في كل عام, في مثل هذا اليوم أحس برهبة خفية, وأنا أحاول أن أكتب تحية إلي الأم. إلي كل أم.. إلي أمي.
أحس بالعجز والقصور أمام ينبوع حنانها, وأري الكلمات عاجزة عن التعبير عن حبها وحنانها وجميلها وكفاحها. ومهما كتبت, ومهما حاول كل ابن وكل ابنة أن يرد الجميل إلي هذه الأم لوجد نفسه في نهاية الأمر عاجزا عن أن يرد جزءا يسيرا بسيطا من هذا الجميل.
واليوم, وأنا أحب ابني, وأحنو عليه, وأكافح من أجل أن يعيش راضيا سعيدا أحس كم أحبتني أمي, وكيف كانت تحنو علي. وكم كافحت في سبيل وجودي ورضائي.
اليوم عندما أصحو بالليل عند سماع همسة تطلب شيئا, وأسهر بلا نوم عند ارتفاع بسيط في درجة حرارته, وعندما أدور حولي متلهفة إذا تأخر لحظة عن موعد عودته. أحس كم أشقاها تصرف بسيط مني, وكم سهرت وتعبت وبكت وكم فعلت من أجلي..
اليوم أحس كيف أحبتني أمي.. وكيف أسعدتها كلمات تافهة بسيطة وكيف أشقاها مرض بسيط.. كيف أسعدتها وهي تراني شابة كبيرة.
وأتذكرها وأنا أنظر إلي ابني.. أنظر إليه عندما يتحدث عن آمال المستقبل وتمنياته البريئة بأن يكون طبيبا حينا, وضابطا حينا آخر, ووكيل نيابة في بعض الأحيان. أتذكرها وهو بجانبي, حنانه يملأ وجودي, وكلماته الساذجة التي تفيض بالحب تطوف بكياني وتشعرني بسعادة غامرة.
اليوم أشعر كيف كانت تحبني أمي, لأنني أعرف الآن كيف يكون حب الأم لأبنائها.
كم أسبق الأعوام وأتلهف علي مرور الأيام, لأري ابني بعين المستقبل رجلا لامعا ناجحا كما أتمني وأرغب, واتخيله رجلا يملأ علي المنزل والحياة بأسرها, واتمني أن أبذل له من جهدي, وأتفاني في خدمته وتربيته, وأتطلع إلي الله ضارعة أن يشب صالحا مستقيما ناجحا, وقلبي يعصره الخوف من أن تكون كل هذه أمنيات في الخيال, وأنسي كل شيء في الوجود من حولي, كل أمنية أخري, كل رغبة أخري في سبيل تحقيق اتفه رغبة له, في سبيل أن أراه سعيدا, وأعود.. أعود بقلبي ومشاعري إلي أمي وأتذكر كم قاست, كم تمنت.. كم جاهدت.. كم عانت من أجل أن أكون أنا كما وصلت الآن وأصبحت.. تحية إلي كل أم.. في يوم عيدها..
تحية عرفان بحبها.. بجميلها.. بحنانها بفكاحها..
حبها الذي علمنا كيف نحب… جميلها الذي علمنا معني الأمومة.. حنانها الذي أعطانا الدرس الأكبر في الحنان..
إلي كل أم.. عرفانا بجميلها.. بحبها. بحنانها.. بكفاحها من أجل وجودنا بشقائها من أجل سعادتنا.
إليها.. في يوم عيدها القدسي.. باقة ورد.. كلمة حنونة.. تحية عاطرة.. هدية جميلة.. عرفانا لا حدود له بجميلها.. إليها… مني.. من ابنتها.. من ابنها.. من كل فرد في المجتمع تحية وتهنئة.. وأمنية بأن تري السعادة ترفرف بأجنحتها حولها.. دائما.