تنشر وطني داخل هذا العدد تحقيقا يتناول مشروعا طموحا أعلن عنه اللواء خالد عبدالعال, محافظ القاهرة, تحت مسمي كايرو بايك وهو المسمي الإنجليزي الذي يقابل دراجة القاهرة باللغة العربية (!!!) -ولا تسألوني عن استخدام المسمي الإنجليزي عوضا عن المقابل العربي لأن الإجابة واضحة في الاجتياح الأجنبي لكافة مرافقنا ومؤسساتنا ومشروعاتنا العمرانية ومتاجرنا وغيرها من الأنشطة والمنتجات, فلا غرابة إذا في ضم كايروبايك إلي ذلك الحشد.. ولا عزاء للغة العربية -ونعود للمشروع الذي تتبناه محافظة القاهرة بهدف تخفيف الزحام والحفاظ علي البيئة, من خلال نشر مجموعة من محطات تجمع الدراجات يتم اختيار مواقعها بناء علي دراسات محاور الحركة وارتباطها بمحطات وسائل النقل العام; بحيث يستطيع المواطن استئجارها للتنقل عبر الأحياء والمناطق الموجودة فيها بسهولة ويسر لإنهاء أعماله ومشترياته دون الانغماس في مشقة الزحام التي يتسبب فيها المرور الآلي ودون عبء البحث عن مكان للانتظار ودون الإسهام في استفحال معدلات التلوث.
وحتي لا يبادر أحد بالقول: هو إحنا مهما عملنا إنتم مفيش حاجة عاجباكم؟ سأبادر هنا بنشر الملامح التي أعلنها المسئولون عن هذا المشروع قبل أن أنتقل إلي طرح الأسئلة المعلقة التي لم يتعرض لها أحد وتبقي تبحث عن إجابات:
** من المقرر دخول مشروع كايرو بايك حيز التنفيذ منتصف يوليو المقبل علي أن يتم تفعيله في منطقة وسط القاهرة كمرحلة أولي ثم تتبعها منتصف سبتمبر جاردن سيتي والزمالك قبل أن يتم نشره في ضواح أخري تباعا.
** المشروع يسعي لنشر ثقافة الحد من الاعتماد المتزايد علي استخدام السيارات ووسائل النقل الآلي والاستعاضة عنها بوسيلة نقل صحية وهادئة وخالية من الانبعاثات الضارة بالصحة, كما يسهم المشروع في العمل علي تخفيف الكثافات المرورية من خلال تطبيقات التكنولوجيا بوضع الدراجات في محطات تسمح للمواطن باستئجارها من محطة والتنقل بها ثم تركها في محطة أخري بعد انتهاء احتياجه لها, وذلك في مقابل أجر محدد.
** المشروع يمثل نموذجا يحاكي نماذج عديدة منتشرة في دول أوروبية مثل هولندة والدانمارك وغيرها, علاوة علي دول جنوب شرق آسيا وعلي رأسها الصين واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها.
** بجانب الأهداف البيئية للمشروع في الحد من الازدحام والضوضاء والتلوث, فهو أيضا يساعد علي رفع مستوي اللياقة البدنية لأبناء المجتمع المصري من خلال نشر ثقافة ركوب الدراجات عوضا عن السيارات ووسائل النقل كلما أمكن ذلك.
هذه هي الملامح الرئيسية لمشروع كايرو بايك كما أعلنها المسئولون, لكن تظل هناك نقاط مهمة لم يتعرض لها أحد ولا أتصور أن يكتب لهذا المشروع الطموح النجاح والانتشار دون العناية بها وتأمينها.. ومنها:
** تأسيس فكرة محطات مجمعة تتيح خدمة ركوب الدراجات تعتمد علي غرس ثقافة ركوب الدراجة أساسا سواء بين الأطفال أو الشباب أو العاملين أو الموظفين أو حتي -ولا تستغربوا عندما أقول- كبار السن من المديرين وأصحاب الأعمال… فهي ثقافة تغرس منذ الصغر وتنمو مع تقدم مراحل العمر.
** المشروع يتحدث عن المحطات فقط, لكنه لا يعبأ بالحديث عن خطوط سير تلك الدراجات في شوارعنا- سواء كانت منطقة وسط القاهرة التي سيبدأ تطبيقه فيها أو الضواحي التي ستتبعها في مرحلته الثانية- فهل يتصور القائمون علي المشروع أن المواطن المستهدف منه سيتسلم دراجة ليقتحم بها نهر الطريق ويشق طريقه بين السيارات ووسائل النقل الآلي بكل جرأة وانفلات كما هو معهود في شوارعنا من جانب راكبي الدراجات ومعهم قائدو الدراجات البخارية ومتعهدو الدليفري؟!!… لا أتصور إطلاقا أن نوعية وشريحة المواطنين التي يستهدفها هذا المشروع علي استعداد لتلك المغامرة غير المحمودة العواقب لتعريض أنفسهم للخطر والتضحية بسلامتهم من أجل تخفيف الزحام والحد من التلوث وباقي الأهداف الحضارية التي يبشرنا بها!!!
** من الغريب أن يحدثنا المشروع عن النماذج المماثلة المتبعة في هولندة والدانمارك وغيرها, وكل من زار منا هذه الدول استرعي انتباهه أن جميع شوارعها تشمل مسارات مخصصة لسير الدراجات وحدها تتوازي مع أرصفة المشاة وتنفصل تماما عن مسارات السيارات… وهذه المسارات الخاصة بالدراجات لها الإشارات المرورية التي تحكم حركتها ويحترمها الجميع سواء قائدي السيارات أو حتي المشاة… فأين نحن من كل ذلك؟!!!… لم يحدثنا أي من المسئولين عن خطط لتأهيل شوارع المناطق أو الضواحي التي من المزمع تطبيق المشروع فيها بمثل هذه الحارات المخصصة للدراجات… ومع الأخذ في الاعتبار غياب ثقافة ركوب الدراجة كوسيلة انتقال آمنة بين المصريين, علاوة علي استمرار تردي أخلاقيات القيادة عموما بين سائر وسائل الانتقال في شوارعنا, أري أن مشروع كايرو بايك -بالإنجليزي!!- له مخاطر شديدة جدا جدا بالمصري!!