تجسد الله وسط البشر هو فرح وشركة ومقاسمة بين الإله والإنسان, فالبشارة لمريم العذراء بتجسد المخلص, وهو سيد الخلاص والتاريخ, والعذراء تقبل بفرح ورضي, والسلام الذي قال لها الملاك السلام عليك يا متلئة نعمة الرب معك ويعني الله يريد أن يفرح ويشارك البشر في حياتهم, وهذا هو الحب الحقيقي.
والعذراء بقبولها ها أمة للرب تقبل الفرح تفتح قلبها لقبول العطية لتشارك وتقاسم البشرية جمعاء في تصميم الخلاص, وهكذا الميلاد دخل الإله في سر شركة مع الإنسان, والشركة تفرض التعاون المتبادل بحب.. وإخلاص.
لكن نحن بأشد الحاجة إلي الفرح والمشاركة بمناسبة عيد الميلاد المجيد, والإنسان الواعي المؤمن الذي يعرف قراءة الأحداث علي ضوء الإيمان ويقول الكتاب المقدس اذهب وكل خبرك بفرح واشرب خمرك بقلب لسرور لأن الله رضي عن أعمالك (جا 9: 7).
عيد الميلاد له علاقة قوية بالفرح والمشاركة وهذا هو عطية من الله ولذا نرنم في القداس هذا هو اليوم الذي صنعه الرب, فلنفرح ونتهلل وبهذا الفرح هو ابتهاج ومشاركة للرب معنا, ابتهاج وتهلل بسبب محبته وتجسده وصلاحه ورحمة كما يقول المرنم أفرح برحمتك وأبتهج (مز 31: 8) وكما تقول العذراء مريم في زيارتها لليصابات تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي (لو 1: 47) وكما يقول المزمور تبتهج نفسي بالرب وتفرح وتهتف عظامي من داخلي, من مثلك أيها الرب (مز 35: 9).
هذا الفرح يتجدد بالميلاد لأنه عطية من الله لنا وتجسده علي الأرض هو مشاركة في حياتنا, فلا عجب أن البشير لوقا يرد كثيرا عن الفرح الذي سيحمله مولد المعمدان والفرح عندما يلحق وهو في أحشاء أمه بالرب وهو في أحشاء العذراء والفرح الذي يعلنه الملاك ابتهجي يا مريم والفرح والمشاركة من الرعاة في بيت لحم ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب (لو 2: 10).
وعندما سافرت مريم مسرعة إلي قرية عين كارم لزيارة اليصابات الحامل بالمعمدان والعذراءحامل بيسوع وممتلئة من الروح القدس لتشارك اليصابات الفرح الحقيقي الذي قبلته من الله لتشهد بإيماتها بخدمة اليصابات العجوز والتي في أشد الحاجة إلي المساعدة والخدمة, فالإيمان هو الخدمة ولا يخفي تحت المكيال, بل يشارك الجميع والآخرين, ليفرح الكل.
هذا من أهم واجبات الكنيسة الخادمة المحبة, والتي قبلت عطية الإيمان في تجسد الإله وسط البشر لا تحفظ لنفسها هذه العطية بل ينبغي نقلها إلي جميع الناس, وهذا ما حققه رسول الأمم بولس يفرح عندما يراهم قلبا واحدا وروحا واحدا, وفرح جميع الإخوة فرحا عظيما (أع 15: 3).