في زيارتي الأخيرة لمدينة (روما) إيطاليا فوجئت في المطار أثناء تقديم جواز السفر لتأشيرة الدخول, صفوف مصطفة من شباب أسمر تقريبا في نفس العمر (العشرينات).
وكانت طائرتهم وصلت للمطار في نفس توقيت وصول طائرتي (مصر للطيران) إلي مطار (روما) واصطففت مع المتقدمين لأخذ تأشيرة الدخول أكثر من ساعتين, وتحدثت مع بعض من هؤلاء الشباب وعلمت منهم أنهم قادمون من (بنجلاديش) حاصلون علي دبلومات فنية من بلدهم في مهن متعددة (سباكة, كهرباء, ميكانيكا, بناء, نجارة, حدادة.. إلخ).
وحصلوا علي كورس إيطالي في اللغة لمدة (6شهور) في بلدهم, وطبقا لعقد اتفاقية بين (جمهورية بنجلاديش, وإيطاليا) لاستجلاب هؤلاء الفنيين بعقود عمل (مجزية) لمدة ثلاث سنوات, وهذا الفوج العاشر من الاتفاقية!!
وأعتقد أننا في فترة ما قبل (فورة يناير 2011) كان هناك توجه لهذه الفكرة مع المهندس (رشيد محمد رشيد) وحكومة إيطاليا وكنت حاضرا في روما مع وفد مصري, عاصرت الاتفاق حينها.
ولكن للأسف الشديد توقف كل شيء منذ عام 2011, ولا أعلم شيئا عن هذه الأفكار أو المبادرات التي بالقطع في أرشيف وزارة الصناعة والتجارة (هكذا كان اسمها!!).
والجديد في الأمر أن مصر تعاني من نقص شديد في المهن الحرة الصغيرة مثل السباكين والنقاشين والمبيضين ومركبي السيراميك والكهربائية وغيرهم من المهنيين.
هذا القطاع الضخم من السوق العقارية لا يجد أي عمالة مدربة إلا علي بعض (قهاوي) الإمام الشافعي أو في السيدة زينب وسيدنا الحسين وحتي هذه الطوائف انقرضت فأصبح المهني الذي تستدعيه للعمل في صيانة أي منشأة حسب حظك وحسب قدراته وحسب ما يتراءي للطرفين من اتفاق شفهي علي أتعاب شيء من الخيال!!
والسؤال هنا لماذا لا نساعد علي انتشار مكاتب مقاولين صغار؟؟, مقاول صيانة صغير خريج هندسة, دبلومات (الصنايع) المدارس الصناعية, لماذا لا نخلق مكاتب لمهندسين صغار ونؤهلهم ونزودهم بشهادات خبرة للعمل في مجالات الصيانة (تراخيص بالعمل من جهات ذات صلة بالخدمة).
خاصة ونحن نعاني من البطالة وارتفاع مؤشراتها والحلول التي تقدم حلول حكومية حيث هناك مثل شعبي قديم يقول: (إن فاتك الميري, اتمرغ في ترابه). وهذا ينطبق علي عصور قديمة حينما كانت الوظيفة الحكومية محترمة!! وهذه العادة مترسخة في الضمير المصري حتي تكدست المصالح الحكومية بملايين ستة من الموظفين وهو عكس ما يحدث في كل إدارات المصالح في دول العالم بالتنسيب لعدد السكان وربما قرأنا وسمعنا عن عشرات ومئات الوظائف الخالية الباحثة عن قدرات ومهارات بشرية غير متوفرة حيث لا صلة بين مخرجات التعليم وسوق العمل في مصر!!
وهذا ربما جعل بعض الوزراء يخلق أسواقا موازية للتعليم والتدريب فنجد وزارة الصناعة والتجارة قد أنشأت مركز تدريب وتحويل المهارات العلمية الخارجة عن الجامعات إلي مهارات جديدة تحتاجها سوق العمل في الصناعة, وهو نفس ما يتم في وزارة السياحة ووزارة النقل ووزارة البيئة وغيرها من الهيئات والشركات كل هذه الجهات الحكومية وبعض الخاصة أنشأت وزارات صغيرة للتربية والتعليم والتعليم الفني لكي تعمل علي سد الحاجة في مجال تخصصها من خريجي جامعات غير مناسبين لأسواق العمل المتاحة!!
نحن في أشد الاحتياج لعشرات الآلاف من هذه الفئات الفنية (سباكة, كهرباء, ميكانيكا, بناء, نجارة, حدادة.. إلخ), بشرط أن نضمن مهارة ونضمن سمعة ونضمن ألا نستعين (بغبي) أو (حرامي) من المسئول عن مثل هذا القطاع في البلد؟؟!!
وهنا سؤال من المسئول في الدولة عن مثل هذا القطاع الحيوي من المهنيين لسد حاجة سوق العمل في مصر وكذلك أسواق العمل في أوروبا والتي يهاجر إليها شباب من مصر مع شباب آخر من أفريقيا هجرة غير شرعية تضيع فيها الأرواح في حوض البحر الأبيض المتوسط, وأموال صرفت علي المهربين, وتجار البشر علي شواطئ البحر الأبيض سواء في مصر أو ليبيا.
مجرد سؤال ووجهة نظر؟؟!!