ورد إلي ذهني عنوان هذا المقال وأنا أقرأ عظة الأحد بتاريخ 2021/3/14 للبطريرك الماروني بشارة الراعي, أي بعد أسبوع من الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس للعراق, ومفاد العظة أن الجيش اللبناني هو القوة الشرعية الوحيدة المسئولة عن الدفاع عن لبنان بحيث لا يجوز تغطية أي سلاح غير شرعي إلي جانب سلاحه علي حد تعبيره.
وأنا هنا أريد إحداث تغيير طفيف علي هذا التعبير فيكون علي الوجه الآتي: بحيث يلزم تعرية سلاح حزب الله, إلا أن هذه التعرية لن تكون ممكنة إلا بالكشف عن مغزي مولد ذلك الحزب, فقد ولد بعد اغتيال الإمام موسي الصدر في 31 أغسطس من عام 1978 في ليبيا بأمر من القذافي وبتوجيه من آية الله خوميني زعيم الثورة الإيرانية, وكان الإمام في حينها رئيس المجلس الشيعي الأعلي ومؤسس هيئة نصرة الجنوب والمقصود هنا جنوب لبنان.
وكان البديل تأسيس حزب الله بزعامة حسن نصرالله, والغاية من تأسيسه القضاء علي إسرائيل وطرد المسيحيين ليس فقط من لبنان إنما أيضا من منطقة الشرق الأوسط تمهيدا لاستدعاء الخلافة الإسلامية للتحكم في المنطقة بقيادة نظام الملالي في إيران علي أن يمتد هذا التحكم إلي جميع دول كوكب الأرض, ومن هنا كان من اللازم إبرام اتفاقات إبراهيم بين إسرائيل ودول عربية برعاية رئيس أمريكا السابق دونالد ترامب.
ومن هنا أيضا يكون مغزي عبارة البابا فرنسيس التي قالها للمرجع الشيعي آية الله العظمي علي السيستاني في العراق بضرورة إعادة المسيحيين المطرودين إلي العراق.
ومن هنا للمرة الثالثة يمكن القول إنه من اللازم استعادة البيان الختامي للمؤتمر الأول لمسيحيي الشرق الأوسط الذي انعقد في عاصمة لبنان في أكتوبر من عام 2013 وجاء فيه: إن مسيحيي الشرق الأوسط هم أبناء المنطقة ويجب أن يبقوا في مناطقهم.
وإثر انتهاء المؤتمر أعلن البطريرك الماروني بشارة الراعي في مؤتمر صحفي أن المسيحيين مواطنون أصليون وليسوا أقلية ولا يحتاجون أي حماية.
وفي هذا السياق ورد إلي ذهني كتاب للقس الدكتور أندريه زكي وكان في حينها نائب رئيس الكنيسة القبطية الإنجيلية, وقد أهداني إياه في فبراير 2006, عنوانه الرئيسي الإسلام السياسي والمواطنة والأقليات وعنوانه الفرعي مستقبل المسيحيين العرب في الشرق الأوسط, وجاء فيه أن أزمة مسيحيي الشرق مردودة إلي سببين: الإسلام السياسي وعلم اللاهوت, وتفصيل ذلك: الإسلام السياسي بدايته مع حسن البنا في تأسيسه للإخوان المسلمين في عام 1928 وتطوره عند سيد قطب. عند حسن البنا الإسلام هو الدولة وهو الوطن, ومهمة الدولة ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية تمهيدا لتأسيس الخلافة الإسلامية, وفريضة الجهاد عنصر أساسي في فكره, أما عن سيد قطب فالحداثة الغربية مرفوضة لأنها جاهلية, والبديل الحاكمية التي تعني الخضوع المطلق لله, ثم الحاكم ممثل الله علي الأرض, والمسيحيون العرب ذميون وليسوا مواطنين.
هذا عن الإسلام السياسي, فماذا عن علم اللاهوت؟ والجواب عند القس الدكتور أندريه زكي إنه حاكم لذهنية الأقباط والموارنة في لبنان, فابتداء من منتصف القرن العشرين انسحب الأقباط من الحياة السياسية إثر ثورة 1952, وأصبحت الكنيسة هي الصوت السياسي وتداخلت مع الدولة في كراهية اليهود, وبناء عليه يكون من اللازم عقد المؤتمر الثاني لمسيحيي الشرق ويكون المشاركون في عقده جميع الكنائس المسيحية.