وإنما الدينونة هي:أن النور جاء إلي العالم,ففضل الناس الظلام علي النور,لأن أعمالهم كانت سيئة(يو3:19).هذه الكلمات تفوه بها السيد المسيح ليكشف الذين رفضوا النور بسبب أعمالهم السيئة,ولكن إذا تأملنا واقعنا الحالي وما يدور في هذا العالم وهذا الزمن,نكتشف النقيض تماما بالنسبة لكثير من الأشخاص إنهم يقومون بأسوأ الأعمال ويتفننون في ارتكاب الفظائع,كما أنهم ينادون بالعنف والبغض ويعيشونه كل لحظة,ويفعلون كل هذا في النور ويروجونه في الإعلام ووسائل الاتصال الاجتماعية دون خجل,كما أنهم يشعرون باللذة في تسليط الأضواء علي هذه السلبيات دون حمرة الوجه,كما لو كانوا يتعمدون إلي الدعاية والإعلان لنشر وترويج كل هذا والافتخار به.وعلي الصعيد الآخر نري الذين يقومون بأعمال الخير والإحسان,يفضلون الخفية والصمت حتي لايراهم الناس,فإنهم ليسوا بحاجة إلي دعاية أو إعلانات,ولكن كل ما يهمهم هو الله الذي يري في الخفية ويقدر أعمالهم ويباركهم.
ومع ذلك نري البعض يفضلون النور لإفشاء أعمال الغير السيئة حتي يتم فضحهم أمام الجميع,لكنهم لايقبلون أن يعلم أحد بأعمالهم المشينة حتي تظل في الخفاء ولايصبحون سخرية للآخرين ويقول المثل المأثور:معظمنا ينظر للناس بعين الناقد والمدين,ويرفض أن يراه الناس هكذا هؤلاء ينادون بالصدق والشفافية ولكن لكشف عيوب الغير,أما بالنسبة لعيوبهم فلا يعطونها اهتماما ويتذمرون عندما يكتشفها أي فرد أو يتحدث عنها,لذلك أفضل وسيلة لتجنب الكوارث التي نقوم بها هي ألا نفعلها,وإذا أردنا أن لانعثر الآخرين يجب أن نتعثر نحن من أخطائنا حتي نتوقف عنها.إن كلمة الله تساعدنا علي كشف خطايانا وأخطائنا وبمعني أدق خطايا كل واحد منا لأننا تعودنا أن نبحث عن التبريرات لأعمالنا ونجتهد في اكتشاف عيوب الغير مدعين بعثرتنا مما يفعلونه,ونريد أن نخفي عيوبنا أمام الغير حتي نظهر أمامه بأننا كاملون.وفي هذه اللحظة تنزل علينا كلمة الله قائلة لكل واحد منا:أنت الخاطئ ,أنت هذا الإنسان,ليس أحد آخر سواك هو المسئول عن هذه الخطيئة لذلك إذا أراد كل منا أن يشعر بغفران الله,يجب عليه أولا أن يقوم بمواجهة ذنوبه أمام كلمة الله.
لن يستطيع أحد أن يتذوق طعم غفران الله إلا إذا شعر بخطيئته مرددا مع داود النبي:ارحمني يا الله كعظيم رحمتك(مز50:1) وفي هذه اللحظة سأكتشف عمق رحمة الله وغفرانه وفظاعة خطيئتي إذا يجب علي كل واحد منا ألا يشغل باله بالرأي العام والفلسفة فيما تعنيه كلمةالشر ولكن يهمه فقط نظرة الله لخطيئته وعندما يشعر الإنسان بنزواته وأخطائه,ولايفتخر بها كإنها إنجازات سيتدخل الله وسيظهر له حبه العظيم اللامحدود.أيضا كلمة الله لاتقف عند كشف أخطاء الإنسان,ولكنها تتجسد لتبحث عن الخاطئ,ليس لدينونته ولكن لخلاصه:فإن الله لم يرسل ابنه إلي العالم ليدين العالم,بل ليخلص به العالم(يو3:17) ونلاحظ أن المرضي كانوا يأتون بأنفسهم للسيد المسيح ولكنه كان يبحث عن الخاطئين ويأكل معهم ويمكث بينهم,حتي ولو كان يشكك الذين يدعون الكمال حتي أنه كان يتقابل مع الخاطئين وجها لوجه وليس علانية حتي يعيدهم إلي الطريق القويم ونختم بالقول المأثور:إذا كان شر الإنسان عظيما,فرحمة الرب أعظم.