رأى الرب مذلة شعبه فى أرض مصر وسمع أنينهم من عبودية فرعون، وأراد الرب أن يعد لهم قائدًا عظيمًا يقود الشعب إلى أرض الموعد، ولكن عجبًا أن حكمة الله تدبر أن يتخرج هذا القائد من قلب بيت فرعون فيتهذب بكل حكمة المصريين.
كان من المستحيل أن يخطر على بال فرعون ولا للحظة أن أمره الذي أصدره لإبادة أطفال الإسرائيليين هو الذى يقود موسى إلى هذه المكانة العظيمة. فما أعظم حكمتك يا رب يا من تخرج من الآكل أكل ومن الجافى حلاوة، فبرغم المحنة الرهيبة التى تعرض لها بنو إسرائيل حين قتل أولادهم لكن منها تخرج كليم الله موسى.
حتى المحن يا رب التى تسمح بها لها ثمارها الكثيرة فهى بمثابة الرياح التى تثبت غرسك وكرمك، وهى الغربلة التى تنقى الحنطة وهى الساحة التى تختبر فيها يدك الرفيعة.
صحيح “ما أعظم أعمالك يا رب. كلها بحكمة صنعت” (مز ٢٤:١٠٤ ).
هذه الحكمة العالية تجعلنا نسلم كل أمور الحياة لله بإيمان وارتياح “الرب يفعل ما يحسن فى عينيه” (٢صم١٢:١٠ ) فلن اختار لنفسى أفضل مما يختاره هو لى مهما بدا اختياره غير مفهوم أو ضد رغبتى لابد فى النهاية أن حكمة الله تعمل ما هو أفضل.
“لست تعلم انت الآن ما أنا اصنع ولكنك ستفهم فيما بعد” (يو٧:١٣). ما احسبه الآن ربحا وأنا أعلم أنه ضد إرادة الله هو الفشل بعينه، وما احسبه الآن من إرادة الله خسارة، لابد أنه سيؤول فى المستقبل إلى نجاح ما كنتأتوقعه.
إن عظمة قدرته تجعلنا نكف عن استفهامات كثيرة فالذى وعد هو على مستوى القدرة بأن يفعل المستحيل، خمس خبزات شعير لا قيمة لها ولكن بين يدى الله “الصغير يصير ألفا والحقير أمة قوية. أنا الرب فى وقته اسرع به” (اش٢٢:٦٠ ).