تواجه أمريكا اللاتينية أكبر أزمات النزوح في العالم. فقد فر أكثر من خمسة ملايين فنزويلي من بلادهم وهناك ما يقرب من ثمانية ملايين كولومبي من النازحين داخلياً و 340,000 نازح داخلياً في شمال أمريكا الوسطى وأكثر من 100,000 لاجئ وطالب لجوء من نيكاراجوا.ويعيش معظم اللاجئين وطالبي اللجوء في أمريكا اللاتينية في المناطق الحضرية أو على طول الحدود. ويعمل الكثير منهم في قطاعات غير رسمية، غالباً بعيداً عن شبكات الأمان الاجتماعية.
في هذا السياق صرحت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بأن تدابير الإقفال للوقاية من تفشي فيروس كورونا سارس2، تسببت في خسائر مفاجئة لهم من حيث الدخل. ووفقاً لبياناتنا لعام 2019، قال 80% من اللاجئين والمهاجرين الفنزويليين الذين تمت مقابلتهم في ذلك الوقت بأنهم يعملون دون أي ترتيبات تعاقدية، ويعتمد الكثير منهم على الاقتصاد غير الرسمي من أجل البقاء.وفي ظل عدم قدرتهم على سداد رسوم الإيجار وشراء الطعام أو الدواء، يجد العديد من هؤلاء أنفسهم عرضة لخطر التشرد أو الطرد من السكن. وتتزايد أعداد الفنزويليين الذين لا مأوى لهم والمعدمين يوماً بعد يوم في كولومبيا والبرازيل والإكوادور والبيرو وتشيلي والأرجنتين. ويلجأ البعض الآن إلى بيع الجنس من أجل البقاء، والتسول أو البيع في الشوارع، فيما قد يقع البعض الآخر فريسة للمهربين والجماعات المسلحة غير الشرعية.
ومع تزايد الخوف والاضطرابات الاجتماعية، فإن مستوى كراهية الأجانب والتمييز في جميع أنحاء المنطقة آخذ في الارتفاع. وغالباً ما يكون اللاجئون الذين يحاولون تدبر أمورهم المعيشية من خلال العمل في الشوارع أو في القطاع غير الرسمي غير قادرين على الامتثال لتدابير الحجر الصحي، ويتم استخدامهم ككبش فداء أو وصمهم أو تعرضهم لخطر الاعتقال.
وتقول المفوضية السامية أنه :”في الأسابيع القليلة الماضية، شهدنا أيضاً عدداً من الفنزويليين الذين يحاولون العودة إلى بلادهم لعدم تمكنهم من تغطية الاحتياجات الأساسية مثل المأوى والغذاء والرعاية الصحية. وتقوم المفوضية بتوسيع نطاق الاستجابة للتخفيف من تأثير فيروس كورونا على هؤلاء السكان، وتوفير دعم نقدي إضافي، ورفع الطاقة الاستيعابية للمآوي، والعمل مع الحكومات والشركاء على إدراج اللاجئين والمهاجرين في برامج الحماية الاجتماعية.
الجدير بالذكر أن أكثر من 3 ملايين فنزويلي هجروا بلادهم في السنوات الأخيرة، نتيجة الجوع وشح العناية الصحية والبطالة واستشراء الجريمة.، وبدأت أزمة اجتماعية واقتصادية وسياسية في فنزويلا في عام 2010 تحت رئاسة هوجو تشافيز واستمرت تحت الرئاسة الحالية لنيكولاس مادورو. والوضع الحالي هو أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ فنزويلا وأحد أسوأ الأزمات في الأمريكتين، مع تضخم جامح وارتفاع الجوع والمرض والجريمة والوفيات والهجرة الهائلة للبلاد. وقال المراقبون والاقتصاديون إن الأزمة ليست نتيجة صراع أو كارثة طبيعية، بل عواقب السياسات الشعوبية التي بدأت في ظل الثورة البوليفارية لإدارة تشافيز، مع ذكر مؤسسة بروكينجز بأن “فنزويلا أصبحت بحق مثالاً رئيسًا على الكيفية التي يمكن أن يؤدي بها الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية والحكم غير الديمقراطي إلى معاناة واسعة النطاق”.