يعيش الإنسان حياته بالكامل في رحلة بحث واستكشاف, بحث عن الذات وبحث عن معني لحياته, وفي أثناء هذه الرحلة يجد أن وصوله إلي قمة جبل ما هو إلا قاع الجبل التالي, فيستمر طيلة حياته باحثا عن السعادة والنجاح راجيا أن تتغير الحياة للأفضل, فيكتشف حقيقة لكي تتغير حياتي يجب أن أتغير أنا أولا. إن النجاح الأصلي للحياة هو عمل داخلي, أن تفحص نفسك وأن تعرف ذاتك الحقيقية وماهيتك كإنسان, كل شيء يبدأ من الداخل أولا عندما تتواصل مع مصادر الحكمة داخلك, كنوزك الحقيقية فعلا داخلك, ولأنك من خلال حديثك الداخلي وطرحك الأسئلة لنفسك تكتشف حقيقتك وقيمة حياتك تتحدد نوعية حياتك بنوعية الأسئلة التي تطرحها لنفسك. إن العلماء والباحثين وجدوا أن الإنسان وهو يلتقط أنفاسه الأخيرة, بعد اطمئنانه علي رضاء ربه عنه, هناك ثلاثة أسئلة تدور في عقله في ذلك الوقت: هل عشت حياتي بحكمة؟ هل أحببت حقا؟ هل قدمت ما لدي بعظمة؟.
* الحكمة: كيف وأين يحصل الإنسان علي الحكمة وسط صخب الحياة حولنا في كل مكان؟ إن الحكمة لن تأتيك إلا من خلال السكون, إنه كلما خصصت وقتا للسكون والسكون يبدأ صوت الحقيقة والحكمة بالحديث, كلما وثقت بإرشاده صارت حياتك أكثر ثراء, لكي تكون فيلسوفا لابد أن تعي أن الفلسفة ببساطة تعني حب الحكمة الفيلسوف يحب الحكمة كما يحب الحياة نفسها, اهتم بالقراءة والثقافة, فيها منابع الحكمة, اجعل الكتاب رفيقك واجعل الأرفف والمكتبات حدائق المتعة وملاعبها.
* الحب: إن أفضل الأشياء بالحياة هي المرح والضحك والحب, إن أرقي أنواع السعادة هي أن نقتنع بأننا محبوبون, عامل كل من تقابله بحب, تأكد من الجميع ممن يدخلون حياتك يأتون بالتحديد في الوقت الذي تحتاجهم فيه أكثر لتتعلم الدروس التي أتوا ليعلموك إياها, عش بمبدأ ألا تفكر فيما ستحصل عليه من شخص آخر, بدلا من هذا اهتم بما يمكنك أن تقدمه له, وهذا ما سوف يجعلك سعيدا حقا, ثروتك الحقيقية ليست مقدار ما تملك من مال في البنوك, بل مقدار ما تملك من حب في قلوب الناس, من عاش في قلوب الناس يحيا أبدا.
* التقديم: من الضروري أن يراجع الإنسان نفسه دائما, هل أقدم فعلا للكون أفضل ما عندي؟ تعود دائما أن تركز علي الأمور التي تهم بحق في الحياة, أن تفعل الأشياء التي تعطي لحياتك معني وقيمة, راقب ما تفعله بحياتك, نحن في الحياة نتلاعب ببعض كرات مختلفة, بعضها مثل المهنة من مطاط كلما أسقطناها ترتد إلينا, وبعضها من زجاج مثل العائلة والصحة إذا سقطت لن تعود, راقب حياتك وعش حياتك بحكمة وعظمة تتناسب مع ما وضعه الخالق العظيم داخلك, للعالم قوانين يسير عليها, عندما تفهم هذه القوانين وتوازن نفسك بها حينئذ تستطيع أن تحقق كل أحلامك.
إليك سؤالا سيحدث تغييرا كبيرا في حياتك: إذا كانت لك سنة واحدة لتعيشها فكيف ستعيشها؟. اكتب الإجابة بالتفصيل واختر ما يناسبك لفعله الآن. إننا في الحياة لا نحصل بالنهاية علي ما نريد, بل نحصل علي ما نحن عليه, وإن شئت أم أبيت ستجلب لك الحياة الألم بنفسها, ومسئوليتك أن تخلق المتعة. إننا بالحكمة والحب وتقديم أفضل ما لدينا للحياة نسعد بحياتنا ونجعل يومنا حلوا وبنعمة ربنا بكرة أحلي.
د.ميلاد فايز موسي
مؤسس المركز الهولندي للتنمية البشرية بهولندا
www.iddd.nl