ما هي فاعلية القيامة في حياتنا؟
حياة الإنسان لا تنتهي بالموت, إنما لها امتداد كيف نقوم؟ هل بنفس هذا الجسد؟
في مناسبة عيد قيامة السيد المسيح نود أن تكون لنا بعض تأملات في القيامة ودلالتها وما تركته من تأثير في حياة البشرية كلها وكيف فتحت أمام الناس أبواب الأبدية وكيف غيرت من خلق الناس وطباعهم وأعطت معني للحياة فما هي القيامة بل قبل هذا: ما سر الحياة والموت.
عندما خلق الله الإنسان خلقه للحياة.. نفخ فيه نسمة حياة, فصار نفسا حية.
وصار الخلود من طبيعة الإنسان, أما الموت فهو دخيل عليه.
إنه نتيجة للخطية, وليس من صفات الطبيعة البشرية, التي خلقها الله علي صورته ومثاله, كشبهه.
لذلك عندما ساد الموت علي العالم, كان هذا شيئا غريبا ومحزنا.
وإذا أراد الله أن يرد الإنسان إلي رتبته الأولي, كان لابد أن يرد إليه صفة الحياة, ويرحعه إلي الخلود, وينقذه من الموت, فلا يعود يسيطر علي طبيعته.
وفي قيامة المسيح انتصرت الطبيعة البشرية علي الموت وبالقيامة دخل الإنسان إلي الخلود.
كان السيد المسيح ـ كابن للإنسان ـ مثل البشرية في كل شيء في موته مات عنا, ودفع عنا أجرة الخطية التي هي موت.
وفي قيامته, وعن طريقه, انتصرت طبيعتنا علي الموت.
إننا نفرح بقيامة السيد المسيح لأنها قيامتنا كلنا…
بها أدركنا أنه لا موت بعد اليوم, ولا فناء, أقصد لا استمرار للموت. إن حياتنا أصبح لها طابع الدوام والاستمرار. لقد عاد آدم نفسا حية كما كان..
إن القيامة هي الحلم الذي كان ينتظره الآباء, ويرقدون علي رجائه.
وما أكثر الأفراح التي جلبتها القيامة بالنسبة إلي البشر
إنها تعطي رجاء في حياة أخري بعد الموت, وتظهر أن حياة الإنسان لها امتداد في العالم الآخر, وامتداد إلي غير حد.. إلي الأبدية.
وهذا الامتداد هو إلي حياة أفضل من حياتنا هذه.
سنقوم بأجساد نورانية روحانية
نقوم بنفس هذا الجسد, ولكن في مجد, في حالة من التجلي تتجلي به طبيعتنا, كما رأي التلاميذ علي جبل طابور.
نقوم بجسد لا يعرف الفساد بطبيعة روحانية, بجسد لا يتعب ولا يمرض, ولا يتألم, ولا يجوع ولا يعطش, ولا يخضع للشهوات المادية, ولا ينحل فيما بعد, ولا يموت.
نقوم بأجساد تخلصت من سيطرة المادة. نقوم علي شبه جسد المسيح الممجد في قيامته..
بل ما أجمل قول الكتاب في قيامتنا, أننا سنكون ملائكة في السماء..
وهكذا فإن القيامة قد رفعت من قيمة الإنسان ونوعيته..
إنه بالقيامة يتميز ويمتاز عن كل الكائنات الحية الأخري, التي حينما تموت لا تقوم مرة أخري.
إن قصة الحياة علي الأرض قصيرة جدا, إذا ما قسمت بالأبدية التي لا نهاية لها.. ولو كانت حياتنا هي هذه الفترة القصيرة علي الأرض, إذن ما كان أقصرها وأتفهها.
وبالقيامة أصبحت لحياتنا علي الأرض أهداف روحانية..
والهدف الروحي لحياتنا الأرضية, هي إعداد أنفسنا للأبدية السعيدة, وذلك بتنقية القلب والفكر والروح والجسد لكيما نكون مستحقين بالإيمان أن نحيا هناك, في عشرة الله وملائكته وقديسيه.. لأنه لا شركة مطلقا بين النور والظلمة.
لو كانت الحياة قاصرة علي الأرض, لانتشرت مادية الأبيقورين الذين كانوا يقولون لنأكل ونشرب, فإننا غدا نموت. وإذن لانتشرت الشهوات والملاذ الخاطئة, كما يتمتع الإنسان بكل ما يستطيعه خلال فترة حياته علي الأرض..
إن القيامة جعلتنا نعمل للتأهل للحياة الدائمة. وهكذا أصبحت لحياتنا قيمة, وأصبح لها هدف نسعي إليه.
وبالقيامة زال من قلب الإنسان كل خوف من الموت.