زمن جميل أخذني إليه الكاتب والباحث ملاك بشري في مقاله في هذا العدد عن تاريخ مصر الذي شهد عبر القرون والأزمنة الحالة الإنسانية الجميلة التي كانت تجمع أبناء الوطن دون أي تفرقة.. وأضم صوتي لصوت الكاتب وأطالب بضرورة تدوين كل الرموز الوطنية والحكايات التي تنم عن عمق العلاقة بين المصريين جميعا في كتب التاريخ. كما أتمني من القائمين علي الدراما من الأفلام والمسلسلات وأيضا المسارح أن يرصدوا هذه الحقبة التي كانت فيها مصر تحتضن الجميع دون تفرقة وهنا يحضرني العمل الدرامي الرائع حارة اليهود الذي كتبه وأخرجه وأنتجه العدل جروب وهم مشهود لهم بوطنيتهم واختياراتهم للأعمال التي تبرز جمال مصر..
رأيت في هذا العمل يهود مصر الذين عاشوا فيها وعشقوا ترابها وكانوا من أخلص أبنائها.. ففي هذا العمل اختزل الكاتب د.مدحت العدل مصر في صورة حارة اليهود بكل أطيافها وثقافاتها واختلافاتها فكانت نموذجا للعيش المشترك بين اليهود والمسلمين والمسيحيين حتي أن الكاتب كان منصفا وصادقا لأقصي درجة وجعل البطلة اليهودية مخلصة لوطنها مصر ولا تعير اهتماما لإسرائيل وتحملت العذابات من أجل مصر وظهر فصيل الإخوان في الحارة وكان كالسوس الذي ينخر في العظام, وظهر أيضا الشاب اليهودي الذي لا يشعر بالانتماء إلا لإسرائيل وبدأ بعمليات تخريبية في مصر, ولكن مصر ظلت قوية بأبنائها المسلمين والمسيحيين واليهود.. ومن الطبيعي أن يفرز الاختلاف قصة حب نقية بين الظابط المسلم واليهودية وفي لفتة ذكية من المؤلف قدم لنا رفض الفتاة لتغيير دينا في حوار صريح بين الفتاة اليهودية والظابط, ولسان حال المؤلف يقول: إن الحب الذي وضعه الإله في قلبيهما لا يعرف الفروق بين الأديان ويتفق الطرفان علي الزواج المدني.
إن الفن له دور كبير في ترسيخ التعايش المشترك من خلال إبراز كل ما هو جميل في الإنسان.. فالأديان تقرب القلوب ومصر المظلة التي يحتمي الجميع بها, وستظل الحضن الدافئ لكل من يعيش علي أرضها.