يركض الجميع في سباق لايدركون أنه بلا آخر, ذلك أن البشر يعتقدون اليوم بأن النجاح هو الهدف الأهم والوحيد في هذه الحياة…أو لنقل في هذا العصر!
ذلك هو وهم العصر…وأخطر أمراضه, يبحث الجميع عن تحقيق الأهداف…إنجاز الأشياء, يضيع العمر تماما كما في الحكاية القديمة, يقولون إن رجلا خرج يبحث عن رزقه ربما في ألف ليلة وليلة…لا أذكر,عثر علي كهف, ووجد فيه ذهبا كثيرا, فرح بالتأكيد, وبدأ في تعبئة الذهب في الأجولة التي يحملها علي حماره, حمل الكثير من الذهب حتي شعر بالشبع…أو ربما بالتعب, وخرج من الكهف يحلم باللحظة التي يدخل فيها إلي بيته حاملا كل هذا الذهب, وماذا سيفعل به وكيف ستكون حياته بعد كل الثراء الذي سيصيبه, لكن الرجل حين خرج من الكهف لم تكن شمس النهار وحدها التي غابت, بل كانت شمس حياته, فقد اكتشف أن سنوات طوال مرت وهو داخل الكهف يحمل الكثير جدا من الذهب وقد فقد شبابه, وهذا بالظبط ما يحدث مع أغلب البشر في هذه الأيام, فعالم اليوم متطلب للغاية, يطلب منك أن تحقق الكثير من الإنجازات المادية, يقارن بينك وبين الآخرين, عالم اليوم يدفع الجميع نحو الجنون…الكثير من المنجزات المادية والقليل جدا من التحقق الإنساني.
لكن الحياة تدفعنا جميعا لمراجعة كل ذلك, وهو ما بدأ منذ سنوات بحلول الوباء المخيف الذي استهلك ثلاث سنوات من أعمارنا, ثم تلته حرب جنونية يشارك فيها أكبر دول العالم في استعراض قوة يبطن رغبة في السيطرة الإمبراطورية ولا مجال لوجود الإنسان, الاقتصاد والمال والسلاح والسياسة, لكن لا حياة حقيقة, بل أن ضحايا الوباء لايزالون يتساقطون في الوقت الذي انضم إليهم فيه ضحايا الحرب, كل يوم بشر يفقدون حيواتهم بلا سبب, والحياة شيء عظيم لا يجب أن يفقدها الإنسان أبدا هذا ليس عدلا.
بين وهم الرفاهية التي تتيحها لنا التكنولوجيا وهي بالتأكيد تكاد تصل للمعجزات فهي تحقيق ما كانت تحلم به البشرية في عصورها القديمة, لكنها لم تمنحنا السعادة…لماذا؟ لأننا نستجيب لعالم تتحكم فيه مصالح مادية بحتة والإنسان بالنسبة لها سلعة ليس أكثر, جنون مطبق أن نسير في دوائر لا نهائية ننام ونصحو بلا تغيير حقيقي وكل ما يحدث أن الجميع يبحث عنرفاهية أكثر وحسب علي اعتبار أنها ستمنح السعادة وهو حقيقي, لكنها ليست الحقيقة كاملة لقد أجبرتنا الظروف الاقتصادية في العالم علي التخلي عن الكثير من الكماليات التي اعتدنا وجودها في حياتنا وسنضطر للتخلي عما هو أكثر, فالحرب مستمرة لفترة يعلم الله وحده كم ستطول, ولا أحد يعلم أيضا ماذا ينتظرنا من خطط مخبئة من كيانات اقتصادية تكنولوجية عملاقة صارت تتحكم في مصائر البشر…أو هكذا تعتقد المستقبل يبدو غائما بلا ملامح واضحة منذ سنوات وستيمر لفترة ستطول بالتأكيد.
الحل الوحيد للتعامل مع كل ذلك, أن يبحث الإنسان عن خلاصه الفردي وهو جمعي في الوقت نفسه, كل ما نحتاجه هو أن نعيد التفكير في أولوياتنا الإنسانية, لم تستلم الإنسانية أبدا في تاريخها لأي نظام عبودية للأبد, والآن أكثر من أي وقت, نحتاج للتحرر من عبودية تشيعها كيانات عملاقة تستهدف سلب البشر حريتهم لأجل خدمة مصالح اقتصادية للأباطرة الجدد.
الحل من الإنسان…من الفرد وسلوكه التي يستهدف حياة فيها تحقق يمنحه السعادة والاستمتاع بكل تفاصيل الحياة والتي هي نعمة من الله لنسأل أنفسنا دوما:لماذا أفعل كذا؟ وما الذي يسعدني حقا بغض النظر عن رأي المجتمع؟
هذا هو سبيل الخلاص الوحيد