وفرت مواقع الشبكات الاجتماعية منفذا سهلا للأشخاص في جميع أنحاء العالم للدخول عبر الهواتف الذكية, ليقوموا بنشر محتوي لموضوعات في شتي المجالات, ومع هذا ليس من السهل التأكد من صحة كل المحتوي المنشور, فوسائل الإعلام الإخبارية التقليدية لديها خبراء ولديها الإمكانيات للتحقق من صحة المحتوي المعروض في الأخبار, ومع هذا, نظرا للكم الهائل من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي كل يوم, يواجه الإنسان العادي الذي يتعرض للمحتوي صعوبة في التمييز بين المعلومات الخاطئة والحقيقية.
لقد غيرت وسائل التواصل الاجتماعي طريقة تواصل المستخدمين من خلال تمكينهم من نشر محتوي يمكن أن يكون مرئيا لمستخدمين محددين أو للعالم كله, ومكنت سهولة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي نشر المعلومات في مواقف مثل الاستجابة للكوارث أو الأزمات, ولكن يبقي سؤال يطرح نفسه مرتبط بمقدار التحقق من المحتوي المنشور علي الإنترنت وصحته من الناحية الواقعية, لأنه من الممكن أن تكون للمعلومات الزائفة نتائج سلبية خطيرة, مثل إثارة الذعر والمخاوف.
فالأخبار الزائفة هي محتوي غير صحيح يتم إنشاؤه بقصد تضليل الناس وإقناعهم بالاعتقاد به, وأبرز سمتين للأخبار الزائفة أنها تحتوي علي محتوي يمكن التحقق من صحته, وأنه تم إنشاؤه عمدا لتضليل القراء, ويمكن تصنيفها إلي نوعين, الأول تلك التي تستند إلي الرأي, حيث لا يوجد ما يشير أن الشخص يقدم آراء خاطئة, والثاني هو تلك الأخبار القائمة علي الحقائق, حيث توجد حقيقة تناقضها المعلومات, ويمكن أن نضع تحت بند الأخبار الزائفة, الشائعات والمعلومات المضللة.
مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي يتم الدفع بمحتوي كبير جدا دون التحقق منه, من قبل أي طرف ثالث, وبزيادة استهلاك الأخبار من وسائل التواصل الاجتماعي, زاد تعرض الأشخاص لمعلومات كاذبة, وقد أظهرت دراسة أجريت علي مستخدمي الشبكات الاجتماعية الكندية منذ ما يقرب من عقد من الزمان أن خمسي المستخدمين يستهلكون الأخبار من الأشخاص الذين يتابعونهم علي منصات مثل Facebook لمواكبة مجموعة متنوعة من الأخبار, وفي عام 2017 اتضح أن حوالي ثلثي البالغين في الولايات المتحدة يستهلكون الأخبار من منصات وسائل التواصل الاجتماعي, ثم زادت هذه الأعداد تدريجيا بشكل كبير.
برز مصطلح الأخبار الزائفة عام 2016 للإشارة إلي مواقع الويب التي تنشر معلومات مضللة عمدا- وغالبا ما يتم الترويج لها علي وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض سياسية, واستخدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المصطلح عدة مرات أثناء حملته الانتخابية, حيث قال لمراسل أخبار سي إن إن خلال مؤتمر صحفي العام: أنتم تقولون أخبارا مزيفة.
ومع اتصال مصادر الأخبار بالإنترنت, يتم تحفيز المشاركة السريعة للأخبار للحصول علي إيرادات من خلال المشاهدات والنقرات علي المقالات الإخبارية من قبل القراء, بما يتضمنه هذا من تجاهل التحقق من صحة المعلومات, فتجد بعض المواقع تضع عناوين جذابة تعمل كطعم أو خطاف يصطادون به الجمهور لحثهم علي النقر علي الرابط وقراءة المزيد, وهو أحد دوافع ترويج الأخبار الزائفة.
وهو ما حدث خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2016 وانتخابات فرنسا, 2017 حيث تم استخدام الروبوتات لمشاركة قدر كبير من المحتوي المتعلق بالسياسة, فيستغلها البعض لتسريع انتشار الأخبار الزائفة.
إذ يتم يوميا نشر عدد كبير من الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي, وللأسف كثير منها يكون زائفا لذا من المهم أن يقدر المتابعون علي تمييز وكشف المعلومات الزائفة التي يتم دسها وسط وجبة دسمة من الأخبار وتنوع لا نهائي.
كتب الصحفي كريج سيلفرمان عمودا منتظما لمعهد بوينتر بعنوان نأسف للخطأ ولاحقا كتابا يحمل نفس الاسم عن الضرر الناجم عن المحتوي الخاطئ, والذي أشار إلي أن الأخبار الزائفة الخاصة بأهم 20 خبرا أثناء الانتخابات الأمريكية حصلت علي تفاعل أكبر علي فيسبوك مقارنة بتفاعل أكبر وسائل الإعلام في الولايات المتحدة وكان ذلك مفاجئا, فالقصص الزائفة كان لها صدي لدي الناس, الذين رأوها وشاركوها أو علقوا عليها وأعجبوا بها, ما انتشر بسرعة هائلة علي الفيس بوك.
أحد مؤشرات الكشف عن الأخبار الزائفة يقوم بالأساس علي المحتوي, فكل خبر يحتوي علي عنوان رئيسي, وإن كان قصيرا, فقد يحمل إشارات تشير إلي أن المحتوي مضلل, وذلك حينما يكون العنوان مكتوبا بطريقة جذابة أو مثيرة ولكنه لا يتطابق مع المضمون, كما أن الصور تساعد علي الكشف عن زيف هذا الخبر, وذلك حينما تكون غير متطابقة مع الحدث المشار إليه, وقد تكون غير موضوعية أي منحازة لأيديولوجية معينة.
وغالبا ما تميل الأخبار الزائفة إلي استخدام ضمائر الشخص الأول وضمائر الشخص الثاني, ما يفتح باب لتخيل ما قد يحدث لو مر الشخص الذي يقرأ بنفس الظروف, كما أنها تفتقر للأرقام والإحصائيات فالأخبار الموثوقة تكون مدعومة أكثر بالأدلة بأرقام محددة, كما أن الأخبار الزائفة تحتوي علي اقتباسات من مصادر أقل.
جعلتنا وسائل التواصل الاجتماعي أقرباء جدا من الأحداث والأخبار, ولكن لننتبه لئلا نكون أقرباء غرباء نتأثر بالأخبار المضللة والتزييف والمحتوي المضلل.