ترآى الشيطان للأنبا مقار مرة و قال له: يا مكاريوس انت تطرحنى على الأرض بقوة عظيمة وأنا لا أستطيع أن أغلبك، ولكن انظر هوذا كل عمل تعمله أنت أستطيع أنا أيضا أن أعمله، أنت تصوم وأنا لا اكل أبداً، أنت تسهر وأنا لا أنام، أنت تسكن البرارى والقفار ونحن كذلك، ولكن بشىء واحد تغلبنا.. فسأله القديس عن هذا الشىء، فأجاب: بتواضعك وحده تغلبنا.
السؤال.. كيف نقتنى الاتضاع؟ ولكن قبل الإجابة على هذا السؤال علينا أن نعلم أن الإنسان الذى يرى أنه قد اقتنى الاتضاع فهذا فى حد ذاته علامة على الكبرياء، إذ يرى نفسه قد تنازل إلى مستوى لا يليق بمقامه الرفيع الذى يستحقه..
أما الاتضاع الحقيقى فهو يقين الإنسان وقناعته بأنه لا شىء، لذلك ما يساعد الإنسان على اقتناء الاتضاع هو تذكره المستمر انه لولا نعمة الله لما كان له وجود، وهذا يسهل عليه كسر رغبة الذات فى المتكأ الأول.
الحقيقة أننا لو نظرنا بنظرة قصيرة تحت أقدامنا، يجذبنا بريق المتكأ الأول ولكن بنظرة أعمق نفهم جلال وعظمة وسمو ورفعة المتكأ الأخير. بحسابات العالم يكون الترتيب بالعدد من الأول ثم الثانى فالثالث…إلخ ولكن الترتيب السماوى من حيث الجلال والعظمة وبهاء القداسة يبدأ من الآخر ويستمر العد التنازلى إلى الأول فيصبح المتكأ الأول فى آخر صفوف السمائيين “كثيرون أولون يكونون آخرين وآخرون أولين” (مت٣٠:١٩ )
فمرحبا بالمتكأ الأخير الذى لا يتسابق عليه إلا الحكماء “تواضعوا تحت يد الله القوية لكى يرفعكم فى حينه” (١بط٦:٥ ).
ابحث عن المتكأ الأخير واعلم أن الكرامة هى من الله، فكم من أناس اخذوا المتكأ الأول ولم يزدهم كرامة أو مهابة. بل وأحيانا العكس كان المتكأ الأول بالنسبة للبعض سبب إهانة وازدراء، وكم من أناس اختاروا المتكأ الأخير وكان لهم موضع مهابة فاقت المتكآت الأولى.