المرأة في سن الأربعين, والخامسة والأربعين, لها مشاعر وأحاسيس تؤثر علي نفسيتها وحياتها وطريقة تعاملها مع أفراد أسرتها وجيرانها وأصدقائها وأقاربها.. وكما يؤكد علم النفس, فإن كل مرحلة من مراحل عمر الفرد لها خصائصها النفسية وتغييراتها الفسيولوجية.
والمرأة وهي مقبلة علي هذه السن, التي تسمي أحيانا السن الحرجة, أو سن اليأس, تسيطر عليها مشاعر شتي, فهي تشعر بأن أجمل سني حياتها قد ولت.. سن الصبا والشباب والأنوثة الكاملة, وأنها مقبلة علي خريف العمر. من الوقار والرزانة والهدوء والدعة والأمراض, السن التي تركن فيها علي الرف بعد أن أصبحت لا دور لها في حياة أفراد الأسرة كلها..
والمرأة في سن الخامسة والأربعين تعاني من تغييرات فسيولوجية في وظائف الجسم, تجعلها غير قادرة علي إنجاب الأطفال, ولو كان الأمر يتعلق بالقدرة علي إنجاب الأولاد فقط, لما سبب لها ذلك كل تلك المشاعر النفسية المتضاربة التي تعاني منها, لأن أغلب السيدات يكن في هذه السن قد أنجبن العدد الكافي من الأولاد, ولا خوف هناك أو رغبة في إنجاب مزيد من الأولاد إلا في حالات قليلة حينما تكون المرأة قد تزوجت في سن متأخرة, وليس أمامها فسحة من الوقت لإنجاب الأطفال, أو لم تتزوج وتخشي أن يفوتها الزواج, أو تكوين أسرة علي الإطلاق.
ولكن الخوف الحقيقي لدي المرأة من هذه التغييرات الفسيولوجية, هو أن تفقد حب زوجها واهتمامه وانجذابه إلي أنوثتها, ولكن الطب يؤكد أن هذه التغييرات الفسيولوجية لا تؤثر في أنوثة المرأة أو في قدرتها علي إسعاد زوجها, وأن كثيرات يمارسن حياة زوجية سعيدة في سن الخمسين.
والمرأة في هذه السن تخشي التغييرات التي تطرأ علي شكلها وجمالها, تخشي التجاعيد التي تظهر علي عنقها وتحت العينين وحول الفم, وتخشي بداية الترهل في قوامها, وتخشي الشعرات البيضاء التي تبدأ في الظهور متناثرة بين شعرها.. بالاختصار تخشي كل مظاهر العجز التي تفضح سنها بين الناس وأمام الزوج والأولاد, وتحرمها من الاستمرار في استخدام الماكياج الكامل والتزين وارتداء الملابس التي تبين جمال القوام ورشاقته وتظهرها شابة يانعة ممتلئة أنوثة.
ولذلك تلجأ المرأة في هذه السن إلي الكورسيه ليشد القوام ويخفي تهدل البطن والردفين, وتلجأ إلي المساج والماسكات للعناية بالوجه, وتلجأ إلي أنواع الصبغة المختلفة للشعر لتخفي الشعيرات البيضاء, وتبالغ أحيانا في استخدام الماكياج واختيار الألوان الزاهية والنقوش المزركشة في ملابسها, لتؤكد أنها ما زالت صغيرة, وما زالت ممتلئة حيوية وأنوثة, وما زالت قادرة علي انتزاع الإعجاب, مع أن كل سن من عمر المرأة له جماله الخاص, ولو استطاعت المرأة أن تدرك ذلك, وأن تظهر بالمظهر الذي يناسب كل سن, لبدت أكثر جمالا وأكثر مدعاة إلي الاحترام, بدلا من أن تبدو بمظهر يدعو إلي السخرية وهي تحاول أن تتصابي!
وتبدأ المرأة في هذه السن المعاناة مع أولادها, فهي عندما تري الأولاد وقد كبروا, يغمرها الإحساس بأنها قد كبرت كلما شاهدت ابنتها وقد بدأت تظهر عليها علامات الأنوثة والجمال كلما شعرت بأن هذه الابنة بدأت تنافسها في كل شيء, وأن معها وفي صفها كل شيء.. التفتح الجمال والحيوية والصبا.. إلي جانب أن الأولاد في هذه السن يبدأون في الشعور بأنفسهم وذواتهم, ويعتدون بتفكيرهم وآرائهم, ولا تعجبهم آراء الأم وأفكارها, فهي تبدو في نظرهم من جيل آخر مضي, وأن أفكارها أصبحت دقة قديمة!.. لا تصلح لأن تناسب هذا الجيل المعاصر..
وتتكاتف كل هذه الأمور لتشعر المرأة في هذه السن باليأس من الحياة, بأن دورها يكاد ينتهي, بأنها أصبحت وكانت بعد أن كان المستقبل كله أمامها.
والمفروض أن تدرك المرأة أن لها في كل سن دورا هاما, لو استطاعت أن تؤديه وحرصت عليه, لما استغني عنها الزوج أو الأولاد أو الأقارب أو الأحفاد أنفسهم.. إنها تستطيع في كل سن أن تكون مفيدة ومرغوبة, والجميع في حاجة إليها, وتستطيع المرأة أن تقضي علي خرافة سن اليأس هذه, وأن تخطو من سنة إلي سنة مسلمة بتطور الزمن وزحفه, متأقلمة مع كل مرحلة بمتطلباتها واحتياجاتها وقيودها.. ويمكنها أن تبدو جميلة في وقار, وأنيقة ورشيقة, ولكن في حشمة تناسب كل سن.