في إطار مد جسور التواصل الثقافي بين مصر وأوربا ومن خلال مناقشة العديد من القضايا الثقافية المهمة علي الصعيدين الإقليمي والدولي, اختتم برنامج النشاط الثقافي الدولي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب آخر ندواته بعنوان الإصدارات المصرية الأوربية الجديدة بالهيئة المصرية العامة للكتاب, شارك في الندوة كل من: الدكتورة حنان منيب مستشارة رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب للشئون الخارجية, ريدنته مافيتوني المحلق الثقافي الإيطالي والمسئولة عن ترجمة ونشر النصوص الإيطالية, جان كلورفالنتان الروائي الفرنسي ومؤلف رواية الطريق إلي القاهرة, جوزيف مامبوجو سفير الجابون.
وفي مستهل المناقشة قالت الدكتور حنان منيب: إن هذا اللقاء الذي يجمع بيننا إنما هو لقاء للحضارات والثقافات, وأنه يتسم بالتعددية اللغوية والتنوع الثقافي, وأن برنامج النشاط الثقافي الدولي ضم أكثر من تسعين شخصية أجنبية جاءت علي نفقتها لمد جسور التواصل الثقافي ونحن نقبل هذا التعاون بشراكة ودية. وأنهت كلمتها بما قدمته الدول الأجنبية من كتب ذات قيمة لمعرض الكتاب, فعلي سبيل المثال قدمت الهند حوالي مليون كتاب.
ثم تحدث سفير الجابون قائلا: إنني بدأت كتابة الشعر منذ كنت في السابعة عشر من عمري, واهتمامي بالشعر نابع من أنه يحرر الشعوب من العنف, وقد قمت بترجمته إلي العربية, وبالنسبة للشعر الجابوني فإنه قد مر بحقبتين, الأولي: إنه لم يكن شعرا مكتوبا بل شفاهيا ظهر من خلال الأغاني التقليدية. والثانية: أصبح الشعر يدرس في الجامعات, ثم محاكاة شعراء فرنسا ومعرفةأهم سمات شعرهم, ثم أكد علي تأثر الشعر الجابوني بالطبيعة مثل النهر وعن قصائده الشعرية عرض اثنتين منها: الأولي بعنوان سأذهب.
يقول جوزيف مامبوجو
سأذهب وسأسافر وسوف أتبع..
عن طريق الدروب والوديان, بعيدا..
يجب أن أرحل حيث يريد قلبك..
سوف أتبع الشمس, أتبع المطر نقطة نقطة..
سأرحل وحدي معك, لأبحث ما أبحث عنه, فالعالم ليس عالمك..
لابد أن أصعد فأصعد إلي الشمس لكي أجد السعادة العميقة لحبك..
أما القصيدة الثانية فهي بعنوان جاء رجل وهي عن الصوت الأفريقي البوقي, يقول فيها:
أدعو أبناءك أن صوتك يتردد في المدينة وفي القرية
وستذهب في سماء البوق المنحني تحت وطأة بؤسنا وفقرنا..
هذا البوق الكبير الذي كان يستخدمه أجدادنا
صوت أفريقيا التي يتم غزوها
معبر ثقافي
ومن الجابون إلي إيطاليا حيث تحدثت الملحق الثقافي الإيطالي ريدنته مافيتوني عن دور إيطاليا الثقافي قائلة: إن إيطاليا معبر ثقافي مهم للتبادل والانفتاح نحو عوالم جديدة بحكم موقعها الجغرافي الممتد علي البحر المتوسط, كما أن لغتنا الإيطالية هي موضع احترام وجذب من العالم, علي الرغم من أنها ليست لغة محادثة بين الشعوب, ويكفي أن أذكر أن نحو ألفي طالب يدرسون الإيطالية بكلية الألسن جامعة عين شمس, فضلا عن وجود مراكز التأهيل والتدريب علي اللغة الإيطالية.
كما أكدت علي نشاط المركز الثقافي الإيطالي بالتبادل مع مصر, وترجمة العديد من الكتب إلي العربية أهمها كتاب تاريخ مسلمي صقلية, وقد تم ترجمته علي يد أساتذة من جامعة عين شمس, كما تم نشر اثني عشر كتابا مترجما ترجمة راقية, ونشر عدة سلاسل من كتب الأدب الإيطالي الكلاسيكي والحديث, علي سبيل المثال مهب الريح ترجمة سوسن زين العابدين. وأشارت إلي أن أهم أنشطة المركز هو إعادة طبع كتاب علم المصريات للكاتب الإيطالي بروزاليني بالتعاون مع المركز الأثري بإيطاليا والذي يوجد بالمتحف المصري بالقاهرة, وكتاب آخر عن دور إيطاليا في التعاون مع مصر.
واستكمالا لما بدأته الملحق الثقافي الإيطالي تحدث عالم المصريات الإيطالي المندوب من جامعة بيزا بإيطاليا عن الإسهام الإيطالي في علم المصريات, حيث قدم كتالوجا يحوي 250 صفحة, و230 صورة, وقد كتبت نصوصا بالإيطالية والإنجليزية, يضم الكتاب العديد من الوثائق والمخطوطات والرسومات التي تركها الإيطالي بروزاليني لمكتبة الجامعة بعد موته عام 1843, وقد جمعها أثناء البعثة التي قام بها لمصر عام 1829 ليكشف خلالها العديد من الآثار والحفريات والمناطق الأثرية وقد جمع أربعة عشر مخطوطا والعديد من الرسومات, وقد تناول الكتاب تلك البعثة وبدايتها وكيف تم التعاون مع شامبليون الذي استكمل فك الرموز الهيروغليفية, فضلا عن الوثائق والرسومات التي تم جمعها أثناء البعثة وأهم الدراسات التي أعقبت البعثة, وأشار في النهاية إلي أهمية هذا الكتالوج كمرجع للباحثين ودارسي علم المصريات.
تاريخنا بعيون فرنسية
وعن تاريخنا بعيون فرنسية, قدم الروائي الفرنسي جان كلودفالنتان روايته الطريق إلي القاهرة تناول خلالها الحقبة المملوكية في مصر وأهم سلاطين المماليك وأصل وبداية المماليك والحياة اليومية لهم, كما تناول أيضا فكرة العبودية بين الشرق والغرب, وأيضا تناول الحرافيش وحياتهم. وعن سبب اهتمامه بهذه الحقبة التاريخية أشار قائلا: إنه عندما عاد نابليون إلي فرنسا كان في مصر العديد من المماليك, وهناك لوحات ترسم معارك الإمبراطورية, وأن آخر المماليك جاء إلي فرنسا ومنح بعض المناصب الشريفة ومات عام 1813, فكان لابد من الإلمام بكافة المعلومات عن هذه الحقبة التاريخية, وكان المصدر الرئيسي لي هو كتاب المقريزي وهو ترجم إلي الفرنسية في القرن التاسع عشر.
وقد قام الروائي الفرنسي بمبادرة كريمة أشارت إليها الدكتورة حنان وهي ترجمة كتابه للعربية مقابل يورو واحد, والتنازل عن حقه كمؤلف وناشر, وبذلك تبدأ سلسلة الهيئة العامة للكتاب التي أطلق عليها سلسلة اليورو الواحد, ويتم التعاقد مع المؤلفين الأجانب علي ترجمة مؤلفاتهم للعربية مقابل اليورو الواحد.
وقد أشارت الدكتورة حنان إلي اعتذار الدكتورة مؤمنة كامل, التي كان من المفترض أن تقدم عرضا لسلسلة الكتب الطبية المترجمة التي تقدم الطب بلغة سهلة ومبسطة, من أهم تلك الكتب: كتاب كيف تقي نفسك من مظاهر الشيخوخة وكتب عن آلام الظهر والضغط وغيرها. كما توجهت بالشكر إلي السفير الجابوني قائلة: إن لغة الحوار هي الشعر.. الذي يلمس القلوب, فالمناصب تذهب وتختفي ويبقي الشاعر المنصب الرسمي لحوار الثقافات….
وقد اختتمت الندوة بكلمة أخيرة للملحق الثقافي الإيطالي التي أعربت عن سعادتها بمبادرة الأنصاري في تقلد ضيف شرف بمعرض (تورينو) للكتاب بإيطاليا, وإعجابها بسلسلة الكتب الطبية المترجمة, كما أبدت إعجابها بأول رواية تترجم بسعر اليورو الواحد وعلي نغمات الموسيقي بأوتار العود والغناء النوبي الأصيل أنهت ندوة الإصدارات المصرية – الأوربية الجديدة.