ينص الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة, التي وضعهابرنامج الأمم المتحدة الإنمائي, عليمبدأ المساواة بين الجنسين, الذي يعني القضاء علي كافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات في التعليم وسوق العمل, ومكافحة العنف والاستغلال الجسدي, ومناهضة التمييز في مواقع العمل وتولي المناصب العامة, والعمل علي تمكين المرأة, من خلال الموارد الاقتصادية وتوفير خدمات صحية جيدة وتعزيز السياسات والتشريعات التي تؤكد المساواة بين الجنسين وتشجع علي تقلد النساء مناصب قيادية, ما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة.
في هذا الإطار تنبغي الإشارة إلي مكتسبات كثيرة حققتها المرأة المصرية عبر سنوات طويلة مضت, وهي مكتسبات تحققت بجهدها ونضالها ومساندة البعض ممن آمن بحقوق المرأة, وكيف أنها إنسان مثل الرجل, مساوية له, وتستطيع أن تفيد المجتمع مثله تماما.
كان التعليم مكسبا كبيرا للمرأة في تاريخ مصر الحديث والمعاصر, حيث التحقت الفتيات بالمدارس, خلال القرن التاسع عشر, بفضل جهود محمد علي باشا والخديو إسماعيل ورفاعة الطهطاوي وعلي باشا مبارك والبابا كيرلس الرابع وغيرهم.
ومن بعد المدرسة جاء التحاقها بالجامعة المصرية بفضل جهود أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد (1872-1963م), أول مدير للجامعة المصرية (جامعة فؤاد الأول) بعد أن صارت حكومية, حيث سمح للفتيات بدخول الجامعة والدراسة فيها, ففي عهده اتسعت الجامعة, وقبلت سنة 1929م أول مجموعة من الفتيات للالتحاق بها, وكان ذلك مأثرة له في سبيل النهوض بالمرأة, والمحافظة علي حقها في التعليم, وتخرجت في عهد رئاسته للجامعة أول دفعة من الطالبات عام 1932م, ومع الوقت تزايد التحاق الفتيات بكليات الجامعة ومعاهدها المختلفة, وصار من بينهن عضوات في الهيئة المعاونة وهيئة التدريس, بعضهن استكمل الدراسات العليا في الجامعات المصرية وبعضهن الآخر في الجامعات الأجنبية, ومنهن من وصلت لمنصب عميدة كلية ورئيسة جامعة.
وعلي المستوي السياسي فقدظلت المرأة المصرية محرومة من حقوقها السياسية حتي قامت ثورة 23يوليو 1952م, وفي 16يناير 1956م أعلن جمال عبدالناصر دستور سنة 1956م الذي أنصف المرأة المصرية, حيث نصت المادة (31) منه علي: المصريون لدي القانون سواء, وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة, لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة, وبذلك فقد خول الدستور للمرأة الاشتراك في عضوية مجلس الأمة (مجلس الشعب, ثم مجلس النواب) فاكتسبت المرأة لأول مرة في مصر حق الانتخاب, وحق عضوية مجلس الأمة.
وفي 3مارس 1956م صدر قانون الانتخاب, هوالقانون رقم 37 لسنة 1956م, الخاص بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية, الذي خفض سن الناخب إلي ثمانية عشر سنة ميلادية, بدلا من 21 سنة لانتخاب النواب و25 سنة لانتخاب الشيوخ, واعترف للمرأة بحق الانتخاب, إذ تقضي المادة الأولي من هذا القانون بأن علي كل مصري, وكل مصرية بلغ ثماني عشرة سنة ميلادية أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية, وبدأ العمل بالدستورفي 23 يونية 1956م, ليصبح من حق المرأة, ومنذ ذلك التاريخ, أن تنتخب من يمثلها في البرلمان, وأن ترشح نفسها لعضوية المجالس النيابية.
وفي عام 1962م تقلدت الدكتورة حكمت أبوزيد (1922-2011م) موقع وزيرة الدولة للشئون الاجتماعية, فكانت أول سيدة تتولي موقع الوزارة.
وتولت المرأة منصب المحافظ مع تعيين المهندسة نادية عبده محافظة للبحيرة عام 2017م, كما كانت أول امرأة تشغل منصب نائب المحافظ, وفي عام 2018م تولت الدكتورة منال عوض ميخائيل موقع محافظة دمياط, وكانت قبلا نائبة لمحافظ الجيزةلشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة.
ومن بين مكتسبات المرأة المصرية تأسيس المجلس القومي للطفولة والأمومة, الذي أنشئ بقرار السيد رئيس الجمهورية رقم 54 لسنة 1988م المعدل بقرار السيد رئيس الجمهورية رقم 273 لسنة 1989م, وهو يختص بمهام كثيرة في مقدمتها اقتراح السياسة العامة في مجال الطفولة والأمومة, وضع مشروع خطة قومية للطفولة والأمومة في إطار الخطة العامة للدولة, مع المتابعة والتقييم. وأنشئ المجلس القومي للمرأة بقرار رئيس الجمهورية رقم 90 لسنة 2000م, وهو يتبع رئيس الجمهورية, ومن بين اختصاصات المجلس اقتراح السياسة العامة للمجتمع ومؤسساته الدستورية في مجال تنمية شئون المرأة وتمكينها من أداء دورها الاقتصادي وإدماج جهودها في برامج التنمية الشاملة, وضع مشروع خطة قومية للنهوض بالمرأة وحل المشكلات التي تواجهها, متابعة وتقييم السياسة العامة في مجال المرأة.
والتحقت المرأة بسلك القضاء في عام 2003م, حين صدر قرار جمهوري بتعيين المستشارة تهاني الجبالي نائبة لرئيس المحكمة الدستورية, ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا كأول قاضية مصرية, وفي عام 2007م عينت نحو 32 قاضية بالقضاء العالي.
ومؤخرا, اتخذالمجلس الأعلي للهيئات القضائية, في اجتماع له برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي, قرارا مهما يتمثل في بدء عمل العنصر النسائي في مجلس الدولة والنيابة العامة اعتبارا من الأول من أكتوبر 2021م, واعتبار هذا اليوم, من كل عام, يوما للقضاء المصري.
هكذا تسير الدولة المصرية ومؤسساتها بخطي واضحة في مسار تمكين المرأة وتنميتها والنهوض بها.