لأن عالمنا قد تغير تماما في الخمسين عاما الماضية, فقد وجب علينا نحن البشر أن نتغير أيضا حتي نواكب التغيير ونبقي علي قيد الحياة ونزدهر. لقد أصبحنا الآن نعرف الكثير من إمكانيات العقل وإعادة برمجته, ووصلت إلينا معلومات كثيرة لم تعرفها البشرية منذ آلاف السنين, ومع ذلك نجد الكثيرين لا يستمتعون بحياتهم ولا يشعرون بالسعادة, طبيعي أن تصادفنا تحديات كثيرة ومستمرة في الحياة نحن أحيانا لا نملك السيطرة عليها, لكن رد الفعل والمعني الذي نضفيه علي هذه الأحداث يقع تحت سيطرتنا بنسبة 100%, وذلك عندما نسيطر علي مشاعرنا وحالتنا النفسية, اكتشف الآلاف من أفضل المفكرين في العالم أن تحسين العوامل المزاجية للإنسان يعد سببا أساسيا لزيادة إنتاجيته في أي مجال, يمكننا تحسين جودة حياتنا وروعتها بالمداومة علي فعل أربعة سلوكيات أساسية لحياتنا:
1- الإكثار من فعل الأشياء التي تحقق لنا الشعور بالسعادة والراحة, لابد أولا أن نكتشفها ونكتبها, لذلك مهم أن تكتب ما هي الأشياء أو السلوكيات التي تشعرك بالسعادة والراحة, ثم احرص أن تقوم بعمل بعض منها يوميا, بعض هذه الأشياء قد تكون بسيطة جدا مثل اللعب مع الأطفال أو الاستماع للموسيقي أو أشياء أخري بسيطة, إنما مردودها من السعادة كبير علي حياتك.
2- التقليل من فعل الأشياء التي لا تحقق لك فائدة وتعوقك عن إنجاز الأشياء التي تريدها, لابد أن تحدد الأفعال والسلوكيات وكذلك الأشخاص الذين يهدرون وقتك ويستنزفون طاقتك, تعود أن تقول كلمة لا بشجاعة, لأنك عندما تقول لا لهؤلاء الأشخاص فإنك في نفس الوقت تقول نعم لنفسك, إن كل ما تقوم به في الحياة يقودك إلي أحد الطريقين, أما الطريق إلي تحقيق أحلامك أو الطريق المعاكس له تماما.
3- عمل أشياء جديدة لم تفعلها من قبل, حدد خيارات جديدة, اسأل نفسك ما الأشياء التي فعلا أتمني أن أفعلها؟ ما هي الأماكن التي أرغب في زيارتها؟ وتكون في استطاعتي زيارتها, حافظ دائما علي التجديد والتغيير, الإجازة ليست الامتناع عن العمل, إنما الإجازة في التغيير. استمتع بعمل أشياء جديدة, لأنها ستضيف إليك الشعور بالسعادة للمغامرة, وقد تكتشف من خلالها طريقة جديدة للسعادة.
4- توقف لتقييم حياتك من جديد, عندما أجريت دراسة علي مجموعة من المسنين وتم سؤالهم ما هو الشيء الذي تندم أنك لم تفعله في حياتك؟, كانت إجابة 96% منهم إنني لم أعط وقتا كافيا للتواصل مع نفسي لتقييم حياتي!!. لذلك ينصحنا علماء التنمية البشرية لأن نوفر يومين كل ستة أسابيع نقضيهما مع أنفسنا في عزلة لتقييم حياتنا وتحديد أهدافنا ومراقبة خططنا في الحياة, كذلك قرر أن تخصص علي الأقل يوما كاملا كل أسبوع للراحة تماما من العمل لكي تسمح لعقلك لأن يجدد نفسه ويستعيد نشاطه بالكامل, وذلك بتحويل انتباهك لشيء آخر, بعيدا عن العمل الذي تمارسه طوال الأسبوع, كلما زاد الوقت الذي تخصصه لراحتك زاد سكونك وطمأنينتك وبالتالي ينعكس ذلك علي نتائجك وإنجازاتك في الحياة.
إنها سلوكيات بسيطة إنما عميقة عندما نعتاد عليها سنلحظ تأثيرها الشديد علي حياتنا, وأننا بحرصنا علي فعل الأشياء التي تسعدنا والتقليل من الأشياء التي تهدر وقتنا وطاقتنا, وعمل أشياء جديدة وحرصنا علي الانفراد بأنفسنا كل فترة لتقييمها, بذلك نسعد بحياتنا ويكون يومنا حلوا وبنعمة ربنا بكرة أحلي.
مؤسس المركز الهولندي للتنمية البشرية بهولندا
www.iddd.nl