تحت أقدام الصليب “الأرض تزلزلت و الصخور تشققت” (مت٥١:٢٧ ).
تحت أقدام المصلوب قلوب متحجرة لانت ونفوس خاطئة تابت “كل الجموع الذين كانوا مجتمعين لهذا المنظر لما ابصروا ما كان رجعوا وهم يقرعون صدورهم” (لو٤٩:٢٣ ).
قائد المئة صاحب القلب الرومانى القاسى يعترف فى خشوع “حقا كان هذا الإنسان ابن الله” (مر٣٩:١٥ )
حقا لا شئ يلين القلب القاسى والنفس الخاطئة قدر التأمل بتمعن فى أحداث الصليب، كما نصلى فى قسمة القداس [عند اصعاد الذبيحة على مذبحك تضمحل الخطية من اعضائنا بنعمتك].
ذلك لأن آلام الرب يسوع تنشئ فى النفس حزنا وكراهية للخطية التى كلفت الرب هذا الثمن الباهظ [فاحزنى يا نفسى على خطاياك التى سببت لفاديك الحنون هذه الآلام] ،كما يقول القديس بولس “لأن الحزن الذى بحسب مشيئة الله ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة” (٢كو١٠:٧ ).
فى نفس الوقت فإن التمعن فى الصليب يعطى الإنسان دالة للوقوف أمام الله ورجاء فى التوبة، لذلك فى صلاة الصلح يرفع الكاهن اللفافة المشيرة لختم القبر وهو يقول [إذ لنا العلامة العظيمة الكاملة التى لمحبة ابنك الوحيد فلا تطرحنا نحن عبيدك من أجل دنس خطايانا].
التوبة المبنية على أساس حب الصليب لا يمكن أن تكون شيئا عارضًا بل هى توبة تزيدها الأيام صلابة وتزيدها التجارب والاختبارات إيمانا وثقة وتملأها نعمة الإبن الوحيد ثمارًا صالحة.
فأى مفهوم للتوبة بعيدا عن الصليب هو مفهوم ناقص لأنها تعنى عطاء من الإنسان لينتظر المقابل من الله، أما فى الصليب فالتوبة هى الثمر المنتظر بعد عطاء الله غير المحدود.
بالمفهوم الأول عاش الإبن الاكبر “ها انا أخدمك سنين هذا عددها وقط لم اتجاوز وصيتك وجديا لم تعطنى قط لأفرح مع اصدقائى” ( لو٢٩:١٥) فكانت حياة توبة ناقصة يعوزها التمعن فى حب الآب “كل ما لى فهو لك”
ولكن بالمفهوم الثانى قدم الابن الأصغر توبة كاملة فلم يرجعه إلى البيت إلا دالة حب الآب.
فالتوبة هى رجوع إلى حضن الآب و أى شىء يمكن أن يجذبنا إليه أكثر من حبه الذى قدمه الرب يسوع على الصليب فالكلمات أضعف من أن تفى بكل معانى هذا الحب..
القديس بولس الفيلسوف لم يستطع أن يعبر عن هذا الحب الغامر إلا بقوله “محبة المسيح الفائقة المعرفة” (اف١٩:٣ ) [ليس شىء من النطق يستطيع أن يحد لجة محبتك للبشر].