أكتب عن الحوار الوطني الذي يتسيد المشهد السياسي المصري هذه الأيام. وبداية دوره من اللقاءات المكثفة حول هدف واضح وهو مصلحة مصر العليا, وفي وقت نجابه تحديات إقليمية شديدة الخطورة سواء علي حدودنا الجنوبية وهذا العبث الجنوني الجاري في الشقيقة السودان, وأيضا استكمال سد النهضة دون اتفاق ملزم من دولة إثيوبيا, وتحد سافر أمام كل القوانين والأعراف الدولية, وهناك علي حدودنا الشرقية أيضا عدم اطمئنان لما يجري في الساحة الفلسطينية بشقيها المنقسمين (غزة, الضفة الغربية) والقلاقل التي تسود هذه الجبهة الشرقية والتي لا يحمد عقباها إذا لم تتدخل مصر بأجهزتها السيادية لملء الفراغ الذي تركه الانقسام (الفلسطيني, الفلسطيني), قبل المواجهة بين الفصائل, وإسرائيل.
والحدود الغربية وعدم الاستقرار في الأوضاع في ليبيا والأثر المترتب عن ذلك من تهديد لحدودنا والتي تصل إلي أكثر من ألف كيلو متر مفتوحة.
كل تلك التحديات الإقليمية تترقبها القيادة والإدارة المصرية بحذر شديد وتحتاج أيضا لحنكة سياسية محترفة!!
كل هذه التحديات ويتقدمها تحد أخر أكثر إلحاحا علي صانع القرار في مصر, وهو الوضع الاقتصادي غير المريح علي الاطلاق نتيجة عوامل عديدة بعضها خارج عن إرادتنا, وبعضها نتيجة فشل في إدارة مواردنا ووضع أولوياتنا في أجندة الاقتصاد الوطني.
ولعلني حينما كتبت عن احتياجنا لبيان مثل بيان 30 مارس 1968 رغم أننا لم نخسر حربا, كما حدث في عام 1967, ولكن نحتاج لمراجعة لكل السياسات وكل المهادنات التي مارسناها مع الفساد, ومع التستر, ومع التهاون في حقوق هذه الأمة.
والأكثر أهمية نحتاج لمراجعة سياستنا الاقتصادية.
نحتاج لمواجهه حقيقية, وهذه المواجهة هي سلطة النخبة من هذه الأمة, هي مسئولية النخبة في هذا الوطن, وليست كل طوائف الشعب, فهذا غير معقول, وغير ذي فائدة.
نحتاج لاستنهاض الهمة المصرية لمواجهة تحد أكبر من تحديات حرب, تحد أمام تدهور القيم في مصر, تدهور التعليم في مصر, تدهور وتدني أجور ومرتبات المصريين, تدهور الأحوال المعيشية لأغلبية شعب مصر, تدهور الأخلاق والسلوك العام, وذلك واضح جدا في الشارع المصري وواضح أكثر في صفحات الحوادث بالجرائد السيارة يوميا.
وهذا كله لا يتأتي إلا بالعمل علي الحوار الوطني الذي دعي إليه السيد رئيس الجمهورية في 22 أبريل 2022 رغم أنني لست من المدعوين إلي حلقات هذا الحوار الدائر إلا أنني أضع رأيي ربما يكون من اللائق أن أدلي به عبر مقالي هذا, وهو أن نهتم بأن يكون الحوار في دوائر يرسمها القانون والدستور المصري حيث الالتقاء حول طاولة ووضع أطر للعمل يتاح ذلك للشعب المصري عبر قناة مخصصة بالتليفزيون المصري, وأن يسمح عبر قناة إلكترونية مع منصة الحوار بالمشاركة, حيث أهمية القفز علي كل البيروقراطيات المعطلة للحياة ولتدفق الدماء في جسد الوطن.
إن الوضع القائم والتصور للمستقبل, أصبح في ظل اللامبالاة التي يعيشها البعض.
وأيضا المبالغة التي تبث عبر الميديا في مصر وتشير إلي أننا في مفترق طرق وتشير إلي أننا في أشد الاحتياج للاختيار ما بين المعقول واللامعقول.
ورغم التفاؤل الشديد لدي البعض, إلا أن إحساسا بالتشاؤم يسيطر علي غالبية من النخب المصرية, ومع ذلك, فإن فتح باب الحوار, ووضع الهدف الأسمي والرئيسي وهو كيفية الخروج من مجموعة أنفاق مظلمة, يأتي علي أولوياتها البطالة, وتدني الأجور, والتعليم, والعدالة الاجتماعية في توزيع الدخل, وإدارة أصول الدولة, وفقه الأولويات في مشروعاتنا القومية كل هذا, يتطلب أن نتحرك والبداية في خروج ما يشبه بيانا من القيادة السياسية في مصر, تضيء الطريق أمام الجميع حتي يتأتي للكل تنظيم إدارته, ووضع الأطر اللازمة, ووضع أجندة وطنية حالة, نحن في أشد الاحتياج إليها, دون بعثرة للفكر والجهد, حيث ما نراه في الساحة المصرية يشير بشكل واضح لخطورة نحن في غني عن حدوثها, ولسنا في مقدورنا تحملها!!
[email protected]