تبدو الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط أكثر سيولة في المواقف سواء الإيرانية أو الإسرائيلية, وكلها تشير إلي عدم وضوح الرؤية, خاصة بعد محاولات طهران الظاهرية لضرب العمق الإسرائيلي مباشرة والتي لم يكتب لها النجاح وكأنها صراع بلا طحين, ويبدو جليا أن قواعد الاشتباك بين طهران وإسرائيل تغيرت, فبعد أن ظل الصدام بينهما يقتصر علي عمليات تخريبية تقوم بها تل أبيب تستهدف بها بعض القيادات العسكرية أو الشخصيات التي لها صلة بالبرنامج النووي الإيراني, أو تستهدف بعض القيادات الإيرانية المقيمة في الأراضي السورية, وذلك في مقابل الحروب الإيرانية بالوكالة عن طريق حماس أو حزب الله, ثم انضم الحوثيون إليهم مؤخرا في البحر الأحمر والتي لها علاقة بالصراع الأمريكي- الإيراني, بعد أن تخلت أمريكا عن قرارها بالإفراج عن الأموال الإيرانية المحتجزة جراء العقوبات الأمريكية علي إيران.
والجدير بالذكر أن ورقة الحوثيين التي تعد جزءا من الأدوات الأساسية لإيران تهدد بتعطيل حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر, ومن المعروف أن الصواريخ الإيرانية التي تم إطلاقها ضد إسرائيل جاءت ردا علي قصف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق في تطور جديد للصراع في المنطقة لينتقل الصدام فعليا من الحرب في الظل أو خلال قوات بالوكالة تعمل من خارج إيران وبدعم منها إلي حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل, وهو ما أكده أيضا الهجوم الصاروخي الإسرائيلي المحدود علي أصفهان.
الرد الإسرائيلي والذي أشارت له العديد من القنوات التليفزيونية في تقاريرها جاء في صورة هجوم تعرضت له قاعدة جوية قريبة من أصفهان في وسط إيران, وهو هجوم كان متوقعا عقب التهديد الإسرائيلي بحقها بالرد, وذلك بالرغم من المناشدات الدولية من بريطانيا وأمريكا, إلا أن نتنياهو قرر الرد العسكري علي الهجوم الذي وصفه المحللون العسكريون والاستراتيجيون بالفاشل, لكن إسرائيل عندما قررت الرد بعملية صاروخية سريعة ضد إحدي القواعد الجوية القريبة من مدينة أصفهان والتي تعد موطن عدد من المنشآت النووية لتخصيب اليورانيوم, كانت تريد أن ترسل رسالة واضحة وصريحة لإيران بقدرتها الصاروخية الفائقة في ضربها, لكن عوامل عدة لعبت دورا في تفادي المنطقة حربا موسعة من بينها الحذر الإيراني والرد الإسرائيلي المحدود والضغط الأمريكي.