هذه التحفة المصرية الرائعة التي تحتضنها أهم قاعات متحف برلين بألمانيا رأس الملكة نفرتيتي.
وقفت أمامها الأسبوع الماضي لأكثر من تسعين دقيقة متأملا كل تفاصيل وجهها.
تلك الشفتان الرقيقتان, وكأنها تنبض بالحياة, والعين التي سلمت من (الإصابة) تنظر إليك وكأنها مدمعة صادقة التعبير عن الحسرة لبعدها عن وطنها (هكذا خيل إلي)!! وتلك الغمازاتان علي وجنتيها, يرسلان بظلال علي الوجه الرائع الممشوق بأبهة, وعظمة تلك الأنف الشامخة والتي تبرز علي صفحة وجه الملكة برقة بالغة.
كل هذه المشاعر اجتاحتني وأنا في أول زيارة لي لها في متحف برلين.
حيث كنت في زيارة عمل لمدة 72 ساعة اقتطعت منهم نصف يوم لكي أزورها وأراها, ورغم قسوة الجو حيث درجة حرارة أقل من صفر, والمتحف في وسط مدينة برلين في الحي الثقافي قريبا من منطقة سور برلين الذي سقط عام 1990 بسقوط الشيوعية في الاتحاد السوفييتي علي يد المصلح جورباتشوف.
وقد أخذت الحكومة الألمانية الغربية (حينها) قرارها بعودة العاصمة من مدينة (بون) إلي مقرها التاريخي في برلين بعد ضم برلين الشرقية إلي الغربية في ألمانيا الموحدة.
وفي منطقة (السور) الفاصل بين ضفتي المدينة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 11945, قامت الحكومة بإهداء جميع الدول التي لها تمثيل دبلوماسي في ألمانيا قطعة أرض في هذه المنطقة التاريخية لكي تبني سفارات الدول كلها في منطقة السفارات بمدينة برلين عاصمة ألمانيا المتحدة.
ومن الرائع أن الحكومة الألمانية اشترطت علي جميع الدول أن التصميم لعمارة السفارة يجب أن يكون من خلال مسابقة يشترك فيها أساتذة العمارة بجامعة برلين مع المعماريين المحليين في كل دولة.
وشكلت لجنة تحكيم أيضا مشتركة بين كل دولة وأساتذة العمارة في برلين.
وكان من حظ مكتبي أن يفوز بجائزة أولي عن المشروع من بين (68) مكتبا متسابقا من الدولتين (مصر وألمانيا).
فكان أيضا لزياراتي الأخيرة حظ أن أقف أمام صرح السفارة المصرية في برلين والتي تمثل في مكعب من الجرانيت الأحمر الأسواني المنحوت عليه زهرات اللوتس, وزخرفة تمثل نهر النيل وطيور الجنوب.
لقد كانت زيارتي القصيرة إلي مدينة برلين هي زيارة لأهم أثر مصري يعيش خارج أرض رأس الملكة نفرتيتي, والتي أحاطوها بسياج من الرهبة المعمارية وسط قبو بارتفاع يصل إلي ثلاثين مترا, ومربع حوالي 20 مترا, وعلي نصب زجاجي وضعت الرأس الملكية, تحت الضوء يحرسها أربع سيدات ورجال أمن داخل هذه الغرفة لمنع التصوير ومنع اللمس, ولكن لا يمكن أن يقترب أحد منك وأنت أمامها لكي ينهي لقائك بها!! مكثت ساعة ونصف دون وعي مسلوب الروح أمامها وحين خروجي من المتحف بمشاعر ممتلئة بالحسرة والفخر والعزة, للأسف مشاعر متضاربة!! أخذت لفحة من هواء برلين المثلج لكي أقرر قطع الزيارة والعودة للقاهرة مريضا تقريبا, بما اسموه (أوميكرون).
والحمد لله فقد شفاني الله وعدت لعملي وذكرياتي.
================