هذ التعبير الاستعماري الجديد (عبقري جدا) ـ أطلقته السمراء د. كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق ـ حينما ارتدت رداء العالم ببواطن أمور الشرق الأوسط ـ والسيطرة علي أطراف القضايا العالمية ـ وفي ظل غزو كامل للعراق وأفغانستان ـ وفي ظل مناخ دولي عام ـ (في ذلك الوقت) ـ بأن نصرا أمريكيا بدا قريبا جدا لأهدافه ـ وارتدي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق جورج بوش (الابن) ـ رداء الحرب وهبط بطائرة عجيبة سطح حاملة طائرات أمريكية ليعلن في وسط فرحة عارمة من جنوده بأن الجيش الأمريكي والحلفاء انتصروا وهذا كان سابقا جدا لأوانه!! فبعدها مباشرة أثبتت المقاومة العراقية أن الانتصار والمعلن عنه هو انتصار (فرقعة أمريكية هوليودية) ـ كما أن أحداث أفغانستان حتي اليوم ـ تثبت أن الحكومة المعينة والمنتخبة فيما بعد قد نالت ثقة شعب (كابول) العاصمة ـ وانكمشت أفغانستان إلي (بلد واحدة) من ضمن كل الدولة ـ هي (كابول) وخارجها لا يستطيع أي أمريكي أو حكومي أو حتي رئيس الدولة في الانتقال أو الخروج إليها حتي ولو كان ذلك في ظل حراسة مدججة بكل أسلحة العصر.
أي أن الانتصارات وهمية ـ ووقتية وليست نهائية.
فالإنتصار ـ هو انتصار إرادة وليس إنتصار جولة في معركة!!
ووسط كل هذا المناخ ـ أطلق بوش كلمته عن الديموقراطيات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط ـ وأن هناك دولا سوف تعيش في ديموقراطية (مستوردة من أمريكا) وسوف تمثل واحات من الحرية والديموقراطية وسط ظلام وغابات من الجهل والتخلف في المنطقة وأن هذا بعثا جديدا تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ـ وتعطي نموذجا للعالم الثالث…
كل هذا العبث وهذا القدر من الغباء في قراءة التاريخ والجغرافيا وفي التوغل في أصول الشعوب ـ وتراثها ـ وآدابها ـ وموروثاتها ـ وعقائدها ـ هذا الجهل المفعم من الرئيس بوش وإدارته ـ واجهته أقلام واعية ــ وواجهته أيضا سياسات من الدول المقصودة بهذه الحملة السياسية المدعمة, بتوغل عسكري جارف في العراق وأفغانستان ـ وتهديد مباشر لإيران ـ وسوريا ـ وتحذيرات واضحة لليبيا ـ ورسم سياسات لبدء عمليات في شرق السودان ـ كل ذلك ـ لم يوقف دفاعنا عن حق دول المنطقة في ديموقراطية ولكن غير مفروضة وغير مستوردة من الخارج ـ ولكن نابعة من داخلها ـ وكانت عبارة السيدة رايس, الفوضي الخلاقة ـ قد ظهرت وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ تلك السياسات بواسطة أجهزة المخابرات الأمريكية والموساد ـ والعملاء داخل بلاد كثيرة ـ ولكنها جميعا باءت بالفشل ـ وآخر موقع يمارس فيه الفوضي الخلاقة هي دارفور ـ والسودان كدولة وبما في ذلك ما يتم اليوم في إثيوبيا حيث اللعب بالنار في مشروع سد النهضة وهو يمكن تسميته سد الفوضي الخلاقة ـ وكان أحد أدوات الفوضي الخلاقة هو ذلك القرار الخاص بالقبض علي رئيس الدولة!! ومازلنا في المسرح العالمي نرصد تلك المسرحية (الفوضي الخلاقة) ولم يسدل الستار بعد عن تلك الدراما السوداء في عالم القطب الواحد!!