هذا العام نحتفل بمئوية جامعة القاهرة – تلك الجامعة العريقة التي يرجع الفضل في إنشائها إلي مفكرين ومبدعين وزعماء نذكر منهم. علي مبارك, مصطفي كامل, سعد زغلول, ولا ننسي دور المرأة المصرية التي منحت الجامعة فرصة الوجود بعدما تبرعت الأميرة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بأرض الجامعة بالكامل,بالإضافة لبيع مصاغها لتمويل إنشاء الجامعة, وليست هناك مؤسسة أخري يلتقي فيها العلم والثقافة مثل التقائها في الجامعات, فالجامعة هي معقل العلم ومدرسة الثقافة وملتقي خبرة العلماء ومجتمع نخبة طلاب العلم والثقافة, مما يجعلها المكان الأنسب للحوار بين العلم والثقافة.
والثقافة تمارس دورا مهما في تشكيل ملامح وتاريخ وحاضر البشرية, ذلك الدور الذي ينمو ويقوي في حياة البشر فهي تحدد سلوك الأفراد والجامعات, وتواصل الثقافة الجماهيرية دورها الريادي في رعاية الحركة الثقافية في المجتمع والارتقاء بمستوي الفكر الفني والإبداع من خلال وضع استراتيجية ثقافية واعية, في منظومة متناسقة من أجل تحقيق الرسالة التي نتطلع إليها.
هكذا جاءت كلمات إجلال هاشم رئيسة إقليم القاهرة الكبري وشمال الصعيد في بدء فعاليات المؤتمر الأدبي الثامن للإقليم والذي عقد بجامعة القاهرة في إطار الاحتفال بمئوية الجامعة, تحت عنوان الثقافة والجامعة المصرية – مائة عام من التنوير في الفترة 17 – 19 فبراير الجاري, وبالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة تحت رعاية دار إلياس العصرية للطباعة والنشر.
رأس المؤتمر الدكتور عبدالله التطاوي نائب رئيس جامعة القاهرة, ورأس لجنة الأبحاث الدكتور محمود الضبع, وأمين عام المؤتمر الشاعر نور سليمان.
محاور متعددة
طرح المؤتمر ستة محاور أساسية:
الأول: نقد خطاب التنوير
خطاب التنوير.. تاريخه وتاريخيته, للدكتور محمود إسماعيل, نظرات حول دوافعنا للتنوير للدكتور مجدي الجزيري, كما طرح الدكتور عصام عبدالله بحثا بعنوان ثقافتان, أدار الجلسة محمود أمين العالم.
الثاني: الثقافة والتفكير العلمي
طرح هذا المحور قضايا:الروافد الثقافية الجديدة والترجمة الأدبية للدكتور حسن البنا عزالدين,الثقافة والعلم للدكتور ثروت إسحق. أدار الجلسة الدكتور صلاح قنصوة.
الثالث: قراءة الإبداع بين التاريخية والنصية
النظرة التاريخية(د. شوقي ضيف, د. يوسف خليف نموذجا), النظرة النصية (د. مصطفي ناصف, د. عبدالقادر القط نموذجا), رؤية نقدية.
شارك في هذا المحور كل من: د. سيد إبراهيم, د. سامي سليمان وأدار النقاش د. أحمد درويش.
الرابع: النقد الأكاديمي
تناول هذا المحور: مشكلات النقد الأكاديمي للدكتور مجدي توفيق وموضوع الباحث والناقد والنص للدكتور مصطفي الضبع, وأدار الجلسة د. يوسف نوفل.
المحور الخامس: جامعة القاهرة في عيون أبنائها
تضمن هذا المحور: شهادات عن مصر من كبار خريجيها من مصر والوطن العربي, قدم لهذه الشهادات الأديب والناقد سمير عبدالفتاح.
المحور السادس: دراسة الأدب في إقليم القاهرة الكبري وشمال الصعيد, حيث قدم د. حسين حمودة قراءة في نماذج من القصة القصيرة, وتجدد المسارات الثقافية في النص الروائي للدكتور محمد سمير عبدالسلام, الراوي والخطاب السردي للباحث يسري عبدالله. رأس هذه الجلسة البحثية د. محمود الضبع.
تساؤلات
طرح الدكتور عبدالله التطاوي بعض التساؤلات حول الثقافة: إلي أي مدي نحن معنيون بالثقافة؟ ما مساحة العمق الثقافي في إعلامنا؟ موضحا في البداية مفهوم كلمة ثقافة التي تأتي هنا بمعناها الواسع: كل ما نفكر فيه ونبدعه ونحلم به, سلوك الفرد مع نفسه وسلوكه مع الآخرين, كل هذا وغيره يدخل في المكون الثقافي.
وأضاف: أن أهمية دراسة هذا الموضوع تنبع من عزوف الشباب في وقتنا الحالي عن الثقافة.. وبالتالي فالأمة لن تنهض إذ هناك أجيال هشة خاوية قابلة للتهميش وقابلة للخضوع لأي مؤثرات خارجية, لذلك لابد من حصانة ثقافية من خلال المنتديات والمؤتمرات وغيرهما. وقد حاولنا إخراج الطالب الجامعي من القالب التعليمي البحت إلي أن يكون مثقفا علي المستوي القومي والفني والإبداعي والإلمام بحركة الفكر داخل الوطن, وهي رسالة لا تقل أهمية عن رسالة الأستاذ الجامعي.
تساؤل آخر طرحه د. عبدالله التطاوي يتعلق ببحث هذا التراث العربي وكيف نفهم هذا التراث بمنهج عصري مقبول؟ وكيف نؤصل للقيم المستحدثة؟
التكريم
أفرد المؤتمر جلسة خاصة لتكريم الناقد الكبير الدكتور محمد حسن عبدالله, وقدم لهذا التكريم الدكتور محمود الربيعي, كما قدم الدكتور عبدالله التطاوي ميدالية جامعة القاهرة إلي لورا كافوري مديرة دار إلياس العصرية للطبع والنشر, أيضا تبادلت الجامعة والهيئة العامة لقصور الثقافة الدروع والميداليات,وتم تقديم درع الهيئة وشهادة تقدير إلي اسم الأديب الراحل علي شوك وتسلمتها أسرته.