يقول سفر الأمثال:اسمع يا بني,تأديب أبيك ولا تنبذ تعليم أمك, فإنهما إكليل نعمة لرأسك وأطواق لعنقك(1:8-9).
في غضون أيام قليلة سنحتفل بمناسبة غالية علي قلوبنا, ألا وهي عيد الأم وعيد الأسرة.
ومن ثم نستطيع أن نلقي الضوء علي الدور المهم جدا الذي تقوم به الأم في محيط الأسرة والمجتمع, وهنا لا نقلل من دور الأب الذي يعمل نهارا وليلا لخير أسرته, لذا يجب علي الأبناء طاعة والديهم واحترامهم وتقديرهم.
يحكي عن طفل سأل والدته:لماذا تبكين دائما؟ أجابته:لأني امرأة! فقال الابن:لم أفهم ماذا تقصدين, فاحتضنته أمه وقالت له:ولن تفهمه أبدا ثم سأل الابن والده:لماذا تبكي أمي بلا سبب؟أجابه:جميع النساء تبكين بلا سبب وعندما نضج الولد وأصبح رجلا كان يجهل سبب بكاء النساء, ولكنه في نهاية الأمر سأل أحد المعلمين:لماذا تبكي النساء؟ أجابه:عندما خلق الله المرأة, جعل لها أكتافا قوية جدا, لتحمل أثقال العالم, ومنحها ذراعين ناعمتين وحنونتين لتعطي الراحة, وأعطاها قوة داخلية لتحتمل فترة الحمل وولادة الطفل, كما أنها تقبل في صمت جحودهم عندما يكبرون, وأعطاها صلابة لتحتمل أعباء أسرتها وتعتني بهم, وتبقي صامدة في أصعب الظروف دون تذمر, وعندما يفشل الجميع وييأسون, تبقي أيضا صامتة, كما وهبها قلبا محبا لأطفالها بلا حدود ولا تغيير, حتي وإن كانوا سبب ألم لها, ومنحها قوة الحب لزوجها لتعتني به, مع قلب ينسي الإساءة, لأنها أخذت من الضلع القريب من قلبه, كما وهبها الحكمة لتقتنع أنها متزوجة من زوج طيب, لا سيما عندما تحل علي البيت أزمات صعبة, أخيرا… أعطاها الدموع لتذرفها عند الحاجة, فتلقي بأحمال هذه المسئولية الكبيرة, لتستطيع أن تواصل الرحلة, وهذه هي نقطة ضعفها الوحيدة.
إذا يجب علي الأبناء أن يشعروا بدور الأم التي وهبها الله قوة التحمل للآلام والمشقات من أجل الحب والحفاظ علي كيان الأسرة, فالأم هي الإنسانة العجيبة التي لا مثيل لها, فقد خلقها الله من معدن الخير, ورواها بالحب والحنان والرحمة, فهي القلب الطيب الذي نسج الله من أليافه الطاهرة كل ما فينا من لحم وعظم, أنها رمز العطاء اللا محدود, فقد منحها الله عينين تعبر بهما عن حبها دون أن تتفوه بأي كلمة, وبهما تقول في صمت لكل شخص من أفراد أسرتها:أنا أحبك وأثق فيك وأصدقك وأقدر ظروفك, وأشعر بآلامك وأقبلك مهما كانت عيوبك,وأفرح بنجاحك وأهتم بأمرك, ورأي جمال داخلك المخفي عن عيون الآخرينكما أن الله وهبها أذنين لتسمع صوت الآخرين, وتنصت لكلماتهم, وتصغي لأناة قلبهم, وتلتقط همساتهم, لقد منحها الله فما تدعو به بالخير, وتنطق بالحق, ولا تتسرع في الحكم علي أحد, ووهبها الله ابتسامة مهما كانت الظروف المحيطة بها, لتجتاز آلامها وتصل بواسطتها إلي القلب, وتبعث في حياة الجميع بهجة وسلاما وطمأنينة ودفء.
وبهاتين اليدين الناعمتين تفيض خيرا وحنانا وعطاء وخدمة بدون ملل أو كلل.
كما أن قلبها يحنو علي الجميع ويمدهم بالحب والغفران.
لذلك نطلب من الله أن يساعدنا لكي نري في كل امرأة ما وراء الجمال الخارجي, ونستشف روح التضحية والحنان والحب, فالأم الحقيقية لا يقتصر دورها وحنانها علي بيتها وأبنائها فقط, بل تعتني بالجميع وتسهر علي تربيتهم,مما لا شك فيه أن الأم كائن استثنائي خارق الطبيعة, ومهما بدت ضعيفة,إلا أنها علي أتم الاستعداد لحماية بنيها وبناتها من أي خطر أو أذي يلحق بهم, فالأم هي كل شيء في الحياة: التعزية في وقت الضيق, والرجاء في لحظات اليأس, والقوة في الضعف, والحضن الدافئ الذي نسند إليه رأسنا, واليد التي تباركنا, والعين التي تحرسنا, والقلب النابض بالحب دون أي مصالح شخصية, كم من المرات العديدة التي نري فيها الأم تضع نفسها في نهاية القائمة عندما يتعلق الأمر بالطعام والشراب والملبس والراحة والعلاج؟ لذلك فالأم هي إشراقة وسعادة علي وجه أبنائها, وهي الملاك الذي أقامة الله إلي جانب كل إنسان, رضاها هي رضي الله وبركتها بركته, إذا نجاح الأسرة ينبع من دور كل واحد فيها, وليست تضحة الوالدين فقط التي تكافئ أحيانا كثيرة بجحود الأبناء, وفي هذه المناسبة السعيدة نطلب من الله أن يبارك جميع الأمهات والآباء, وكل امرأة ورجل, ويمنحهم الصحة والسعادة والعمر الطويل, وكل عام وجميع الآباء والأمهات بخير وسلام وصحة وبركة.