استكمالا لمقالنا السابق نشره في 13 سبتمبر 2020 تحت عنوان (مصائب الإسلام السياسي في مصر).
نتابع الحلقة الثانية من تلك المقالات عن الاستراتيجيات التي اتبعتها تلك الجماعة لكي تصل إلي مقاليد الحكم في البلاد وتطبيق سياسات تم تصميمها تحت إشراف أجهزة مخابراتية, وكان إنشاؤها عام 1928 تعاونا مع سلطة الاحتلال في البلاد, ودعمها ماليا وسياسيا. ومن مظاهر الاستراتيجيات التي اتخذتها جماعة الإخوان المسلمين منذ إنشائها 1928 علي يد حسن البنا بمدينة الإسماعيلية ـ وحتي بعد تسجيلها كجمعية خاضعة لوزارة الشئون الاجتماعية وتطوير هيكل الجماعة سنة .1938
وفي نفس العام أعلنت مبادئها مستمدة من القرآن والسنة النبوية كجماعة سياسية ومن خلال القراءة في تاريخ الجماعة وأنشطتها وتورطها في الاغتيالات السياسية يمكننا أن نقسم أطوار هذه الجماعة منذ نشأتهاحتي اليوم.
(1928 ـ 1939) كانت الجماعة مهتمة بالإصلاح الأخلاقي والاجتماعي من خلال الدعوة ومن خلال التعليم.
(1939 ـ 1948) سيست الجماعة تدريجيا وتشكل لها ذراع عسكري تحت اسم (الكشافة) وتورط العديد من أعضائها في أعمال عنف داخل وخارج مصر.
(1948 ـ 1954) تعاونت الجماعة مع ثورة يوليو ـ وحدث صدام مع الثورة في محاولة الجماعة اغتيال جمال عبدالناصر في المنشية .1954
(1954 ـ 1971) تم تجميد نشاط الجماعة تماما وتم ملاحقة زعمائها وأعضائها ـ وأودعوا السجون والمعتقلات وجمدت كل الأنشطة وصفي التنظيم.
(1917 ـ 1981 استدعيت الجماعة مرة أخري للحياة السياسية المصرية وأطلق سراح الكثير من زعمائها حتي اغتيال الرئيس السادات علي يد أحد أبناء الجماعة في أكتوبر .1981
وتركزت الاستراتيجيات طويلة المدي للإخوان المسلمين علي التعليم لتحقيق أسلمة المجتمع ـ واهتمت الاستراتيجيات الرئيسية الأخري بالسيطرة علي المهنيين والانتخابات والعمل الاجتماعي.
أما السيطرة علي النقابات فهي استراتيجية قديمة جديدة. ففي الأربعينيات من القرن الماضي حاول الإخوان الحد من الدور المتنامي للحركة الشيوعية بين العمال في النقابات. وتحدثوا عن العدالة الاقتصادية والاجتماعية, والمسئولية الاجتماعية للأخوة الإسلامية, والسيطرة علي رأس المال الأجنبي في الاقتصاد المصري. واحتدمت منافسة الإخوان مع الشيوعيين, وقدم الإخوان المفاهيم الإسلامية للعمل والعدالة الاجتماعية ولكنهم رفضوا مفهوم الصراع الطبقي وشكلوا لجانا بديلة بين العمال في مصنع شبرا الخيمة للنسيج. وفي بعض الحالات تحالف الإخوان مع الشيوعيين ضد الحكومة عندما كانت تلك القضايا تساند أجندتهم الإسلامية. ويلاحظ بينين Beinin أن المواجهة بين الإخوان المسلمين والشيوعيين في شبرا الخيمة في 1945 و1946كان له دلالة كبيرة علي الحركة المصرية التي اشتعلت عقب الحرب الهادفة للتحرر الوطني والاجتماعي. وعلي الرغم من افتقار الإخوان لبرنامج متطور بشكل جيد, إلا أنهم لم يمنعوا عن ممارسة بعض التأثير في حركات اتحاد التجارة في الأربعينيات.
ويعلق رفعت السعيد أن اتجاه الإخوان نحو الإضرابات دفع المراقبين للاعتقاد بأنهم كانوا متعاونين مع قوات الأمن. وهو يعتقد أن الاستراتيجية الرئيسية للإخوان بين العمال كانت تقوم علي إحداث توازن بين مصالح الملاك ومصالح العمال. وهذه الاستراتيجية دفعت الإخوان للتساهل والتراضي مع الدولة ضد العمال. وغير أنهم في الفترة التي أعقبت ثورة 1952, حاولوا إدماج المفهوم الاجتماعي للإسلام بسياسة الدولة في تلك الفترة. ويتوصل رفعت السعيد إلي أنه بالرغم من قدرة الإخوان علي النجاح في نقابات المهندسين والأطباء, إلا أنهم فشلوا في النقابات العمالية.
تذبذبت العلاقة بين الإسلام السياسي والاشتراكية ما بين التعاون والعداوة. وتركزت استراتيجيات الإخوان المتعلقة بالانتخابات علي السيطرة الإسلامية علي النقابات واتحادات الطلاب. وتلاحظ سناء المصري أن حركة الإخوان المسلمين لم تكن فعالة في النقابات العمالية لضآلة خبراتها بمشكلات العمال, وكذا بسبب تحالفاتها السابقة مع الدولة ضد إضرابات العمال. وتري الباحثة أن الإخوان انقادوا بأيديولوجيتهم الدينية ومصالحهم الاقتصادية الخاصة ولم تكن تعنيهم مصالح الجماهير بدرجة كبيرة, وهذا الموقف الذي تفترضه سناء المصري كان دائما مثار جدال شديد.
وللحديث بقية…….
Hammad [email protected]