· انتخاب مرقص حنا نقيبا .. لطمة على وجه الإستعمار البريطاني
· مقاطعة البضائع البريطانية .. قرار المحامين إزاء نفي سعد زغلول
· “فقد بقيت لنا المحاماة ولو ضاعت النقابة” .. هكذا تحدث مكرم عبيد بعد انتخابه نقيبا
· الرئيس جمال عبد الناصر يتقلد روب المحاماة خلال مأدبة إفطار أقامتها النقابة
إعداد / سامية عياد
“أليس من الغريب أن نجد في مصر للفحامين والشيالين والمزارعين ولفافي السجائر.. نقابات ترعى مصالحهم ولا نرى للمحامين نقابة؟” هكذا كان نداء أحد المحامين على صفحات الجرائد من أجل إنشاء نقابة تعبر عنهم، وما كان على الزعيم سعد زغلول غير السعي الى تحقيق ذلك الحلم، وبالفعل كللت مساعيه بالنجاح وتأسست نقابة المحامين عام 1912، وعلى مدار تاريخها ناضلت النقابة من أجل الدفاع عن الحريات مهما كلفها ذلك من اعتداءات عليها واعتقال لأبنائها المحامين، بل نجدها تقاوم الاحتلال البريطانى وتشارك فى أحداث ثورة 1919، أنها أعرق وأقدم النقابات المهنية على مستوى العالم العربي.
الجهود الأولى لتشكيل نقابة المحامين
كانت هناك محاولات فردية مثل التي ذكرها في مذكراته المحامي الشهير إبراهيم بك الهلباوي وقد جاء تحت عنوان “الجهود الأولى لتشكيل نقابة المحامين” فكتب فيها قائلا : “من أول عهدى بالمحاماة وأنا شغوف بأن أرى للمحامى نظاما أو نقابه تجمع شتاتها ، وتنيلها شيئا من حقها ، كما يجري الأمر أمام المحاكم المختلطة والأجنبية” ..
وبناء عليه اجتمع الهلباوى مع بعض زملائه المحامين لتحضير مشروع لإنشاء نقابة المحامين وتشكيل أو انتخاب مجلس يقوم بهذا العمل وفي الوقت نفسه يشرف على شؤون المحاماة ، لكن للأسف باءت المحاولة بالفشل إذ أن المجلس لم يهتم بالأهداف المتفق عليها ، فتفرق المحامون وتركوا الأمر فترة طويلة .. وتجددت الفكرة مرة أخرى بعد ما يقرب من عام ونصف ، وعقدت جمعية ثانيه للغرض نفسه ولكنها لم تسلم من الخطأ الذي ارتكبته الجمعيه الاولى من قبل وباءت المحاولة بالفشل أيضا ..
وبقيت المحاماة دون هيئه ترعاها الى أن شعر المحامون أكثر من دى قبل بحاجتهم لهذه الهيئة وأخذوا على عاتقهم مهمة تشكيل نقابة للمحامين نذكر مرقس فهمي ومحمد يوسف وعمر لطفي وغيرهم وقد حضروا فيما بينهم عدة مشروعات تداولها جماعات وفرادى وأخيرا عرضوها بعد تنقيحات متعددة على المستر مكاريث المستشار القضائى للحقانية و تناقشوا فيها عدة جلسات ، ثم بقي الأمر بغير نتيجه حتى تولى الزعيم سعد زغلول وزارة الحقانية “العدل حاليا” ، فتجدد الأمل من جديد ..
سعد زغلول يجدد الأمل
الخطوة الجادة التى أصابت الهدف كان الخطاب الذى وجهه المحامى عزيز بك الخانكى عام 1910 الى الزعيم سعد زغلول يحثه فيه على اتخاذ خطوات عملية نحو إنشاء نقابة للمحامين ، لم يكن الخطاب فى ندوة او اجتماع بل كان خطابا مفتوحا عبر صفحات الجرائد ، جاء فيه : “أليس من الغريب أن نجد في مصر للفحامين والشيالين والمزارعين ولفافي السجائر نقابات ترعى مصالحهم ولا نرى للمحامين نقابة؟ .. ، ونحن المحامين الوطنيين باقون بغير نقابة تشرف على أعمالنا وتدافع عن حقوقنا وتنظر في واجباتنا وتجمع كلماتنا ..” .
، وبالفعل استجاب سعد زغلول وعقد عدة جلسات في مكتبه الخصوصي بمنزله لمناقشة المشروع المقدم بشأن إنشاء النقابة واخيرا اتفق على النص الواجب عرضه من وزارة الحقانية لمجلس الوزراء ليكون قانونا ،
أول انتخابات فى تاريخ النقابة
وفي أكتوبر عام 1912 أصدر يحيى باشا إبراهيم رئيس محكمة الاستئناف الأهلية إعلانا جاء فيه : “نحن رئيس محكمة استئناف مصر الأهلية عملا بالمادة رقم 58 من القانون الصادر في 30 سبتمبر عام 1912 الخاص بلائحة المحاماة أمام المحاكم الأهلية ندعو حضرات المحامين المقبولين أمام محكمة الاستئناف والمحاكم الابتدائية الاهلية للاجتماع في سرايا محكمة الاستئناف الأهلية بمصر في يوم الجمعة أول نوفمبر عام 1912 الساعة 3:00 بعد الظهر لعقد الجمعية العمومية للمحامين وانتخاب أعضاء مجلس النقابة والنقيب والوكيل وسيكون الانتخاب من بين المرشحين لذلك …”
وبالفعل حضر 336 محاميا استطاع 15 محاميا من المرشحين منهم الفوز بعضوية مجلس النقابة لحصولهم على أعلى نسبة أصوات، ثم تلا ذلك إجراء انتخابات لاختيار أول نقيب للمحامين ، فجاء في المركز الأول إبراهيم الهلباوي الذى حصد غالبية الأصوات .
انعقاد أول جمعية عمومية
وفي يناير عام 1913 اجتمعت لأول مرة الجمعية العمومية لمجلس نقابة المحامين الأهلية بدار محكمة الاستئناف الأهلية ولم يكن قد مر على إنشاء النقابة وانتخاب مجلسها الأول والنقيب سوى شهرين فقط ، كان الاجتماع هادئا قصيرا لم يستغرق ساعة ونصف وجدول الأعمال غير مزدحم ، وقد وافق الأعضاء خلال اجتماعهم وبالإجماع على قيمة الرسوم السنوية (الاشتراكات السنوية) ، حيث قررت مبلغ جنيهان رسم سنوي للمحامين المقبولين أمام محاكم الإبتدائي وثلاثة جنيهات رسم سنوي للمحامين المقيدين أمام الاستئناف ،
وكان آخر ما بحثته الجمعية العمومية الأولى هو الاقتراح بإقامة مأدبة للاحتفال بتأسيس النقابة على أن تكون تحت رئاسة سعد زغلول وهو ما يبدو إنه اعتراف بدوره في إنشاء النقابة وتكريم له .
دورها الوطنى فى الحياة السياسية
بدأت النقابة نشاطها بصورة هادئة لا تنبئ اطلاقا عن دور متوقع أو مؤثر في الحياة السياسية فالجو العام في مصر كان خاملا بشكل ما ، فحاكم البلاد الخديوي عباس حلمي الثاني بلا سلطات حقيقية ، والمعتمد البريطاني في مصر اللورد كتشنر يحوز كل السلطات بل أحيانا يهدد حاكم البلاد ، والوزارة لا عمل لها إلا تنفيذ أوامر المعتمد البريطاني ، فى حين انشغلت النقابة الوليدة بترتيب البيت النقابي من الداخل ومناقشة المصروفات وغيرها.
وفي عام 1914 تأجج الجو السياسي والعسكري بين مصر وبريطانيا والدولة العثمانية صاحبة السيادة على مصر رسميا ، فقد اندلعت الحرب العالمية الأولى وقررت بريطانيا فصل مصر عن تركيا وأعلنت الحماية البريطانية على مصر كما عزلت حاكمها الخديوي عباس حلمي الثاني وعينت بدلا منه الأمير حسين كامل الذي منحته لقب سلطان ليساوي السلطان العثماني في اللقب وفي محاولة لإيهام الشعب بأنه حصل على الاستقلال ، ثم اتخذت بعدها سلطات الاحتلال سلسلة من الإجراءات القمعية مثل إعلان الأحكام العرفية وفرض الرقابة على الصحف وتعطيل أعمال الجمعية التشريعية واعتقال العديد من الأفراد منهم محامون ..
ولم يكن في وسع النقابه ولا غيرها التحرك لإنقاذ أعضائها أو حتى إنقاذ الشعب الذي ألقى ببعض أبنائه في ميادين القتال المختلفة ليحفر الخنادق خلف الجيوش المحاربة الموالية لبريطانيا ، ولكن تلك الأحداث المأساوية التي عاشها المجتمع المصري صنعت من المحامين أشخاص أقوياء مؤمنين بحق وطنهم في الاستقلال وجلاء بريطانيا عن أرض مصر.
ومع نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 تصدر المحامون الصفوف وعلى رأسهم نقيب المحامين عبد العزيز فهمي بك الذي ذهب مع سعد زغلول ومعهم رجل المال علي باشا شعراوي الى مقابلة السير ونجت المعتمد البريطاني في مصر وكان ذلك يوم 13 نوفمبر عام 1918 وهو اليوم المعروف بعيد الجهاد الوطني وتناقشوا معه حول مستقبل مصر بعد الحرب ، كافأت نقابة المحامين نقيبها على دوره البارز في تلك المقابلة وقررت الجمعية العمومية اختياره لمنصب النقيب مرة أخرى دون إجراء انتخابات ولكنه رفض وصمم على إجراء العملية الانتخابية بالطريقة المنصوص عليها قانونا وبالفعل جرت الانتخابات وتم انتخابه بالأغلبية ونزل المحامون الى الساحة السياسية بثقلهم بعد نفي سعد زغلول وزملائه..
المشاركة فى أحداث ثورة 1919
شاركت النقابة بقوة في أحداث ثورة 1919 وساندت مواقف المحامين الوطنية في الثورة الأمر الذي منح كفاحهم شرعية قانونية الى جانب شرعية الكفاح ضد الاحتلال وعقب قرار الإفراج عن الزعماء المنفيين وتشكيل وفد مصرى للسفر الى باريس للتفاوض حول مستقبل مصر وحقها في الاستقلال ، انضم للوفد المفاوض نقيب المحامين عبد العزيز فهمي وعدد آخر من المحامين ،
مرقص حنا نقيبا للمحامين
من ناحية أخرى قررت النقابة التي ودعت نقيبها لفرنسا أن تختار نقيبا جديدا يشكل انتخابه لطمة شديدة للاستعمار البريطاني والموالين له وكذلك لمحاولى إشعال فتنة الوحدة الوطنية ، فتم انتخاب مرقص حنا نقيبا للمحامين ، فيما كان مرقص حنا عضوا فى اللجنة المركزية للوفد المصرى ، وهى لجنة شكلت لتكون همزة الوصل بين الوفد المصرى المفاوض فى باريس وبين الشعب المصرى ، فجاء اختيار المحامون لمرقص حنا نقيبا للمحامين ردا على محاولات الإنجليز المخادعة وأيضا ربط النقابة بالكفاح الشعبي لأقصى درجة خاصة أنه بحكم منصبه التنفيذى فى لجنة الوفد يوقع على القرارات والبيانات الهامة للشعب .
الاعتداء على المحامين ونقابتهم
ولأنه نقيب المحامين فقد زج بالمحامين ونقابتهم كطرف أساسي في كل الأعمال التي رأى الإنجليز والقصر أنها ضد مصلحتهم وتقاوم سلطتهم ، فيما تواصلت الاعتداءات المستمرة على المحامين من جانب سلطات الاحتلال ، فتم نفي المحامي مصطفى النحاس مع سعد زغلول واعتقل لفترة محمد نجيب الغرابلي المحامي وزادت أعمال البطش بإلقاء القبض على نقيب المحامين وتقديمه للمحاكمة .
واتخذ أعضاء الوفد المصري إزاء نفي سعد باشا زغلول للمرة الثانية قرارا بتوجيه ضربة اقتصادية لبريطانيا وكانت تلك الضربة عبارة عن دعوة الشعب المصري لمقاطعة البضائع والشركات البريطانية ، فتخوفت السلطات العسكريه البريطانيه من امتداد فكرة المقاطعة لباقي مستعمراتها مما ينذر بخسائر اقتصادية شديدة ، فتقرر إلقاء القبض على الموقعين على بيان المقاطعة وكان منهم مرقص حنا عضو الوفد ونقيب المحامين ..
نداء من المحامين لجلالة الملك
وكان مجلس نقابة المحامين في سبتمبر 1922 قد قرر أن يكتب عريضة جماعية يوقع عليها جميع محامي القطر لرفعها الى جلالة الملك يحثونه على النظر فيما يحدث من اعتداءات على المحامين ، وضرورة إعادة الحرية الى المنفيين و المعتقلين والمسجونين السياسيين إذ كان نص العريضة ما يلى :” يتشرف المحامون أمام جميع المحاكم المصرية أن يتقدموا الى جلالتكم بشكايتهم مما وصلت إليه حالة البلاد بسبب إجراءات السلطه العسكريه البريطانيه ، في الوقت الذي أعلنتم فيه جلالتكم على ملأ العالم أن مصر دولة مستقلة ذات سيادة والأمة تود أن ترى في عهدكم السعيد تحقيق هذا الاستقلال”
كذلك أرسلت نقابة المحامين الى نقيبها في سجنه برسالة جاء فيها : “يا حضرة الزميل سجنت أم لم تسجن أنت نقيب المحامين”
الاجتماع التاريخي في فندق الكونتننتال
مع نهاية عام 1924 وقعت حادثة من أخطر الحوادث التي شهدتها مصر وهو مصرع السير لى ستاك سردار الجيش المصري ، وهو بريطانى استغل الإنجليز مصرعه فقدمت إنذارا لحكومة سعد باشا زغلول وطالبته بمجموعة طلبات أهمها هو انسحاب الجيش المصري من السودان ، فاستقال سعد زغلول وأبدت نقابة المحامين أسفها لوقوع الحادث وفي نفس الوقت احتجت على الإنذار واعتبرت أن التسليم بالمطالب البريطانية تسليما باطلا وتم تبليغ احتجاج نقابة المحامين المصريين الى عدد من نقابات المحامين في عدة دول كبرى، فيما كانت السلطات البريطانية قد ألقت القبض على الأستاذ راغب إسكندر عضو مجلس نقابة المحامين وعدد آخر من المحامين هم مكرم عبيد وشفيق منصور وحامد العبد وزهير صبري.
وفى هذه الأجواء عمدت الحكومة المصرية برئاسة أحمد زيوار الى إصدار مرسوم ملكى بحل مجلس النواب ، فهبت موجة احتجاج فى البلاد منها قيام أكثر من 300 محام برفع عريضة للملك فؤاد يشكون من حل مجلس النواب ، وإزاء قرار الحل قرر أعضاء مجلس النواب الاجتماع من تلقاء أنفسهم بدون صدور دعوة لهم و استندوا الى الدستور ومواده الخاصة فاجتمع النواب في فندق الكونتننتال وسحبوا الثقة من الوزارة وكان ذلك فى يوم 21 نوفمبر 1925 ، وكان من نتائج هذا الاجتماع العودة الى الحياة النيابية وإجراء انتخابات جديدة لمجلس النواب .
1930 عام التحدى
فى عام 1930 حدث أقوى وأفدح اعتداء على البرلمان والدستور ، حيث أقدم إسماعيل باشا صدقي رئيس وزراء مصر على حل البرلمان وإنهاء العمل بدستور 1923 وإصدار دستور جديد عرف باسم دستور منح الملك أكبر قدر من السلطات
وكالعادة حين يعطل البرلمان تصبح نقابة المحامين هي برلمان مصر، فتمت دعوة الجمعية العمومية لدور انعقاد طارئ للنظر في تلك الأحداث وتداعياتها ، وعلى الفور قامت الحكومة بإخطار المجلس أنها لا تسمح بعقد اجتماع الجمعية فى هذا الوقت وأنها ستتخذ جميع الإجراءات لمنعه ، وبالفعل حاصرت الحكومة النقابة ومنعت دخول المحامين إليها ،
ورغم ذلك فقد استطاع عدد من المحامين الوصول الى نقابتهم وعقد الاجتماع ، لكن على الفور اقتحم النقابة معاون بوليس قسم عابدين ومعه اثنين من البوليس وطلب فض الاجتماع واحتج المحامون على دخوله المكان بهذا الشكل فانصرف وعاد بعد قليل على رأس قوة من البوليس اقتحمت الباب الخارجي للنقابة واخرجوا بالقوة المحامين والموظفين الموجودين بداخلها .
مكرم عبيد نقيبا للمحامين
كانت الحكومة حريصة ألا يصل لمنصب نقيب المحامين او حتى يدخل المجلس مكرم عبيد على اعتبار أنه قطبا من أقطاب حزب الوفد المعرض لها ، وحتى لا تتحول النقابة بديل عن البرلمان ، لذلك أصدرت ضده حكم تأديبى لانسحابه من الدفاع فى إحدى القضايا المنظورة أمام محكمة الجنايات ، وأرسلت الوزارة إلى النقابة بلاغا تحذر فيه النقابة من ترشح أحد ممن صدرت ضدهم حكم تأديبى لعضوية مجلس النقابة وكان هذا تهديد صريح من الحكومة الأمر الذى رفضته النقابة وقامت على الفور بانتخاب مكرم عبيد نقيبا للمحامين الذي ألقى كلمة بمناسبة انتخابه قال فيها : “الشرف ، الكرامة ، استقلال الرأي ، حرية العقيدة ، الاعتزاز بالحق .. كل أولئك هي المحاماة وما دمنا محتفظين بكرامتنا حريصين على استقلالنا فقد بقيت لنا المحاماة ولو ضاعت النقابة” .
اعتداء السلطة على قانون النقابة
وجاء رد الحكومة سريعا فقد أضافت فقرة جديدة لقانون نقابة المحامين الصادر منذ عام 1912 وهي: ( لا يجوز أن يكون عضوا بمجلس النقابة المحامي الذي قضى عليه عقوبة من العقوبات التأديبية المنصوص عليها ) ، وزاد على ذلك بأن نص على أنه يسري هذا التعديل بأثر رجعي أي يجب إخراج الأعضاء الحاليين من مجلس النقابة بمن فيهم النقيب لتعرضهم لعقوبة تأديبية ، وعلى ذلك رفضت النقابة سريان ذلك التعديل المشبوه بأثر رجعي وأكدت مخالفة النص للدستور ، ومن ثم فلا محل لإجراء انتخابات جديدة لمجلس النقابة ، مع استمرار الأستاذ مكرم عبيد نقيبا للمحامين .
وإزاء موقف النقابة الصلب قررت الحكومة اتخاذ موقف عملي لإنهاء صلابة المحامين فقررت إصدار قانون جديد للنقابة بدلا من القانون الأصلي الصادر عام 1912 ولعل أهم مواده هو حظر قيام النقابة بدور سياسي ، كذلك حل المجلس وإجراء انتخابات جديدة ، وقبل صدور هذا القانون رسميا قرر محامو المنيا وعددهم 75 محاميا نقل أسمائهم من جدول المحامين المشتغلين الى جدول المحامين الغير مشتغلين احتجاجا على ذلك القانون المزمع صدوره ،
وأكد المحامون في تلك المحنة صلبتهم وانا نقابتهم باقية بينما هؤلاء الحكام زائلون فقام المحامون بانتخاب مكرم عبيد نقيبا لهم للمرة الثانية ، ولم يكتفوا بذلك بل أعادوا انتخاب الأعضاء الذين اعترضت عليهم الحكومة وانتهت تلك الأزمة بنهاية حكومة عبد الفتاح باشا يحيى وتولى توفيق نسيم باشا الذى عمد الى تهدئة الأوضاع مع المحامين ، وقيام الملك فاروق بوضع حجر الأساس لمبنى نقابة المحامين ..
فى عام 1939 شهدت النقابة فصلا جديدا من فصول الإعتداء عليها حينما تم إصدار قانون جديد لنقابة المحامين يحولها من قلعة الحرية الى نادي اجتماعي ، ويحظر على الجمعية العمومية ومجلس النقابة أن يشتغل بالسياسة كما يحظر عليها الاشتغال بالأمور الدينية..، وأرسل مجلس نقابة المحامين خطابا الى علي ماهر باشا رئيس وزراء مصر حاول فيه أن يوجه نظره نحو وجوب عدم الاعتداء على إرادة المحامين وتركهم يختارون من يريدون .
شهد عام 1946 موجة اعتقالات للمحامين نتيجة دفاعهم عن طلبة الجامعة المعتقلين بعد احتجاجهم على مشروع بيفن – صدقى ، وقرر نقابة المحامين الإضراب عن العمل احتجاجا على هذا المشروع الذى يؤدى الى تحويل مصر قاعدة عسكرية بريطانية وأيضا احتجاجا على الاعتداءات التي تقررت من رجال البوليس على الحريات الشخصية وعلى كرامة المحامين ومحاولتهم القبض على بعضهم أثناء قيامهم بواجب الدفاع عن المقبوض عليهم من طلبة الجامعة،
وخاضت النقابة معارك عدة ضد الحكومات المتتالية منذ ثورة يوليو حتى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، الأمر الذى تسبب فى حل مجلس النقابة بقرارات من الرئاسة ثلاث مرات، أولها عام 1954 بسبب الصدام بين مجلس النقابة وثورة يوليو في بدايتها، وثانيتها عام 1971 بسبب رفض النقابة “ثورة التصحيح” التى قام بها الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أما الثالثة فكانت عام 1981 لرفض مجلس النقابة اتفاقية كامب ديفيد،
ومن المواقف التي تذكر خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر ، إقامة نقابة المحامين مأدبة إفطار للرئيس جمال عبد الناصر ، وعدد من الشخصيات من الدول العربية ، وقام محامي مصر خلال مأدبة الإفطار بتقليد الرئيس جمال عبد الناصر روب المحاماة .