حتى قرون قليلة مضت كانت اللغة العربية بين الاقباط ركيكة لا يجيدها الا العاملين بالدواوين الحكومية، و نلحظ هذا فى الأيقونات الاثرية المكتوب عليها باللغة العربية فنجدها ضعيفة فى الخط و التعبير و أحيانا حتى الهجاء . و الى عهد قريب كانت قرى بأكملها تتحدث بالقبطية كلغة دارجة و بالتالى فلا اختلاف على ان مدائح كيهك المكتوبة فى تلك العصور نظمت بصورة شعرية بدائية لكن مع هذا ما قصد من معانيها مفهوم بصورة صحيحة حتى و ان كان التعبير عنه غير منضبط لغويا ، فمثلا حين يقول المرنم عن العذراء “غالت فيك المداح” واضح انه يقصد تبارت فيك المداح اى كل منهم يريد ان يمدحك بأحلى ما عنده من اوصاف مع ان لفظ يغالى معناه فى المعجم يزيد عن الحد كأن نقول مثلا غالى البائع فى الثمن أى طلب ثمنا أكثر مما يستحق و مع ذلك كل المسبحين تسبحة كيهك قديما و حديثا لا يقصدون طبعا بكلمة غالت فيك المداح أى اعطوك مديح اكثر مما تستحقين، وغيرها الكثير من الأمثلة يضيق المجال هنا عن ذكرها ، فو إن كنت أتمنى أن يأتى اليوم الذى فيه تنقح و تنضبط اللغة فى التسبيح لكن هذا لمو لن يمنعنى من بهجة المشاركة الروحانية الشغوفة للتسبحة دون الوقوف على الحرف.
لكن ما دفعنى بشدة لكتابة مقالى هذا أن البعض اتخذوا هذا ذريعة للتشكيك فى جوهر الألقاب نفسها التى توصف بها العذراء القديسة بحجة انها صفات او اعمال تختص بالله وحده، و لأول وهلة يبدو الكلام منطقيا جدا خاصة مع ظهور فكر استعلائى هذه الأيام علي الاجيال السالفة و ينظرون الي جيلنا الحالي علي انه جيل الفكر المستنير، ومع هذا دعونا نقيس و نزن هذا الفكر بمعطيات الوحي المقدس قارنين الروحيات بالروحيات ، فمن جهة الصفات نجد على سبيل المثالالرب يسوع يصف نفسه “أنا هو نور العالم” و فى نفس الوقت يقول عن المؤمنين نفس الصفة المختصة به “أنتم نور العالم” و حاشا للرب يسوع ان يكون قد أخطأ فى وصفه للمؤمنين بصفة تخص الله وحده أو أنه قد ساوى بيننا و بين الوهيته، فواضح ان نور البشر نسبى كنور القمر المستمد من الشمس و الفرق بين المطلق الخاص بالله جل اسمه و النسبى الخاص بالبشر من البديهيات التى لا تحتاج لتوضيح .
لقد خلقنا الله على صورته و مثاله و من الرائع انه يفرح حين نكون “مشابهين صورة ابنه” ( رو٢٩:٨ )
و بنفس القياس مع ان الله مصدر كل نعمة لكن لا مانع ان اقول لشخص بار انت نعمة اعطاها الله لى فنقول للعذراء [ انت نعمتنا ] أو أن أقول للإنسان الذى عرفنى طريق البر انت النجدة و الخلاص التى خلصتنى من طريق الخطية فنقول للعذراء [خلاص جنسنا – خلصت آدم- عتقت العالم …..].
اما من جهة الاعمال التي تخص الله وحده فهناك مثالا صارخا هو غفران الخطايا ، فمن يغفر الخطايا الا الله وحده؟!! ومع هذا نجد ان الله يقول لتلاميذه “من غفرتم خطاياهم غفرت” فهل تساوى التلاميذ مع الله في غفران الخطايا؟ او هل أخطأ الرب يسوع التعبير ؟حاشا لكن لان المعنى المقصود اوضح من ان يوضح و ابسط من ان يبسط و هو ان الغفران و محو الخطية يخص الله وحده و بصلاتكم يغفر الله كما غفر الرب قديما لاصحاب ايوب بصلاة ايوب و كما طلب موس النبى من الرب “اصفح عن ذنب هذا الشعب” و الشئ المذهل ان الرب يجيب “قد صفحت حسب قولك” (عد ١٩:١٤ ) و امثلة كتابية كثيرة بنفس المفهوم
اذن فلا غضاضة و لا مانع و لا امر يعارض الفكر اللاهوتى او العقيدة الايمانية ان اطلب من ام الله ان تصلى لغفران خطاياى
فأرجوكم لا تقفوا عند الحرف الذى قال عنه الرب يسوع الحرف يقتل ،
المهم الوصول للمعنى و إلا دخلنا فى تصيد بغيض يفسد بساطتنا فى المسيحفكونوا حكماء كالحيات لفهم المعنى الاقرب المقصود ،بسطاء كالحمام معرضين عن “مخالفات العلم الكاذب الاسم” (١تي ٢٠:٦ ).
دعونا ننطلق بالتسابيح و نتمتع بمذاقها الروحى الذى لا تخطئه القلوب المختونة و المختومة بدم المسيح له المجد و برهان الروح كفيل بأن يجيب على استفهاماتنا.