في محبة الله له,وفي توقيته الرائع ليعطي البركة.وانتظر الرب لأنه القوي القادر أن يحقق وعوده.وتتضح هذه الثقة من الصفات الثلاث التي يطلقها علي الله:
(أ)الله صخرة المؤمن المطمئن:إنما هو صخرتي.مرتفع,أمين,لا يتغير,ثابت,نجد فيه الحماية له يقول إشعياء:يارب,أنت إلهي أعظمك.أحمد اسمك لأنك صنعت عجبا…كنت حصنا للمسكين.حصنا للبائس في ضيقه.ملجأ من السيل.ظلا من الحر(إش25:1, 4).أصعدني من جب الهلاك,من طين الحمأة,وأقام علي صخرة رجلي.ثبت خطواتي(مز40:2).
(ب)فيه وبه الخلاص:إنما هو..خلاصي.من قبله خلاصي(آية 1ب).يخلص من المرضجميع المرضي شفاهم(متي8:16).ويخلص من الضيق ملاك حضرته خلصهم(إش63:9).أما خلاص الصديقين فمن قبل الرب,حصنهم في زمان الضيق(مز37:39).ويخلص من القلق:فلا تهتموا للغد,لأن الغد يهتم بما لنفسه.يكفي اليوم شره(متي6:34).ويخلص من الخطيةلأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك(لو19:10).وهو يخلص دائما:من الماضي بالغفران,وفي الحاضر بالتقديس,وفي المستقبل يكمل الخلاص بدخول عبده الواثق إلي مجده الأبدي.
(ج)إنه الملجأ:ملجئيالوحيد الذي يحمي اللاجئ إليه.إنه ملجأ منيع لمن يريد الإنقاذ والاحتماء من بحر هائج وأمواج مرعبةفلا أتزعزع(آية6).وبعد أن أنقذ الرب داود من أيدي كل أعدائه,ومن يد شاول,قال:الرب صخرتي وحصني ومنقذي.إله صخرتي به أحتمي.ترسي قرن خلاصي.ملجئي ومناصي.مخلصي,من الظلم تخلصني(2صم22:1-3).