يحثنا بولس الرسول بقوله:إن كان أحد لايريد ءأن يشتغل,فلا يأكل أيضا2 تسالونيكي3:10 وكتب علي إحدي اللوحات بإنجلترا: أنت لست شابا: إن كنت تفكر في الماضي أكثر مما في المستقبل, ولا تبالي بكل ما هو جديد! إن كنت تتمني الكثير ولا تجرؤ أن تباشر شيئا, وتعلق علي المال أهمية أعظم مما علي الأهداف السامية! إن كنت تشك في إخلاص الغير وتلجأ إلي الشكوي والتذمر بدلا من التضحية!إن كنت تفتح قلبك للحسد والغيرة بدلا من أن تبدي إعجابك مما لاشك فيه أن العمل أولا ثم الأمل بعد ذلك, فحياتنا مليئة بالكلام والوعود دون أفعال,لكن الكلام كأوراق الشجر الكثيرة تخفي ثمارا أقل, إذا هيا بنا للعمل ونتطلع إلي ما هو صعب ومستحيل لتحطيمه, وإلي ما هو سام للوصول إليه, وما هو بطولة لتحقيقه .
لذلك لا يستطيع أحد أن يعتذر لصغر سنه أو قلة كفاءته حتي لايقدم شيئا مفيدا وهادفا, ويقول المثل:اغرس اليوم شجرة, تنم في ظلها غدا فهناك أمثلة عديدة من الأشخاص الذين يعود سبب نجاحهم وتفوقهم إلي أنهم عرفوا كيف يستغلون أوقاتهم, ويضعون كل طاقاتهم في العلم والتقدم والبطولة,كل واحد منا يتحلي بمواهب عظيمة منحه إياها الله تعالي, لذلك عليه أن يعزم عزما صادقا علي النجاح في الحياة, وأن يبذل كل ما بوسعه ليكتسب كل يوم شيئا جديدا, وأن يقوم بكل عمل يرضي الله عنه, وأن يكون لخير الآخرين, للأسف هناك الكثيرون الذين يتمتعون بملكات كثيرة ولكنهم يدفنون مواهبهم, فنحن بحاجة إلي الإرادة القوية التي تزيل الصعاب وتصل بنا إلي البطولة, ويتفاوت الناس في النجاح والبطولة بمقدار ما فيهم من إرادة, لأن الإرادة تتقوي بالعمل الدائم, والتخلي عن أشياء كثيرة تافهة في حياتنا اليومية, وكما يقول المثل:الذي يستطيع يعمل… ولكن من لايستطيع ينصح فقط!
لكن يجب علينا أن نتحلي بالإيمان القويم بالله والثقة في محبته, وأن نحرص علي تغذية عقولنا وإنارتها بالعلم والقراءة والبحث, كما نسعي إلي القيام بالأعمال التي ترضي الله وتفيد الآخرين, إن حياة الإنسان هي صراع متواصل منذ استيقاظه حتي أن يخلد للنوم, ولا يصمد أمام هذا إلا الشخص العالي الهمة, ذو الأخلاق النبيلة, وصاحب القلب العامر بالإيمان, فالبطل الحقيقي هو من يصمد إزاء كل ما يعوقه عن القيام بعمله, ويسعي إلي تحقيق رسالته علي أكمل وجه, حتي يصل إلي فراشه ليلا ويختلي بنفسه شاكرا الله علي كل ما قدمه طوال النهار من خير وصلاح ثم ينام في سلام ليستيقظ في الصباح الباكر بهمة الأبطال الصالحين, كما يجب علينا أن نتمرد علي الكسل والروتين ونبذل أقصي ما في وسعنا لنكسب قوة وحيوية لعطاء أفضل, والإنسان الطموح هو يقظ دائما لايغمض له جفن, لايبالي بوهن, ولا يشبع من بحر المعرفة والعلم والثقافة, ونجد شعاره الدائم: عندما أستطيع الأحسن لايعود يهمني الشيء الحسن ولا يكون هناك طموح بدون انفتاح علي ثقافة الغير ومطالعة سير الرجال العظام, والتغذي بخبراتهم لنكمل مسيرتهم, ولنتعلم من قول نابليون الرائع لمن يتلمس الأعذار:لا أعرف!- تعلم! صعب!-حاول! لا أستطيع! أبدا! مستحيل! هذه الكلمة لاتوجد إلا في قاموس الفاشلين فالبطولة الحقيقية هي أن نتخلي عن عادات سيئة فينا مثل: الكذب والغش والنفاق والحقد, ثم نتحلي بعادات جديدة حميدة كالصدق والأمانة والإخلاص واحترام الغير والتفاني في العمل, لأن البطل الحقيقي بفضائله وحكمته وطموحه.. وأعظم مظاهر البطولة هي قوة الإرادة والسيطرة علي الأهواء والشهوات, وكما يقول الشاعر:إن الشبيبة نار إن أردت بها أمرا, فبادرة إن الدهر مطفيها فبالرغم من حيوية وثروة وقوة الشباب, لكنه سريع العطب, لذا يجب الاستفادة من مواهبة وإمكانياته وتنميتها.
إذا يحتاج كل واحد منا منذ حداثة سنه إلي قوة الإرادة أكثر من أي شيء آخر, لأن الحرية والاستقلال في سن مبكرة لاتصنع الرجولة, بل تقتلها فالطفل كالنبتة التي تربط إلي وتد, فإذا كان هذا الرباط يزعجها ويضايقها لكنه يساعدها علي النمو مستقيمة لتصبح شجرة, وهكذا يتم مع الشباب حتي يصلوا إلي مرحلة النضج الحقيقية والتمييز في اختياراتهم وأعمالهم,لأن العمل الطيب كالشجرة, عميقة الجذور كثيرة الفروع, ونختم بكلمات نابليون: إذا صمم إنسان علي النجاح, فلا شيء في الدنيا محال.