تتضمن الصحة النفسية الشعور بالسعادة فالشخص المتمتع بالصـحة النفسـية سـعيد في حياته والواهن نفسيا شقى في حياته، والشعور بالسعادة مسألة نسبية تختلـف مـن شـخص إلى آخر فهى مشاعر ذاتية تتأثر بنضج الشـخص وحاجاتـه وأهدافـه وطموحاتـه، وتعد الحاجات والطموحات احد معطيات البيئة سواء الفيزيائية او الاجتماعية، وبالتالي يرتبط كحل من السعادة والصحة النفسية بجودة البيئة المحيطة ارتباطا وثيقاً، حول هذا الارتباط قدمت ا.د. حنان زيدان استاذ الصحة النفسية ورئيس قسم العلوم التربوية والإعلام البيئي بكلية الدراسات والبحوث البيئية جامعة عين شمس ، ورقة بحثية حول البيئة والصحة النفسية وتاثيرهما على السعادة.واتخذت من ظاهرة تغير المناخ نموذجاً، جاء ذلك خلال مؤتمر البيئة من اجل السعادة الذي نطمه المجلس الاعلى للثقافة، لجنة البيئة والجغرافيا، اليوم.
تقول “زيدان” في ورقتها ان : بينما يواجه العالم أزمة الكوكب المتمثلة في تغير المناخ، هناك قلق متزايد بشأن تأثير هذه الأزمات على الصحة النفسية. واستشهدت زيدان بالدراسات الحديثة الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة وشركائه أن كل شيء بدءاً من تغير المناخ والضوضاء وتلوث الهواء وصولاً إلى التلوث الكيميائي يؤثر على صحة الناس النفسية، وبالتالي على سعادة ورفاه الانسان، الذي يحاول جاهدا التغلب على ما يواجهه بعدة استراتيجيات منها الانكار، والانكار هنا ليس انكار الظاهرة ولكنه انكار تاثيرها السريع عليه محاولة منه للتعايش قبل بلونغ الاثار السلبية اليه، مثلما فعل الناس في مواجهة جائحة كورونا.
وتابعت حنان زيدان: ان ضمن الاستراتجيات للتغلب على ما يسببه تغير المناخ باعتباره ازمة الكوكب، هو المرونة لتعديل السلوك، والتكيف مع تغيرات البيئة التي تحدث نتيجة تاثير الظاهرة، فالبيئة الصحية عنصرًا رئيسيًا لصحة الإنسان ورفاهيته، واشارت د. حنان زيدان انه وفقا فريق حكومي دولي معني بتغير المناخ مؤخرًا إلى الارتفاع المتوقع في تأثيرات الصحة النفسية بسبب التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة والظواهر الجوية الشديدة والخسائر الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالمناخ، فضلاً عن القلق والضيق المرتبط بالمخاوف بشأن أزمة المناخ. لذلك يجب اكتساب المرونة اللاومة مع اثار تغير المناخ، واهمها تعديل السلةكيات تجحاه البييئة، عبر خفض استهلاك الفرد من الموارد الطبيعية “الطاقة والمياه”، التخفيف من استخدام المواد والسوائل والممارسات التي تنتج غازات مسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وتسمى الغازات الدفيئة اي التي تتسبب في تسخين الجو، ولا تستطيع الارض التخلص منها خارج الغلاف الجوي .
بالرجوع الى تقرير آفاق عام 2022 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أنه مع نمو المدن، فإن التعرض لفترات طويلة لمستويات عالية من الضوضاء الناجمة عن الطرق والسكك الحديدية والمطارات والصناعة يضر بالصحة النفسية للأشخاص من خلال التسبب في اضطرابات في النوم، وتشير التقديرات إلى أنه في أوروبا، يعاني 22 مليون شخص من إزعاج مزمن من الضوضاء، ويتأثر 6.5 مليون باضطراب النوم. كبار السن والحوامل والعاملين بنظام النوبات هم الأكثر عرضة للخطر.وتسلط الدراسة الضوء على الطرق الطبيعية لتحسين الصحة النفسية وتخفيف الآثار الضارة للتلوث الضوضائي، مثل زراعة النباتات في البيئات الحضرية لامتصاص الطاقة الصوتية، وتقليل نشر الضوضاء وتقليل الضوضاء في الشوارع.
ويمكن أن يكون لأحزمة الأشجار والشجيرات والجدران الخضراء والأسطح الخضراء تأثيرات بصرية إيجابية وتساعد على تضخيم الأصوات الطبيعية من خلال جذب الحياة البرية في المناطق الحضرية. وتجلب بعض الأصوات، خاصة تلك الصادرة عن الطبيعة، فوائد صحية لأنها يمكن أن تشير إلى بيئة آمنة تقلل من الشعور بالقلق.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تعد نوعية الهواء من بين العديد من المحددات البيئية والاجتماعية والاقتصادية للصحة النفسية. وتظهر الأبحاث أيضاً أن المستويات العالية من الجسيمات الدقيقة القابلة للاستنشاق المعروفة باسم (PM 2.5) يمكن أن تعيق أيضًا التطور المعرفي لدى الأطفال. ويُظهر تقرير اليونيسف المعنون ’’خطر في الهواء‘‘ أن التعرض لمستويات عالية من تلوث الهواء يمكن أن يؤدي إلى مشاكل نفسية وسلوكية في وقت لاحق من الطفولة، بما في ذلك اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط والشعور بالقلق والاكتئاب.