لم يكن الحب الذى قدمه الرب يسوع على الصليب مجرد قصة تاريخية تحكى بل هو طبيعة فى شخصه المبارك كانت و ستظل ثابتة فيه مدى الأيام و السنين فهو المحبة “الله محبة” (١يو٨:٤ ).
برغم ما بدر من التلاميذ من هروب و شك و إنكار إلا أن الرب بعد القيامة أراد أن يعيد تلك النفوس التى ضعفت و يضمها إلى حضنه الحنون، و بدأ يذكرهم أن حبه يحتويهم و يحتوى ضعفاتهم، أراد أن يقول لكل نفس منهم أن حبه لهم هو هو امسا و اليوم و الى الأبد و ان عدم امانتهم لا يبطل امانته فى حبه غير المتناهى.
و فى حنان فائق بدأ يسترجع معهم ذكريات المحبة الأولى ليعيد إليهم الثقة فى إمكانية قبوله لهم رغم ضعفاتهم. قبل الصليب قال لهم “ليس أنتم اخترتمونى بل أنا اخترتكم” ( يو١٦:١٥) و ها هو بعد القيامة يعيد إليهم الثقة فى حبه مؤكدا على ارساليته لهم بقوله “كما أرسلنى الآب أرسلكم أنا…من غفرتم خطاياه تغفر له و من امسكتم خطاياه أمسكت” ( يو٢٣:١٩).
أيضا أعاد للقديس بطرس دالة المحبة حين سأله “اتحبنى اكثر من هؤلاء” (يو٢١:١٥ ) ثم يقول له “ارع غنمى” و كأنه يريد ان يقول له احسست بقلبك التائب النادم فثق ان حبى لك اليوم كما الأمس.
إنه فى صفحه عما بدر منا يريد أن يعلمنا أن اخطاءنا لا يمكن أن تغلب حبه لنا فكم من مرة نهرب من شخصه فاقدين كل رجاء خجلين من خيانتنا له أمام حبه الغافر، و فى هذا يقول القديس يوحنا ذهبى الفم فى رسالة لساقط يائس: [إن كان الشيطان لديه هذه القدرة أن يطرحك أرضا من العلو الشامخ و الفضيلة السامية الى أبعد حدود الشر، فكم بالأكثر يكون الله قادرا ان يرفعك إلى الثقة السابقة، و لا يجعلك فقط كما كنت بل أسعد من ذى قبل].