اليوم تكون معي في الفردوس (لو 23: 43)
أسقف الشباب
نزول نفس السيد المسيح الإنسانية إلي الجحيم
نعم… نزلت نفسه الإنسانية -المتحدة بلاهوته- إلي الهاوية, فلما أراد الشيطان أن يقبض عليها مثل الأنفس الأخري, فوجئ بأنها متحدة باللاهوت, فصعقه تيار اللاهوت, فسقط صريعا تحت قدمي الرب, وأخذ الرب أنفس الأبرار, ودخل بها ظافرا إلي الفردوس. وبالطبع سجد الملاك الحارس للفردوس عند قدمي السيد المسيح, وتركه يفتح باب الفردوس, ويدخل بالأبرار إلي هناك, ومعهم اللص اليمين التائب, الذي كان الرب قد وعده منذ ساعات قائلا: اليوم تكون معي في الفردوس (لو23:43).
- لهذا يقول معلمنا بولس الرسول عن السيد المسيح: إذ صعد إلي العلاء سبي سبيا (أي سبي المسبيين) وأعطي الناس عطايا (أف4:8)… ويكمل قائلا: وأما أنه صعد, فما هو إلا أنه نزل أيضا أولا إلي أقسام الأرض السفلي (أي الجحيم). الذي نزل هو الذي صعد أيضا فوق جميع السماوات, لكي يملأ الكل (أف4:6-7).
- ولهذا نقول في القداس الباسيلي: أحب خاصته الذين في العالم, وبذل ذاته فداء عنا, إلي الموت الذي تملك علينا, هذا الذي كنا ممسكين به (أي الموت) مبيعين من قبل خطايانا, نزل إلي الجحيم من قبل الصليب.
- ولهذا نرتل في قداس القيامة: سبي الجحيم سبيا, وحطم أبوابه النحاس وكسر متاريسه الحديد كسرا, وأبدل لنا العقوبة بالخلاص, وأعاد آدم إلي الفردوس بفرح وبهجة ومسرة (لحن يا كل الصفوف السمائيين الذي نزف به أيقونة القيامة في الدورة, في قداس عيد القيامة).
- وأصبح الذي يحدث الآن, أن كل من تنطلق نفسه من جسده, ويكون تائبا ومؤمنا مستعدا, تذهب نفسه إلي الفردوس في نفس يوم خروجها من الجسد, كما قال للص التائب: اليوم تكون معي في الفردوس (لو23:43).
- وهنا يظهر خطأ شائع عند البعض, يتصورون أن نفس المتوفي البار, تظل حائرة حتي اليوم الثالث, إذ يظنون أن هذه الصلاة (صلاة الثالث) تسمي صلاة صرف الروح بمعني صرف روح الميت, بينما حين يصلي صلاة الثالث لصرف روح الحزن, ولهذا تسمي صلاة طي الحصير, أي أن يذهب الناس إلي أعمالهم, وتسير الحياة بطريقة طبيعية.
ومن الفردوس إلي الملكوت
وبعد فترة لا يعلمها أحد سوي الله, يأتي يوم القيامة العامة, وتقوم الأجساد من القبور, إذ ترجع إليها الأنفس بقوة الله, فيقوم الأبرار إلي قيامة الحياة, والأشرار إلي قيامة الدينونة, تحقيقا لوعد الرب: لا تتعجبوا من هذا فإنه تأتي ساعة فيها جميع الذين في القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلي قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلي قيامة الدينونة (يو5:28-29).
- ألم يقل الكتاب: ومتي جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس علي كرسي مجده… ويقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم… ويقول أيضا للذين عن اليسار: اذهبوا عني يا ملاعين إلي النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته… فيمضي هؤلاء إلي عذاب أبدي والأبرار إلي حياة أبدية (مت25:31-46).
ماذا في الملكوت؟
أكاليل معدة للغالبين, نذكر منها:
1- إكليل القداسة: حيث لا خطيئة في ملكوت السموات بل حياة بارة, بأجساد نورانية مقدسة, لا تخطئ أبدا.
2- إكليل الفرح: حيث يسمع الفائز صوت ابن الله: ادخل إلي فرح سيدك (مت25:21).
3- إكليل الشركة: حيث نترنم مع الملائكة والقديسين والقديسات, بتسابيح الفرح الدائم (رؤ14).
4- إكليل الخلود: حيث نحيا مع الله في خلوده الأبدي, الذي يهبه لنا من فرط محبته!.
***
هذه بعض عطايا القيامة
ليتنا نتعرف عليها, ونحياها منذ الآن كعربون, قبل أن نحياها إلي الأبد, كحقيقة في الملكوت.