رغم مرور 47 عاما علي ذكري أهم نصرفي تاريخ مصر.. نصر جعل العالم يقف مذهولا أمام ما حدث لأنه صدق وقتها أكذوبة إسرائيل بأنها الدولة التي لن تقهر.
وقتها لم يكن أحد يتوقع المعجزة التي صنعتها مصر.. تلك المعجزة لم تصنع بسواعد جيشنا العظيم فقط, ولكنها كانت ملحمة اشترك فيها الجميع بدءا من رئيس الجمهورية الزعيم محمد أنور السادات حتي أصغر مواطن في مصر.
وقد حالفني الحظ منذ عدة سنوات أن أحاور العديد من أبطال أكتوبر. وأتذكر الآن جملة السيد اللواء طيار محمد عكاشة رحمه الله وهو من نسور حرب أكتوبر قال لي: أرجوكم أسمعونا ودونوا كل حرف بنقولوه قبل فوات الآوان, أن ما تعلموه عن حرب أكتوبر ما هو إلا قشورا من حرب تدرس في العالم كله, وسرد لي وقتها كيف كانت معاناتهم في ظل ظروف صعبة وحدثني عن خطط الخداع التي فاجئت العدو وشلت تفكيره عن اتخاذ أي قرار واعتبرته, جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل كارثة ساحقة وكابوسا سيظل باقيا معها علي الدوام اللواء محمد عكاشة يعد رائد فكرة الطيران المنخفض أثناء حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر حتي لا تلتقط رادارات أو صواريخ العدو طائراتنا المتجهة إلي سيناء, شارك في كل الحروب الحديثة بداية من حرب اليمن وحتي حرب أكتوبر 1973, وحصل علي نوط الشجاعة, ونوط الواجب العسكري, ونوط الجمهورية, كما حدثني اللواء أركان حرب طيار سمير عزيز ميخائيل أشهر طياري حرب أكتوبر ـ أطال الله عمره ـ أن حب المصري لبلده يفوق أي حب حتي حبه لنفسه وبقائه.. متذكرا أنه أثناء حرب الاستنزاف أقلع بمفرده من مطار الغردقة وبدون أوامر وبدافع الغيظ تجاه أحد مطارات العدو في جنوب سيناء (رأس نصراني ـ شرم الشيخ حاليا) لكي يبث الفزع في نفوس الإسرائيليين القابعين في أرض مصر. قيل عن اللواء سمير أنه ولد ليطير وأن الطائرة التي يقودها سمير عزيز ميخائيل تئن منها الأشجار وتحدثت عنه الصحف الإسرائيلية والغربية وحصل علي العديد من الأنواط نظرا لشجاعته وجرأته.. أما اللواء محمد رشاد وكيل المخابرات العامة الأسبق حدثني عن أهمية وخطورة المعلومة وأن حرب المعلومات لا تقل عن أي حرب.. لذلك كانت إسرائيل تدفع الكثير, وتوعد بالكثير لمن يأتي لها بأي معلومة عن مصر حتي ولو كانت بسيطة ولهذا لعبت المخابرات المصرية دورا كبيرا محوريا في حرب أكتوبر لتضليل العدو بمعلومات كاذبه.. ولا أنسي أبدا عندما قال لي إن إسرائيل تشبه مصر بقالب الزبدة لا يجب أن يكون ساخنا يصعب السيطرة عليه أو جامدا يصعب تطويعه.. ولكن يجب أن يكون دائما لينا حتي يسهل التحكم فيه.
إن الحكايات عن أبطال أكتوبر لا تنتهي فهي دروس عظيمة في الوطنية والتضحية وبذل الذات.
شكرا لكل جندي ضحي بنفسه وسطر قصة جديدة في ملحمة النصر والعزة والكبرياء.