(1): طفلان في حديقة
حكت لي صديقة تشغل منصبا مهما.. قالت: تعرف أنني فقدت زوجي بعد سنوات قليلة من زواج سعيد, فأحسست بالوحدة والتعاسة, وفقدت اهتمامي بكل شيء.
في أحد أيام الأعياد, دعاني بعض الأصدقاء لأقضي اليوم معهم, لكنني تصورت أنني سأضايقهم بما أعاني من هموم, فرفضت الدعوة. مع ذلك خرجت أسير وحدي في الشوارع إلي غير هدف. ووجدت نفسي عند موقف سيارات عامة, فركبت أول أتوبيس صادفني, ونزلت في المحطة النهائية, فوجدت نفسي في مكان لا أعرفه.
شاهدت حديقة عامة صغيرة, دخلت إليها, وجلست علي أحد المقاعد. وبسبب شدة الإرهاق استغرقت في النوم. وعندما استيقظت, وجدت أمامي طفلا وطفلة يسأل أحدهما الآخر: هل هذه السيدة مريضة؟ وأحس الطفلان بالخوف عندما استيقظت, لكنني لاطفتهما, ولاحظت أنهما يلبسان ثيابا قديمة, فسألتهما عن والديهما, فقالا: ليس لنا والدان.
عندئذ خجلت من إحساسي بالشقاء رغم كل من أجدهم حولي من أصدقاء وأسباب للراحة, وأمسكت بأيديهما, واشتريت لهما بعض الحلوي والهدايا. وكم كانت دهشتي عندما وجدت إحساسي بالوحدة والشقاء قد تبخر.
لقد أعطاني هذان اليتيمان السعادة التي فقدتها منذ أشهر, وأخذت أشكر الله علي طفولتي السعيدة في ظل والدين أحاطاني بالحب والحنان. لقد أعطاني هذان اليتيمان في ذلك اليوم أكثر مما قدمت إليهما. وعلمتني هذه التجربة أن السعادة أخذ وعطاء, فإذا حاولنا أن نعطي السعادة للآخرين, فزنا بها نحن أنفسنا.
(2): بائع النصائح
يحكي أنه منذ مائة سنة, كان هناك رجل ممن يقومون بالحلاقة وبعض المهام العلاجية الأخري. خرج يوما يتمشي, فشاهد عددا من الناس يلتفون حول رجل مشهور عنه الصلاح, وقد وقفوا يشترون منه نصائح منقوشة علي قطع من نحاس.
اقترب الحلاق من بائع النصائح يسأله عن ثمن الواحدة منها, فقال له البائع: ثلاث قطع ذهبية. وكان الحلاق قد ادخر ما يساوي قيمة تلك القطع, فأعطاها للبائع, وأخذ منه نصيحة وجدها تقول: لا تعمل عملا قبل أن تفكر في نتائجه, لكن الحلاق ظن أن هذه الحكمة لم تضف إلي علمه شيئا جديدا.
ثم حدث أن حاكم المدينة مرض, فقد أصابه جرح, وتلوث الجرح وكان لابد من تنظيفه, فاستدعوا له ذلك الحلاق.
عندما كان في طريقه إلي قصر الحاكم, قابله شخص, قال له: إذا كنت ذاهبا لعلاج الحاكم, فخذ مني هذه المجموعة من الأدوات الجراحية الثمينة لتستخدمها, بدلا من أدواتك البسيطة التي لا تليق بعلاج الحاكم.
كاد الحلاق أن يستجيب لهذا الكلام, إلا أنه تذكر فجأة النصيحة التي اشتراها, ففكر قائلا: لقد استخدمت دائما أدواتي البسيطة, ونجحت في علاج مرضاي, فلماذا أستخدم الآن أدوات جديدة لا أعرف شيئا عن نتائج استخدامها؟! وهكذا قرر أن يواصل استخدام أدواته البسيطة.
وعندما دخل الحلاق لعلاج الحاكم, كان يشعر ببعض القلق وهو يفكر في أمر ذلك الرجل الذي قابله, ولاحظ الحاكم قلقه, فسأله عما يشغله, عندئذ قص الحلاق عليه ما حدث.
وسرعان ما أرسل الحاكم رجاله يبحثون عن الشخص الذي حاول أن يعطي الحلاق تلك الأدوات الثمينة. وعندما عثروا عليه, وفحصوا الأدوات التي كانت معه, وجدوها مسمومة!
وأمر الحاكم بعقاب الخائن أقسي عقاب, بينما منح الحلاق مكافأة كبيرة, لأنه عرف كيف يستخدم جيدا تلك الحكمة التي نقشها رجل صالح علي قطعة نحاس!
Email: [email protected]