يقول القديس بولس:ولما كنا عندكم أعطيناكم هذه الوصية مرارا, وهي أنه إذا كان أحد لا يريد أن يعمل فليس له أن يأكل(تسالونيكي3:10).نحن نصطدم بشباب في قمة الحيوية وبصحة جيدة, إلا أنهم يعيشون في بيوتهم كنزلاء بالفندق. يستيقظون صباحا تاركين فراشهم دون ترتيب أو تنظيم, حتي تقوم الأم بهذا كل يوم في صمت, ويرتدون ملابس الخروج تاركين الأخري شمالا ويمينا في كل ركن من الحجرة معتمدين علي الأم التي ستتولي جمعها وغسلها وكيها ووضعها مكانها دون أن تفتح فاها.وبعد عودتهم من اليوم الدراسي يطلبون الطعام في غرفتهم ليتناولونه ثم يتركون الأطباق والأكواب دون غسلها, منتظرين حضور الأم للقيام بهذا الدور. يدخلون غرفهم ويسهرون علي الشات والتويتر والفيسبوك والانستجرام وغيرها, طالبين المشروبات الساخنة أينما تواجدوا, وتقوم الأم بكل هذا في صمت وابتسامة دون تردد ثم تأتي لحظة النوم فيخلدون إليها, ومن الممكن ألا يتقابلوا مع أفراد الأسرة أو يتكلموا معهم. هؤلاء الشباب لايساهمون أبدا ولا يشاركون في أي مسئولية أو مبادرة ولو بالقليل.كيف يتركون المكان الذي يحتضنهم في فوضي, ولا يقبلون أي ملاحظة من أحد؟ لكن حينما لا ينال إعجابهم الطعام, يتذمرون ويصرخون وينفعلون وإن لاحظوا أي شيء في البيت بحاجة إلي تغيير أو إصلاح أو ترتيب, يلقون هذه المسئولية علي الوالدين, معتبرين وجودهم في البيت للأكل والشراب والنوم والتسلية والمصروف الشخصي وغير ذلك ولا يهمهم أن الوالدين مضغوطان بما يفوق طاقتهما. أحيانا كثيرة يقع الوالدان في حيرة حيال هذه التصرفات والبعض منهم لا يريد أن يتعب أولادها لذلك يجب علي الآباء والأمهات أن يعودوا أبناءهم علي المشاركة في أعمال المنزل, ويقومون بالواجبات اليومية خلاف ذلك لن يستطيعوا بناء أسرة أو بيت فيما بعد أو تحمل مسئولية الزوجة والأولاد في المستقبل. إذا يجب توعية الشباب حتي يصلوا إلي مرحلة النضح والشعور بالمسئولية نحو الوالدين وجميع أفراد الأسرة. كتب علي إحدي اللوحات بإنجلترا:أنت لست شابا:إن كنت تفكر في الماضي أكثر من المستقبل ولا تبالي بكل ما هو جديد! إن كنت تتمني الكثير, ولا تجرؤ أن تباشر شيئا وتعلق علي المال أهمية أكثر مما علي الأهداف السامية! إن كنت تشك في إخلاص الغير وتلجأ إلي الشكوي والتذمر بدلا من التضحية! إن كنت تفتح قلبك للحسد والغيرة بدلا من أن تبدي إعجابك. لذلك يجب أن يكون هدفنا العمل, لأن حياتنا مليئة بالكلام والوعود دون أفعال. إذا هيا للعمل أيها الشباب في كل محيط تتواجدون فيه, الأسرة والمدرسة والجامعة والعمل, ولا يستطيع أي شخص أن يعتذر لصغر سنه أو قلة إمكانياته وعدم معرفته فالإنسان يتعلم يوما بعد يوم من خبرة الحياة حتي أنه يكتسب المعرفة والنضج من صعوبات الحياة ومعاركها, لأن وجودنا علي هذه الأرض نعمة من الله ورسالة يجب أن نقوم بها بكل إخلاص وتفان حتي نترك أثرا وبصمة قبل أن نغادر هذه الدنيا, كما أننا نعيش وننمو علي آثار وبصمات من تعبوا من أجلنا وأفنوا حياتهم لنا, فليس من المقبول أن نعيش علي هذه الأرض من أجل ذاتنا وراحتنا فقط, وليس المقصود من العمل هنا تكريم ذواتنا وتمجيدها, ولكن من أجل خدمة البشرية لأن الحياة دعوة للعمل الجاد والمثمر لخير الإنسانية كل هذا يبدأ من الأسرة التي احتضنتنا وقدمت لنا جميع التضحيات من أجل خيرنا الأعظم كما يجب علينا ألا ننتظر مكافأة علي كل ما نقدمه لوالدينا وأسرتنا, أو نبحث عن تقدير الناس لنا أو نطمع في الأوسمة والألقاب لنتباهي بها, وكما يقول السيد المسيح:ينبغي لي أن أعمل أعمال من أرسلني مادام النهار. فسياتي الليل الذي لا يستطيع أحد أن يعمل فيه(يوحنا9:4). فالإنسان الذي يقوم بواجباته بكل إخلاص وأمانة سيشعر بالسعادة وراحة البال عما فعله, لأن العناء يزول بعد الانتهاء من العمل, بينما السعادة تظل باقية دائما والإنسان الذي يتهرب من واجباته ويشكو من عبء العمل يصبح كسلانا وخاملا ويائسا, فكل ما نقوم به من خير يجعلنا ننال بركة من الله الذي يعطي كل واحد حسب أعماله وتعبه وتضحيته, وسنربح حب الآخرين واحترامهم, وخلاف ذلك ستنقلب حياتنا إلي غم وهم وعدم الرضا بكل ما نملك أو نعمل. ونختم بالقول المأثور :اغرس اليوم شجرة,تنم في ظلها غدا.