إصدار قوانين لمكافحة العنف الطائفي وازدراء الأديان وحرية الاعتقاد وحظر تولي أي وظيفة علي أساس ديني والإسراع في إصدار قانون دور العبادة الموحد وتسهيل الموافقات الأمنية علي بناء وترميم الكنائس .. كانت من أبرز المطالب التي رفعها المتظاهرون من الأقباط تنديدا بتفجير كنيسة ##القديسين## بالإسكندرية. لكن الآراء تضاربت حول المظاهرات التي شهدتها مختلف محافظات الجمهورية بين مؤيد ومعارض لاسيما في ظل وجود طاقة غضب واحتقان شديد عبرت عنها بعض التظاهرات. فهل يمكن أن تحقق المظاهرات خطوات متقدمة في طريق حصول الأقباط علي حقوقهم؟! و ما الذي ينقص التظاهرات الحالية لكي تكون أكثر تأثيرا؟! وكيف يمكن توعية الشباب بأهمية التعبير عن الرأي ولكن دون الإساءة للآخرين؟
قال سيد عبدالعال أمين عام حزب التجمع: نحن أمام حدث لا يعالجه الكلام والوصف بأنه حادث أليم ومفجع فقط أو الإدانة والشجب له, لكن يجب الانتباه لأن مثل هذه الأعمال الإجرامية تستهدف أمن الشعب كله. لذلك فمن الأهمية بمكان وجود التظاهرات السلمية والمنضبطة للضغط بهدف الحصول علي الحقوق, فأنا أؤيد بشدة التظاهرات وأن يشترك فيها المسلمون مع المسيحيين للمطالبة بمطالب المسيحيين المصريين, ولكني في ذات الوقت ضد العنف بكل الصور فالتظاهرات يجب أن تكون معروفا مسارها وألا تحمل شعارات دينية بالأساس وإنما مطالب حقيقية وشرعية للأقباط.
استطرد عبدالعال: هذه التظاهرات تفرض علي الحكومة مراجعة هذا الملف بحكمة والانتباه إلي أهمية إصدار بعض القوانين التي تحد من الاحتقان ومنها قانون بناء دور العبادة الموحد, وأن يكون تولي المناصب القيادية في الدولة علي أساس معيار الكفاءة وليس الديانة فيجب ألا يكون هناك تمييز في المناصب القيادية.
أما الدكتور ثروت باسيلي عضو مجلس الشوري, ووكيل المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس, قال: أفضل أن نصلي ونحول طاقة الشباب إلي توجه روحي, فالصلاة تأتي بنتائج أفضل من المظاهرات التي تضعنا في امتحان صعب خاصة إذا قام بعض الشباب المتهور بأعمال تخريبية, ثم بعد ذلك يقبض عليهم وندخل في مشكلات أخري نحن في غني عنها مثلما حدث في العمرانية.
ويختلف معه في الرأي الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ويقول: المظاهرات الأخيرة تمثل تغيرا نوعيا في سلوك المسيحيين, وهي تعبر عن رفض الأجيال الجديدة لوضعهم الحالي في ظل حقوق المواطنة المنقوصة كما أنهم يحملون النظام الحاكم والحكومة بشكل مباشر عدم حصولهم علي حقوق المواطنة.
و يؤكد د. جاد: أننا أمام جيل جديد من الشباب المسيحي لم يعش الحياة المشتركة مثلما كانت في الستينيات, ولكنه نشأ في جو مشحون طائفيا, كما أن هذا الجيل لا يوجد لديه الحسابات التي لدي الجيل الأكبر. وبالتالي هو جيل غاضب ورافض ولا يخاف ويري أنه إما أن يعيش بالدولة كمواطن له حقوق أو أن يعبر عن رفضه وغضبه. وقد ظهر ذلك بوضوح منذ أحداث العمرانية .
ويضيف د. جاد: تعاملت الدولة مع غضب الأقباط في الآونة الأخيرة باستهانة, فخرج الأقباط في تظاهرات في الكنائس والكاتدرائية, وبعد ذلك إلي الميادين , وحينما لم يتم الالتفات إلي مطالبهم قطعوا الطريق في بعض المظاهرات. ومن أبرز الأشياء التي أغضبت الشباب أنهم لم يجدوا تحركا ملموسا من قبل الدولة إزاء أحداث الإسكندرية, فمثلا في الحادث الإرهابي بالأقصر في التسعينيات قام الرئيس مبارك بالذهاب إلي مكان الحادث مباشرة وأقال وزير الداخلية آنذاك. لذلك اعتقدوا أن الدولة لم تقم بالتعامل مع الأزمة بجدية. فالمظاهرات تعتبر رد فعل طبيعيا لسياسات الدولة في التجاهل وإنكار المشكلات, كما تعد مؤشرا إيجابيا في خروج الشباب القبطي إلي المجتمع والتعبير عن حقوقة كمواطنين مصريين. والأمن لا يستطيع أن يفعل مع المتظاهرين كما حدث في العمرانية, فالمظاهرات بعد أحداث الإسكندرية ومع زيادة أعداد الضحايا والمصابين ووجود مجتمع دولي يتابع القضية بالإضافة إلي الإدانات الدولية, فالأمن مغلول الأيدي مع المتظاهرين.
وبالنسبة للمرحلة المقبلة يقول جاد: أتمني أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية للتغيير وأن يكون هناك قرارات بإلغاء كافة الملامح الدينية بالدولة لتصبح دولة مدنية أساس الحكم فيها مدني.
الدكتورة سامية قدري – أستاذة علم الاجتماع السياسي بكلية البنات بجامعة عين شمس, قالت: إن التظاهر هو حق من حقوق الناس في تعبيرهم عن رأيهم بطريقة سلمية. وهو مظهر صحي في المطالبة بالحقوق لكن يجب أن يكون عندنا ثقافة التعبير عن الرأي دون عنف حتي نحصل علي حقوقنا. ففي أي دولة أو مجتمع المفترض أن تكون حرية الرأي مكفولة للجميع وهي مرتبطة بالديموقراطية ونحن للأسف لا يوجد لدينا ديموقراطية حقيقية. فنحن لا يمكننا أن نقول للناس ألا يتظاهروا لكن يجب أن يكون التظاهر بشكل حضاري حتي لا يساء استخدام هذه الحرية ##التظاهرات## وإلا ستعود بتداعيات سلبية عليهم وعلي الآخرين.
وتستطرد: يجب أن نقول للشباب كيف يتظاهرون ويعبرون عن آرائهم, بالإضافة إلي أننا علينا أيضا أن نتحمل بعض الآثار السلبية لهذه الاحتجاجات, فالشباب القبطي لديه غضب وكبت سنوات طويلة لذلك يجب أن نلتمس لهم العذر من كثرة تعرضهم للظلم والعنف علي عدة مستويات تعليمية واقتصادية.. إلخ فالذي يحدث الآن هو نتيجة تراكمات السنين.
ولكن هذا لا يبرر استخدام العنف في التظاهر بل يجب أن تكون التظاهرات بأسلوب متحضر يتفق مع تعاليم الكتاب المقدس ##اغضبوا ولا تخطئوا##.