هذا وقد أسدل الستار علي السباق السنوي للدراما المصرية خلال شهر رمضان وقد امتلأت العيون بالحشو الفني بطيبه وخبيثه بحسنه وشره بكل ما يحمل من تنوع صار يمثل زحاما سنويا قادرا علي تشتيت المشاهد ويفشل مهما بلغ من قدرة ووقت علي متابعة أكثر من 20 عملا فنيا علي مدار شهر واحد وهو ما يعادل ما يذاع من أعمال جديدة خلال العام بأكمله… لكنه صار أمرا واقعا لا مفر منه.
تضاعفت المعاناة بهذا الكم غير المحتمل من الفواصل الإعلانية التي ساهمت أيضا في عزوف عدد كبير نحو المتابعة علي منصات الإنترنت هربا من جحيم الإعلانات.
يبقي في العيون بريق حاضر وفي الأعمال بعض ما يستحق الإشادة وكثير ما يجب التوقف عندها بسبب أخطاء ومقالب فنية ومنطقية وضعف في المعالجة والتناول.
هنا أحب أن أتوقف عند بعض الوجوه التي أطلت من خلال أعمال فنية وتألقت في أدوارها وتقف مني زكي في مقدمة الصفوف بعد أداء ملهم وناضج ومختلف من خلال مسلسل مختلف ومتميز هو لعبة نيوتن عن قصة وإخراج تامر محسن وشهد العمل مباراة فنية شديدة التميز بين أبطاله (محمد ممدوح ـ محمد فراج ـ والمبدع سيد رجب).
ولا شك أن النموذج الذي جسده فراج وهو شخصية مؤنس كشف وبعمق عن هؤلاء الذين يستغلون الدين ويحاولون تطويعه لمصالحهم الذاتية قد غاص أكثر من أي خطاب مباشر وزاعق في تلك الشخوص ودوافعهم وأدواتهم.
كما أن الممثلة أسماء أبو اليزيد التي أطلت علينا في فيلم الممر وتركت علامة لدي كل من شاهد العمل تعاود التألق بأداء هو السهل الممتنع وبمنتهي التلقائية من خلال دورها في مسلسل الاختيار 2 للمخرج بيتر ميمي
كما جاء أداء الموهوبة حنان مطاوع في مسلسل القاهرة ـ كابول أحد النقاط المضيئة في عمل توفرت به النوايا الطيبة لكن أفسدته المباشرة وروح الوعظ التي سيطرت علي صناعه فأهدرت طاقة حنان وضاع جهد كل من طارق لطفي وفتحي عبدالوهاب.
وفي منطقة التميز وفي مكانة متقدمة الممثلة المميزة سهر الصايغ التي نجحت في أول بطولة لها وقدمت شخصية متعددة الانفعالات ببساطة وعدم تكلف أو مبالغة فوصلت إلي المشاهد عبر بوابة الصدق ويمثل مسلسل الطاووس أحد الأعمال التي لاقت نجاحا من حيث نسب المشاهدة كما استقبلها النقاد بتقدير كبير رغم وجود نقطة ضعف ملفتة للنظر وهي عدم قدرة بطل المسلسل جمال سليمان علي إتقان اللهجة المصرية بشكل يناسب شخصية محام يعيش في الإسكندرية.
ويقف أيضا صناع مسلسل بين السما والأرض الذي أعاد من جديد مسلسلات ال15 حلقة بعد غياب طويل وتمكن الكاتب إسلام حافظ من التعامل بشكل جيد مع قصة نجيب محفوظ, وأضاف المخرج محمد جمال العدل أبعادا جديدة لشخصيات القصة التي قدمها المخرج الكبير صلاح أبو سيف في السينما منذ عقود.
وحول الخاسرون في دراما هذا العام فهم كثر وعلي رأسهم المخرج محمد سامي وأبطال مسلسل نسل الأغراب الذي تعرض لانتقادات حادة لما قدمه من نموذج غير واقعي لحياة سكان الصعيد وارتباك في إتقان اللهجة وكافة تفاصيل الشخصيات.
كما جاءت أعمال يسرا وغادة عبدالرازق وررجينا وباسم سمرة بعيدة عن النجاح المعتاد لأعمالهم.
وتعرض مسلسل موسي وبطله محمد رمضان لانتقادات حادة أظن أن السبب الرئيس فيها هو رمضان نفسه وقدر الجدل الذي أثير حوله وحول تصريحاته ومواقفه التي أغضبت الكثيرين.
كما تعرض عمرو سعد لخسارة كبيرة هذا العام من خلال مسلسل ملوك الجدعنة الذي تعرض لهجوم وانتقاد منذ أول أيام عرضه وتركزت حول مستوي الحواروترديه وضعف الحبكة الدرامية وسوء النص بالأساس.
الملاحظ بشكل عام أن الدراما المصرية التي تحولت إلي دراما النجم أصبحت تعاني من تراجع واضح في مستوي الكتاب والمخرجين وربما يعود ذلك إلي عملية تفصيل النصوص علي هوي النجوم مما يؤدي إلي ترد فني كبير في الأعمال المقدمة لننتظر الصدفة وحدها هي التي تقدم لنا عملا جيدا.
ولعل نموذج الكاتب عبدالرحيم كمال يؤكد ذلك, فهو كاتب موهوب ولديه قدرة علي تقديم أعمال جيدة لكن صناعة دراما من أجل نجم أدت إلي ضعف مستوي نجيب زاهي زركش للنجم يحيي الفخراني.
يبقي في العيون بريق حاضر وفي الأعمال بعض ما يستحق الإشادة وكثير ما يجب التوقف عندها بسبب أخطاء ومقالب فنية ومنطقية وضعف في المعالجة والتناول