لم أكن أتصور ونحن مستغرقون في متابعة وقائع مؤتمر المناخ في شرم الشيخ أن هناك خططا مبيتة لتسييس المؤتمر واختطافه بعيدا عن أجندته وبرنامجه المعلن… إذ فوجئت مع الكافة المتابعين لجلسات المؤتمر والشغوفين بمعرفة ما تسفر عنه إزاء مواجهة تحديات تغير المناخ وتلوث كوكب الأرض وتكاتف الدول الغنية مع الدول النامية في تمويل سبل التغلب علي تلك التحديات, فوجئت بأن الحلقات النقاشية والمؤتمرات الصحفية المنعقدة علي هامش المؤتمر يتم اختراقها والقفز علي برامجها ممن يثيرون قضايا حقوقية بقصد إحراج النظام المصري… وياليتها قضايا تستحق الإثارة, إنما هي محاولات بائسة للاعتداء علي السيادة المصرية وعلي القانون المصري والسلطة القضائية… محاولات بائسة تراهن علي لفت أنظار دول العالم المشاركة في قمة المناخ, وإحراج النظام المصري بغية الضغط عليه للإفراج عمن أدين بواسطة القضاء ويقضي العقوبة المترتبة علي ذلك.
للوهلة الأولي اعتقدت أن تلك المحاولات ليست سوي اختراق فوضوي لمسار المؤتمر سرعان ما يتم وأده, لكن وجدت الأمر يتمادي ويتجاوز حدود المغامرة الفردية وينعكس علي ما يمكن أن يطلق عليه سيناريو منظم مسبقا لتأجيج القضية بإلباسها زي قضية حقوقية تنتمي إلي قضايا حقوق الإنسان وحرية الرأي, وذلك ما ثبت عقب زيارة ريشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا لشرم الشيخ وتبنيه تلك القضية, ولكن سرعان ما حزم حقائبه وغادر بلادنا مشيعا بخيبة الأمل والفشل.
لم تكن هذه القضية وحدها التي ألقت بظلالها علي مؤتمر المناخ في شرم الشيخ, فقد تم تصدير دعوات التظاهر التي اتخذت شعار 11/11 هي الأخري إلي المؤتمر, وخلقت حالة من الترقب والتوجس بين أرجائه لا تقل عن مثيلتها التي تفشت عبر مصر… لكن ما إن اقترب يوم الجمعة الموافق 11/11 حتي بادرت الأجهزة السيادية المصرية عبر أجهزة الإعلام الوطنية بإزاحة الستار عن واحدة من أبشع المؤامرات التي تحاك ضد سيادة مصر واستقرارها… فما كان يظنه الكافة بأنه ليس سوي محاولات يائسة من جماعة الإخوان المسلمين وأذنابها لإحداث توتر في المجتمع المصري والتهديد بأحداث تظاهر وعنف, تبين أنه أكبر كثيرا من ذلك, وأن نشطاء الإخوان المسلمين ليسوا سوي مخلب قط يتم تجنيدهم لصالح مخطط شيطاني تقف وراءه وتدبره أجهزة المخابرات الأمريكية لزعزعة الاستقرار في مصر وتهديد أمنها!!!!
وأعترف أن هذه الأنباء أصابتني بصدمة… لكني في الحقيقة لا ألومن إلا نفسي, فطالما اقتنعت وكتبت أن السياسة قذرة ولا ثقة أو أمان لها, وطالما قلت إن أمريكا لا يمكن أن يؤمن جانبها إلا فيما يرتبط بالمصالح الاستراتيجية الأمريكية, لكنها لن تتورع أبدا في التآمر ضد بلادنا والإضرار بها طالما أتيحت لها الفرصة… وها هي تعود لتحيك مؤامرة 11/11 التي تصورناها إخوانية بينما هي أمريكية!!..
الحمدلله الذي يحمي مصر من كل شر ويقيها كل سوء… والشكر والتقدير العميق للقيادة المصرية وأجهزتها المخابراتية مع انحناءة احترام وعرفان لقواتها المسلحة, الذين يشكلون الدرع الواقي الحصين لأرضنا المصرية ولشعبها الطيب, فكانت نتيجة يقظتهم وتحركاتهم الواعية أن تم رصد خيوط المؤامرة ومحاصرة أطرافها وشل حركتهم وتأمين الوطن من أعدائه المتربصين به… كما لا يفوتني أن أرفع القبعة احتراما وتقديرا للحكمة والثبات اللذين تسلحت بهما القيادة المصرية في مواجهة ما تكشف; إذ التزمت بكل هدوء المضي في ترتيبات استقبال الرئيس الأمريكي جو بايدن لدي زيارته مصر الجمعة 11/11 ووقفت بكل ثقة ممسكة عن الإعراب عن استياء واستنكار واجبين إزاء المؤامرة الأمريكية… واكتفت القيادة المصرية بإرسال رسالة لها مغزاها للقيادة الأمريكية, حيث أحجم الرئيس السيسي عن استقبال نظيره الأمريكي في المطار وأرسل عوضا عنه إلي مطار شرم الشيخ وزيرة التخطيط الدكتورة هالة حلمي لتتولي إجراءات ومراسم الاستقبال.
ما حدث بعد ذلك خلال ساعات الزيارة للرئيس الأمريكي يصلح أن يطلق عليه إن لم تستح فافعل ما شئت… فبيقين أن الرئيس بايدن يعلم تماما ما كانت تحيكه بلاده ضد السيادة المصرية, وبمعرفته أن خيوط تلك المؤامرة تم كشفها وإحباطها… لم يتورع عن إتمام الزيارة والتحف برداء الملائكة مرددا باقة من التصريحات هذه أهمها:
* مصر هي أم الدنيا, المكان الأنسب لعقد قمة المناخ.
* مصر ركيزة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
* نحرص علي استمرار الحوار مع مصر وأتطلع للمشاركة البناءة في مؤتمر المناخ.
* مصر اتخذت موقفا مهما في أزمة أوكرانيا.. نسعي لأن تكون العلاقات مع مصر أقوي.
*** بعد كل ذلك, لا يسعني إلا أن أبعث برسالة إلي الرئيس الأمريكي تقول: أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك أستعجب!!!