بعد أن إندلعت ثورة التحرير وقف العالم كله مبهورا بروعة الأداء وانضباط السلوك ووضوح الأهداف المشروعة…وقبل كل هذا بشعارسلمية…سلمية وتصادف زيارتي لأوربا في بداية الثورة وقوبلت في كل مكان بتكريم وحفاوة لمجرد أني مصري.
ومرت الأسابيع وبدأ التفكك والتشرذم وظهرت شخصيات من المجهول لتتصدم المشهد وتلتهم جزءا من الكعكة أو كلها تحت مسميات مختلفة منها أحزاب وهمية…وما كان مستحيلا أصبح ممكنا فكونت الجماعات والجمعيات الإسلامية هي الأخري أحزابا بمسميات عصرية جذابة.
وليس هذا كافيا فبدأت مظاهرات لمطالب فئوية من الموظفين والعمال وطالبي المساكن وحتي الفلاحين الذين انقسموا هم أيضا إلي جناحين مختلفين أحدهما في ميدان التحرير والآخر في استاد القاهرة وذلك يوم الجمعة قبل الماضي المشئوم.
الأغرب من هذا كله أن الشارع المصري بدأ ينظر بتطلع وانبهار إلي الزعيم التركي رجب أردوغان باعتباره منقذ الشرق الأوسط وراعي المصالح الفلسطينية لمجرد أنه يداعب إسرائيل بخشونة فطرد سفير إسرائيل وقطع التعاون العسكري…علما بأن العلاقات الاقتصادية العميقة والواسعة بين تركيا وإسرائيل لم تمس وتسير علي قدم وساق.
وعلينا أن نتذكر أن إسرائيل هاجمت سفينة تركية في المياه الدولية وقتلت تسعة أتراك ولم يهاجم الأتراك سفارة إسرائيل في أنقرة…وفعلنا نحن عكس ذلك تماما بسبب سقوط خمسة شهداء من جنودنا البواسل واستشهد سادسهم في المستشفي منذ أيام, والقضية لاتزال موضع تحقيق عن الأسباب, فقامت الجماهير المنفلتة بالخروج علي المواثيق الدولية واقتحمت سفارة دولة أجنبية هي إسرائيل.
ونحن في الانتظار لنعرف كيف سيناور أردوغان في زيارته لمصر ليستخدمها رغم كبوتها وتفككها ذراعا لبسط النفوذ التركي في الشرق الأوسط.